أسئلة حارقة: الأبقار تتجول في شوارع الدار البيضاء
أيوب العياسي
من الذي سمح للأبقار بالعبور على أكرعها وسط الشارع العام ليل نهار بمنطقة سندباد بمدينة الدار البيضاء؟
هل السيدة رئيسة مجلس مدينة الدار للبيضاء: الدكتورة التي “تركت” كرسي وزارة الصحة للتفرغ لتسيير مجلس المدينة الغول، أعلنت عن مباراة لتوظيف أطباء بيطريين بجماعة الدار البيضاء، لمعرفتها بتزايد عدد مواطني (أو مستوطني) المدينة من الأبقار؟
ولنكون أكثر جدية في طرح أسئلتنا، هل يمكن للمواطن الإنسان وهو يسوق سيارته – خاصة ليلا – حتى يتفاجأ بقطيع من الأبقار السمينة تبارك الله تعالى تعبر الشارع، أن تكون له ردة فعل أخرى غير المفاجأة القصوى؟
وألا يمكن للمفاجأة والهلع أن تتسبب لوحدها في حوادث سير وخيمة؟
هل يجب لتفاصيل كهذه أن تتكرر في كل حين، لنتذكر معها أن الحاضرة المليونية بأحيائها الراقية لم تكن إلا تجمعات بدوية؟
ولازالت الزرائب ترفض أن تغادر هذه الأحياء؟ كيف لهذه المدينة التي لم تحسم مع تهيئتها وهندسة فضاءات العيش فيها بهذا الشكل، أن تضمن حق المواطنين في الولوج إلى المرافق الرياضية والثقافية؟
وهل صحيح أن ميزانية التنشيط الثقافي جمدت للسنة الثالثة بالمدينة، التي لوحدها تأوي عشرين مركبا ومركزا ثقافيا، ناهيك عن المراكز السوسيوثقافية للقرب ودور الشباب…؟؟
وما سبب هذا التجميد؟ هل الجائحة اللعينة التي نخال أنها أخدت طريقها في التبخر لتترك المجال للحرب؟ هل لازال سؤال الثقافة سرياليا حين نطرحه على المسؤولين هنا وهناك؟ هل صحيح أن الثقافة آخر ما يتم التفكير فيه حين ترصد الميزانيات؟ ولا بأس ولا تردد في تحويل ميزانياتها للاستقبالات البرتكولية أو تعبيد الأزقة…؟!
أليست الثقافة على مستوى التسيير الحكومي والاستوزار أضعف ميزانية وآخر وزارة يتم التفكير في من سيتولاها من وجوه، وحين لا يجد وجه من وجوه الكاستينغ الحكومي الجديد معبرا لولوج الكراسي الوزارية يسند له قطاع الثقافة وهلم جرا؟
أليست سياسة المدينة، تماما كما الديموقراطية، مفاهيم أساسية في الثقافة السياسية، يجب ضبطها وتنزيلها على أرض الواقع؟
وهل هناك من نموذج تنموي جديد يمكن إرساء معالمه ودولة اجتماعية يمكن الترسيخ لمقوماتها، في ظل مدن مشوهة المعالم تبدو في مجملها كقرى كبيرة؟
هل سيظل “الكارو” يتعايش في الطريق العمومي مع السيارات ومختلف أنواع العربات ناهيك عن الشاحنات وناقلات البضائع التي تتجول في الطريق بحرية وفي مختلف ساعات اليوم، لتعرقل السير وتساهم في عرقلة حركته؟ ويمكننا مع كل هذا أن نسميها الدار البيضاء بكل بقعها السوداء؟!!
هل يمكننا أن ننعم أملا بأن تصير الدار البيضاء في مصاف المدن الاقتصادية الكبرى التي تتحقق فيها كل مقومات العيش المدني والحضاري؟ والتي لا يتم اتلاف معالمها والمضاربة بها لمصالح عقارية؟!!
فكيف فوتت مدينة الدارالبيضاء، في سابق حين، مقهى الصقالة بمبلغ شهري هزيل لا يتجاوز السبعمائة درهم، لشركة تولت تسيير الفضاء والاستثمار فيه، لتقترح على الزبناء وجبة فطور”بالدقة على النيف” دون أن يشهد الفضاء التاريخي أي فعل ثقافي يعود بالنفع على المدينة وساكنتها؟
ماعدا سلسلة من الندوات عرفت بتنظيمها في الفضاء جمعية مدنية تقوم بعمل محترم حول تعددية الروافد المغربية والعيش المشترك. وهل بعودة النقاش الحامي الوطيس بين أعضاء مجلس المدينة حول استغلال فضاء الصقالة وسومته، يفكر هؤلاء الأعضاء في وضع صيانة الجانب التراثي والتاريخي للفضاء والتعريف به من أولوياتهم، تحت رقابة القطاع الحكومي الوصي؟؟ هل صحيح أن المجلس الجديد للمدينة فوجئ بعدد من العقارات في ملك جماعة الدار البيضاء غير محفظ؟ ما معنى ذلك؟
لماذا تشتري المجالس المتعاقبة هكذا عقارات دون تحفيظها؟
هل صار التمثيل الانتخابي للمواطنين بطاقة دعوة لعقد الصفقات وتبادل المصالح الشخصية؟ والمصلحة العامة للمدينة و تهيئتها، مفتوحة أمام تجوال الغنم والتسيير العشوائي للمرافق العمومية؟ هل يمكننا أن نتنبأ بمستقبل أكثر رحابة للدار البيضاء بعدما أعيد افتتاح الممر الأرضي “الكرة الأرضية” و صارت أرصفة شارع محمد الخامس قرب معبر الترامواي أقل اكتظاظا بالباعة المتجولين، مما يجعل معالم وسط المدينة أكثر وضوحا؟؟
هل يمكن أن تعود لوسط المدينة “هيبته” ويصير أكثر نظافة و بهجة، بعدما تحول وسط المدينة إلى حي المعاريف، وصار شارع محمد الخامس مجرد معبر للترامواي؟ ومعه الباعة المتجولون والمتشردون وقطاع الطرق؟
هل يمكن بكل بساطة أن تصير الدارالبيضاء مع مجلسها الجماعي الجديد أكثر بياضا وأن تندثر نقطها السوداء شيئا فشيئا؟