الجزائر وسياسة تصفية الحسابات
تولوز- المعطي قبال
العلاقة بين فرنسا والجزائر تسير على أسنان منشار كما تقول العبارة الفرنسية. تسير مخلفة جسدا مبتورا ومدمى باستمرار. بعد أن اعتقد أكثر من محلل وخبير أن هذه العلاقة ستخرج من نفق الحقد الدفين لتوضع على سكة مستقيمة يتخلص بموجبها الجزائريون من عقلية البغداء وعقد صلح مع «عدو الأمس».
ثمة شعور سائد لدى الجزائريين المقيمين بفرنسا مفاده انه على فرنسا تأدية ثمن الاستعمار. لذا وهم بعين المكان لا يزالون لم يخرجوا بعد من فكر «تصفية الاستعمار». الحلقة التي نعيش فصولها الآن تندرج إلى حد ما في هذا السياق وذلك مع اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء وتأكيد بوعلام صنصال على أن الحدود الغربية تعود لصالح المغرب وقد تم فصلها عن البلد الأم من طرف الاستعمار الفرنسي.
كانت النتيجة هي سخط الجزائر على فرنسا واعتقال بوعلام صنصال. بدل أن يجد هذا التشنج حله في أقرب وقت فضلت الجزائر استراتيجية التصعيد. ثم جاءت قضية المؤثرين الجزائريين لسكب البنزين على النار. بدون مراوغة صرح الرئيس الفرنسي في السادس من هذا الشهر بأن الجزائر تدخل في تاريخ يسيء لسمعتها بإبقائها للكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال في المعتقل. وطالب ماكرون بإلحاح إطلاق سراح ما أسماه بـ «مناضل الحرية (…) المعتقل بشكل تعسفي». جاءت هذه الخرجة ردا على النعت البغيض الذي أطلقه عبد المجيد تبون في حق بوعلام صنصال والذي وصفه بـ «المحتال». أشعل تصريح تبون النار في تدوينات الجزائريين أو الجزائريين-الفرنسيين وبالأخص المؤثرين منهم الذين يكنون عداء صريحا لفرنسا.
هكذا خرج مؤثرو الظل إلى العلن فيما رفع من هم معروفون من سقف تدويناتهم ومضمونها العدائي مع الدعوة إلى القيام بأعمال عنف وفوضى واعتماد لغة حقد تجاه فرنسا وكل ما تمثله. وإلى حد الآن طالت العدالة 6 من المؤثرين يوجدون في قبضة العدالة. ويشير بعض المحللين بأن أشخاصا مقربين من عبد المجيد تبون وعلى رأسهم رجل الأعمال المهدي جزار هم من يقود الحملة ضد فرنسا. بعد طرد وزير الداخلية للمدعو الدوالمن، البالغ 59 سنة، من مونبلييه في اتجاه الجزائر عاد هذا الأخير من النافذة. لكن بالرغم من حمله لجواز سفر ديبلوماسي أرجعته الجزائر من حيث أتى الشيء الذي دفع بالسلطات الفرنسية إلى اعتقاله. دفعت لعبة شد الحبل هذه بوزير الداخلية برينو روتايو إلى القول بأن الجزائر تسعى إلى إذلال فرنسا. بمدينة بريست شمال فرنسا اعتقل المدعو زازو يوسف المتهم بدعوته المنخرطين في حسابه إلى القيام بعمليات إرهابية.
في ضاحية غرونوبل دعا عسكري سابق المعروف في اسم عماد تانتان إلى قتل الخصوم بسبب الدين والعرق. بمدينة ليون تم الإبلاغ بثلاثة مؤثرين من بينهم امرأة، صوفيا بنلامان، وقد تم اعتقالها في التاسع من يناير.
وبناء على تصريحات بعض المعارضين الجزائريين يقيمون بفرنسا فإن علاوة على دعوتهم إلى «الانتقام» من فرنسا، يدعو هؤلاء المؤثرون عبر فيديوهات وتدوينات إلى ملاحقة ومعاقبة الجزائريين الذين ينتقدون النظام الجزائري.
بعد التقارب الفرنسي-المغربي واعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال تعمق الخلاف إذن بين البلدين ولا أحد يتكهن بمآله.. أما المغرب، وبفضل سياسته الرزينة والحكيمة فبقي بعيدا عن وضعية شد الحبل.