المدونات الشعرية لذاكرة الملحون.. الشيخ عمر بوري والزجال أحمد الشاهري

المدونات الشعرية لذاكرة الملحون.. الشيخ عمر بوري والزجال أحمد الشاهري

متابعات:

                   نظمت دار الشعر بمراكش، بتنسيق مع المديرية الإقليمية لقطاع الثقافة بتارودانت، تظاهرة ثقافية وشعرية في مدينة تارودانت وذلك يومي 24 و25 يناير بفضاء المركز الثقافي مولاي الحسن. وشهدت الفعاليات تنظيم الدورة السادسة للندوة الوطنية “ذاكرة شعرية.. احتفاء بديوان المغاربة”، في استدعاء بليغ لتجربتين تركتا بصمة وارفة في شجرة الشعر المغربي، ذاكرة الشاعر والفنان “الشيخ عمر بوري الروداني والزجال أحمد الشاهري”. وشارك في هذا اللقاء العلمي لذاكرة شعرية، ثلة من الأساتذة والباحثين: الباحث الدكتور المختار النواري، والباحث نورالدين الشماس والأستاذة الباحثة علية خليف السباعي، بينما سهر على إحياء الحفل الفني لذاكرة مجموعة الفنان عثمان الروداني.

وفتحت الندوة الوطنية “ذاكرة شعرية”، في دورتها السادسة، سجلا ثقافيا جديدا من ذاكرتنا الشعرية والثقافية الجماعية، ضمن سعي من دار الشعر بمراكش الى إرهاف هذه الذاكرة وانفتاحها على القراءة والاستقصاء والمقاربة. وانفتح برنامج الندوة، هذه المرة، على ذاكرة المدن والجهات الشعرية، في استدعاء لرواد الشعر المغربي من مختلف جغرافيات القصيدة المغربية. وخصصت الدورة الحالية ل “شيخ الملحون عمر بوري الروداني”.. أحد رواد فن الملحون، والذي سبق أن أصدر ديوانا شعريا عن منشورات “النادي الجراري” ومن تقديم عميد الأدب المغربي الأكاديمي الراحل عباس الجراري.

كما شارك، الى جانب ثلة من النظام والباحثين في إعداد أنطولوجيا الملحون، والتي أشرفت على إعدادها أكاديمية المملكة المغربية ضمن برنامج “تصنيف الملحون كتراث لامادي للإنسانية”. وبين مراكش وتارودانت، تجمع رحلة الشيخ عمر بوري مسارا خصبا في التأليف والنظم، في إغناء ديوان المغاربة فن الملحون، بدرر وقطع شكلت رافدا أساسيا في الذاكرة الفنية والشعرية للمغاربة. مسار عمر بوري امتد عبر رحلة طويلة قادته من النضال السياسي ضد المستعمر، ثم هجرته الى فرنسا وبلجيكا.. إلى إصدار “ديوان فن الملحون”. وقد تمكن الراحل من التفنن في النظم، عبر ضبطه لبحور الشعر ومختلف أنماط الإيقاعات بصفته أحد أهرامات فن نظم صناعة الكلام وإبداع مختلف مواضيع الملحون نظما ولحنا وأداء.

مداخلة الباحث المختار النوراي خصصها لشاعر الملحون عمر بوري، وركز خصوصا على الجانب التأليفي منه، بالتركيز على مكونات الابتداء والاختتام في قصائده، معتبرا أن مثنه الإبداعي وشعره المستفيض يفتح مسارات بحثية غنية أمام الدارسين. وقدم الباحث النواري، وعبر شواهد شعرية من قصائد بوري، “تقنية” “العتبات” والمداخل الابتدائية والختامية في نصوص الراحل، على اعتبار أن العديد من الشواهد الشعرية تركز خصوصا على “الذات” و”شخصنتها” من خلال تقديم الشاعر لنفسه.

أما الباحث نورالدين شماس، عضو لجنة الملحون بأكاديمية المملكة المغربية وعضو لجنة أنطولوجيا الملحون، فقدم قراءة في الجوانب العروضية لتجربة الشاعر العصامي عمر بوري. الشاعر الذي قدم لفن الملحون الشيء الكثير، بل يعتبره الباحث فلتة من فلتات الزمن. وركز الباحث شماس على ديوان عمر بوري والذي ضم 59 قصيدة، و3 “سرابات” فضلا عن تقديم قيم لعميد الأدب المغربي الدكتور عباس الجراري. ونوه الباحث أن الديوان ككل، اعتمد في قصائده على جل بحور الملحون، المتعارف عليها، من “مبيت بأنواع الأربعة، مكسور الجناح، السوسي، المشتب، والسرابة”. وهو ما يجعل من الشاعر عمر بوري نموذجا في المعرفة المتعمقة لعروض الملحون.

وفتحت ندوة ذاكرة شعرية سجلا ثقافيا آخر، يتمثل في تجربة الشاعر أحمد الشاهري، من خلال مداخلة قدمتها الشاعرة والباحثة علية خليف السباعي، احتفاء بتجربة عصامية أخرى رسمت مسارا متجددا في العطاء الشعري والإبداعي. الشاعر الزجال أحمد الشاهري، والذي يمثل نموذجا حيا لارتباط الشعري بالفطري، من خلال ما نظمه الشاعر من قصائد، ظلت ترسخ مكانته في المشهد الشعري المغربي. الشاهري، والذي قادته الفطرة الى الشعر، ظل يبدع قصائد زجلية في احترام لخصوصية الزجل المغربي المرتبط بالوجدان الشعبي، معبرا على هوية المغاربة وتعددها.

انتقلت ندوة ذاكرة شعرية من مدينة مراكش، ومن رحاب كلية اللغة العربية بمراكش، الى فضاءات الجنوب المغربي، في رحلة تقصي واستغوار لذاكرة المدن الشعرية. استراتيجية دار الشعر والشعراء بمراكش، سفر ثقافي وابداعي ونقدي يجوب آفاق التعدد والتنوع الثقافي المغربي.

Visited 9 times, 3 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة