قضاء “العهد” ودوره في تقويض الوطن

قضاء “العهد” ودوره في تقويض الوطن

حسين عطايا

المشهدية التي يعيشها لبنان في هذه اللحظات التاريخية، لاتُشبِهُ اية لحظة مرت عبر تاريخه، لا بل هي لحظةً غير مسبوقة، حيث تمظهر وبشكل واضح، عبر معركة دونكيشوتية يقاتل فيها بعض القضاء طواحين الهواء في كارتيل المصارف، ليس حُباً باستعادة ودائع اللبنانيين، بل لعشق هذا القضاء في بطولات وهمية في آخر عهدٍ قيل عنه إنه قوي، بينما هو عهدٌ فاشلٌ ساقطٌ متهاوٍ كورق الخريف الأصفر الذي فرشته عواصف تشرين فوق الأرصفة وعلى الطرقات. هذا العهد في أواخر أيامه، يريد اختراع بطولات تغاضى عنها، عبر سنوات خمس ونيف من عهده الفاشل الذي غاب عنه إلا الفشل الذريعـ ليجرجر أذيال الخيبة التي صبغت كل أيامه، وما تعالي صراخ اللبنانيين الذين أصبحوا بأكثريتهم يُعانون ذل الفقر والعوز والفاقة، إلا علامة.

 نعم هذا “العهد” الفاشل في آخر أيامه أفلت قضاته التابعين لشن حملة شعواء على ما تبقى من كارتيل المصارف، والذي يُعتبر شريكاً في نهب ثروات اللبنانيين ومدخراتهم، في استثمارهم عبر سندات اليوروبند وهم يعلمون بأن الدولة ينخرها الفساد بكافة إدارتها ومؤسساتها، والتي عمِل مصرف لبنان كسمسارٍ في استقطاب أموال اللبنانيين المغتربين عبر هندسات مالية ورفع معدل الفوائد، ومن ثم أضاعها في غياهب الخزينة اللبنانية المثقوبة أصلا، والتي يغيب عنها خضوعها لأي محاسبة أو تدقيق، والجميع يعلم أين ذهبت أموال الخزينة وودائع اللبنانيين في وزارة الطاقة، والتي يتمكن منها حصراً وزراء التيار العوني التابع لرئيس الجمهورية “القوي”. 

هذا القضاء التابع، والذي يتحرك غب الطلب وفق تعاليم وأوامر من دوائر القصر الجمهوري، ماهو إلا أداة يريدُها العهد لتكون أداة انتخابية، تسوق لتياره وصهره، والأمل في استعطاف بعض السُذج من اللبنانيين، ومن خلال أدوات تابعة تحت مسميات مجموعات من المجتمع المدني، أو بعض متسلقي مايُسمى “مجموعات ثورة”، وهم ينبتون كالفطر مع صبيحة كل يوم. هذا القضاء الآنف الذكر، ما هو إلا عصا غليظة يستعملها حاكم بعبدا لإنهاء ما تبقى من القطاع المصرفي، وهو يعلم علم اليقين بأن أعمال أدواته من بعض قُضاة ومحامين، هم سيوصلون ما تبقى من القطاع المصرفي إلى الإفلاس، وبالتالي ضياع حقيقي لما تبقى من ودائع اللبنانيين، على الرغم من أن بعض الدول الصديقة للبنان نصحت “العهد” بعدم الاستمرار في خوض هذه المعارك التي ستؤدي إلى انهيار ما تبقى من مصارف، وتقضي على ماتبقى من ثقة دولية في لبنان. 

“العهد” وقُضاته ومحاميه الغيارى على المال العام، وبعد مسرحية “شركة مكتف” وأعمال البلطجة التي قامت بها قاضية البلاط ومحازبي العهد ومحاميه، الذين قاموا بالكسر والخلع ومصادرة أجهزة كومبيوتر وسواها، ولم يتم وضعها تحت تصرف الظابطة العدلية، بل عند صديقة القاضية راعبة في دير، ماذا نتج عنها خصوصا إذا ماعدنا إلى الحكم الصادر عن النيابة العامة المالية، والتي برأت “شركة مكتف” من أي دعاوى تبييض أموال وماشابه، وتلك الشركة تستحوذ على التراخيص المطلوبة داخليا ودولياً، وهنا كل المعركة التي تُخاض في وجه حاكم البنك المركزي في لبنان وخارجه، ليست سوى دعاوى واهية، لا تمتلك الحد الاأنى من الأدلة والبراهين، بل هي مجرد ادعاءات على أشياء غير موجودة سوى في مخيلة بعض الساعين إلى ركوب موكب الشهرة، على حساب اللبنانيين وفقرهم المدقع الذين يعيشونه. 

هذا الأمر لايعدو كونه وسيلةً يبغي من خلالها “العهد” إلى إظهار نفسه كونه يُريد تقديم نفسه في مظهر مُحاربة الفساد، والذي شكل تابعوه في وزارة الطاقة وكل الوزارات التي تسلمها منذ العام 2010 مصدراً رئيسياً للفساد، عبر خطط وهمية لبناء السدود الجافة التي لم تستطي تجميع مايزيد عما تُجمعه حفر الطرقات في لبنان، والكهرباء التي كانت تأتي بمعدل عشر ساعات يومياً، أصبحت خلال عهد وزراء البلاط لا تأتي سوى ساعة أو ساعتين في اليوم، على الرغم من كل الاحتفاليات في استجرار كهرباء من الأردن، وغاز من مصر، بينما على أرض الواقع لا نرى سوى طلب المزيد من السلف لمؤسسة كهرباء لبنان الفاشلة، والتي لاتساوي بعض من دولارات، بينما نجد دولة كمصر تِعداد سكانها يفوق المئة مليون نسمة، وخلال عامين فقط أنجزت معامل كهرباء تُغذي مصر بكاملها وبأقل من ستة مليارات دولار، بينما وزراء “العهد” صرفوا مايزيد عن خمس وأربعين مليار دولار على كهرباء يتندر اللبنانيون عليها، وقد أصبحت أسلاك الكهرباء مجرد ديكور. 

بكلام أخير، هذا العهد أسوأ عهد يمر بتاريخ لبنان على مدى المئة عام من عمر الجمهورية اللبنانية، لا بل زاد في الأمر خيبة زيارة رئيس “العهد” الأخيرة الفاشلة إلى روما لمقابلة الحبر الأعظم للتسويق لحزب الله بأنه حامي للبنانيين والمسيحيين، على أمل مساعدة البابا في نزع صفة الإرهاب التي صنفته الدول العربية والاوروبية لحزب الله . وما كان التضارب مابين بيان القصر الجمهوري والبيان المقتضب الصادر عن الكرسي الرسولي، وما وضحه السفير اللبناني الخازن سوى الفضيحة الكبرى للعهد وحاشيته. وأخيراً هذا القضاء المعروف بولائه الأعمى للعهد لن يأتي منه سوى القضاء على ما تبقى من لبنان.

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عطايا

ناشط سياسي لبناني