المغرب- الجزائر: لن تقع أي حرب والكيد يعود على صاحبه

المغرب- الجزائر: لن تقع أي حرب والكيد يعود على صاحبه

اليزيد البركة

           مواقع تستغل الظروف السيئة التي تعيشها العلاقات بين المغرب والجزائر، والتي تزداد سوءا كلما لقي مقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، الذي تقدم به المغرب منذ 2007، قبولا واستحسانا من دول العالم ، وخرجت بمتابعات ومقارنات بين القوة العسكرية للمغرب وبين القوة العسكرية للجزائر.

الخطوة الصحافية هذه، لا يمكن أن تخفي مآرب سياسية، تتمناها كل الجهات الدولية، التي تناهض دائما تطلعات الشعوب التي ترزح تحت نير الاستغلال، ولا تتمتع بمردود ثرواتها الوطنية، فمع اشتداد الصراع حتى بين الدول الرأسمالية الكبرى، بعضها البعض على حصص أكثر من الفائض الراسمالي العالمي، تعمل الكثير من الدول والشركات العابرة للقارات على أن تؤدي الشعوب المغلوبة فواتير الخسران في المواجهة بين الدول الراسمالية، لذا فإن حربا بين المغرب والجزائر من شأنها أن تدمر كل ما تم بناؤه اقتصاديا وعسكريا وسياسيا، وبالتالي سيكون هناك تنفس للصعداء لصناعات الدول المرشحة لاستغلال الوضع الجديد.

لكن عنصرا مهما غاب عن هذه الجهات، هي أن عسكر الجزائر لن يقدم على اي حماقة، لأنه يعرف أن الجيش لن يؤيد حربًا من أجل البوليزاريو ومن أجل الجنرالات، وسيتصدع إذا ما أمر بها الجنرالات، رغم كل الشحن والبغضاء اللذان تنشرهما أبواق العسكر، لذا مهلًا، لن تكون هناك حرب، وسيعود الكيد على الكائدين يوما ما.

الجميع يعرف أن العسكر هو كل شيء في الجزائر، وهو لم يرسم سياسته العدائية من أجل الصحراء المغربية وحدها، بل أكثر من ذلك لا يستطيع أن يسمح بتطبيع العلاقات مع المغرب، لأن تأثيرات ذلك ستكون مدمرة على تحكمه الكبير على المجتمع،  وبنظرة فاحصة على المجتمع المدني في كلا البلدين، نجد أن المجتمع المدني في الجزائر سدت عليه كل الأبواب منذ اكثر من عشرين سنة، وتقهر تأثيره،  وازداد الوضع سوءا مع الانقلاب الذي تم على حساب مجموعة بوتفليقة، وفي المغرب رغم بعض المناوشات التي تقوم بها الحكومة للحد من يقظة المجتمع المدني المغربي، فإنه يتمتع بجذور قوية تستفيد منها حتى الدولة نفسها في إظهار نفسها أمام المجتمع الدولي، على أن مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به ليس تكتيكا، بل يندرج ضمن استراتيجية للوصول إلى تطبيق سليم لحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وحتى إلى جهوية موسعة.

من شأن الجوانب القوية في المجتمع المدني المغربي أن تؤثر إيجابا على الجزائري إذا ما تواصل الشعبان وتوثقت العلاقات، وهذا ما لا يريده العسكر الجزائري، ويظهر أن هناك من في المغرب من يسقط في نقس ما قام به العسكر في الجزائر ، وهو  ضرب المجتمع المدني المغربي لأهداف أخرى.

من الأكيد أن في السلطة جهات وأسماء لا ترغب أن يكون المغرب مغرب حقوق الإنسان، وكلما خطا خطوةً على المستوى الدولي  يعمل هؤلاء على الرجوع به خطوتين إلى الوراء، هؤلاء  همهم الوحيد هو ألا تمس المصالح الموروثة، لأنها مصالح بنيت في غياب حقوق الإنسان وفي غياب الديمقراطية، ومن هنا يأتي الحنين إلى العهود القديمة.

محاربة الفساد إحدى أهم القضايا المختلف عليها بين الحكومة وبين المجتمع المدني في المغرب، وهناك في الحكومة من ذهب بعيدًا في اتهاماته ضد المجتمع المدني، واغترف من معجم يعاقب عليه القانون لأنه يتهم الذمة بدون دليل.

سمك “السردين” يبيعه من يشقى شقاءا كبيرا في توفيره، وهم البحارة بـ 3 دراهم للكيلو في موانئ أكادير  والدار البيضاء، و 2،5 درهم في مدينة الداخلة ، ويباع بـ 20 إلى 30 درهم للمستهلكين، أليس هذا فسادا مبينا؟  أين هؤلاء الذين سلطوا سوطهم على المجتمع المدني؟

ألم تغتنِ الفئة التي تقوم بهذا في كل المدة الطويلة التي تعبث فيها بالأمن الغذائي للمغاربة؟

أين هي النيابة العامة التي يقال إنها تقوم بشغلها؟ هذه الفئة من الوسطاء والسماسرة  منتفخة عدديا بما يشبهها في كل المواد الغذائية ومنذ عقود، أين القانو ن؟

لا أعتقد أن الطريق الذي يسير فيه عسكر الجزائر سالكة هنا في المغرب مع المجتمع المدني المغربي. ولا أعتقد أن النصر الكامل محقق له، ولكن من الأكيد أن الجميع سيخسر إذا ما ثقل الحمل، سواء على من يطبل لتكميم الأفواه أو على الدولة المفترض أنها تفكر لمكانتها الدولية أو للمجتمع المدني. وسيكون إذاك قد وصلنا إلى الوضع نفسه الذي تتمناه لنا الجهات الرأسمالية المتوحشة بدون حتى حرب، دفاعا عن الصحراء المغربية.

رويدًا.. وقليلا من استعمال العقل.

Visited 5 times, 5 visit(s) today
شارك الموضوع

اليزيد البركة

كاتب وصحفي مغربي