ضرورة إنهاء السياسات والأطماع الاستعمارية

 ضرورة إنهاء السياسات والأطماع الاستعمارية

  مصطفى المتوكل الساحلي

    “إيكس اللي بان” وتواطؤ الاستعمار وأزلامه لتقسيم الاوطان والمجتمعات،، إنه معلوم بممهداته وخلفياته، وبمفاوضات سابقة بين القوى الاستعمارية منفردة ومع وفد من الشخصيات الوطنية الحزبية والسياسية عام 1955، لتقبل فرنسا بعودة السلطان محمد الخامس إلى المغرب في 16 نونبر 1955، وليتم توقيع اتفاقية الاستقلال في 2 مارس 1956.    

   و” إكس” المجهول أب  المشاكل في الرياضيات يبحث عنه باستمرار، ولايفلت من مطباته إلا الراسخون في علوم  الحساب والجبر الصادقون في إيمانهم وقناعاتهم ووطنيتهم وكفاحهم.

   فبعد أن تم احتلال الجزائر 1830 وتونس 1881..  وصل دور  مؤتمر الجزيرة الخضراء الذي عقد في سنة1906 لتقسيم المغرب بتواطؤ قوى غاشمة مكونة من 15 دولة، “لتوزيع” أرض المغرب وتقاسمه بين اسبانيا وفرنسا وجعل طنجة منطقة دولية،، كما تمت المخارجة بالمحاصصة بين الدول الاستعمارية  لتكون ليبيا لإيطاليا  واستفراد بريطانيا بمصر.. و.. إلخ.

   أطلق الشعب المغربي وأطر  مقاومات سياسية ودينية ومواجهات عسكرية بالجيوش الشعبية للتحرير من الريف إلى الأطلس الصغير والمتوسط والكبير.. وخرجت احتجاجات شعبية في جهات الوطن وواكب ذلك مقاومة سرية مسلحة لم يستثب الامر  للفرنسيين والإسبان طوال فترة احتلالهم، فالتجأت الدول الاستعمارية إلى تجديد التآمر والتكالب ويسر لها ذلك انتهازية بعض القوى العالمية المتحالفة معها بالضغط على المغرب.. ووثق التاريخ  فضيحة تواطؤ الجارة “الشقية” بعد استقلال المغرب  الذي كان ملجأ آمنا لمقاوميها ووطنيها ، وحليفا قويا يدعمهم بالمال والسلاح والتموين ووضعت رهن إشارتهم فضاءات أصبحت ثكنات عسكرية للتدريب والتخطيط، فتعمدت الدولة المغربية تأجيل رسم الحدود الشرقية  إلى حين استقلال  الجزائر ليسوي الأشقاء فيما بينهم موضوع الأراضي المغربية  التي ضمتها فرنسا لأرض الجزائر المحتلة، ورغم ذلك  استمر وتقوى الدعم بالمال والسلاح والمجاهدين لإنجاح المقاومة الجزائرية رغم تسبب متهورين من جيشهم وقيادتهم بجبهة التحرير بتعمد ارتكاب استفزازات واعتداءات وإهانات طالت بعض ساكنة الشمال الشرقي والجنوب الشرقي وسجل القائد المناضل والوطني والمقاوم الراحل سي محمد بوراس الفكيكي رحمه الله  في مذكراته:  “… كانت عناصر من جبهة التحرير تعبث في الارض فسادا.. وكنا نضطر إلى اعتقال البعض منهم .. ” حيث كانت لديهم أطماع معلنة وفعلية  للاستيلاء على أراض مغربية..

   إنهم اختاروا لأنفسهم مناصبة العداء ونهج التآمر والاستفزاز المقيت ضد المغرب  ليدعموا  السياسات الاستعمارية الرامية لتمزيق وإضعاف شمال إفريقيا والمغرب الاقصى الكبير بتاريخه وحضارته الذي  عجزت كل الأطماع الغربية ثم التركية في احتلال أراضيه من البحر الابيض المتوسط والمحيط الأطلسي  حتى مشارف نهر السنغال،

   إن الخريطة السياسية لإفريقيا سطرتها  القوى الاستعمارية الدموية فقسمت ومزقت  القارة.. بجغرافية ترتكز على تقاسم  الثروات والمناطق فأصبح شمال المغرب لإسبانيا ،وطنجة منطقة دولية، ووسط المغرب لفرنسا، والصحراء المغربية لإسبانيا، وموريتانيا  لفرنسا، وجزء هام من شرق المغرب ضم لسلطة المحتل للجزائر،، ولنا أن نقول ونؤكد أن التآمر لازال مستمرا حتى اللحظة، والأطماع الاستعمارية المباشرة تصرف بصيغ غير مباشرة ملتبسة بالتحكم في الاقتصاديات واستنزاف الثروات لإضعاف الدول والشعوب حتى تبقى التبعية لهم، وفي هذا  يتعاون “متنطعون من ورثة مرتزقة الحركيين” الذين أهلكوا شعبهم بطمعهم وديكتاتوريتهم واستبدادهم وظلمهم، وعرقلوا كل المبادرات الوحدوية بافتعال الأزمات والإيقاع بين الدول المغاربية، ويتبنى ويوجه حمقهم أسيادهم في بعض الهيئات الدولية والقارية وبعض الأبواق الاعلامية والهياكل المفسدة لحقوق الإنسان والتي صنعت من طرف لوبيات وخفافيش الاستعمار  لترسيخ المزيد من التحكم بما يرفع من ثرائهم وثرواتهم  ويزيد الدول المستعمرة سابقا بإفريقيا وخارجها  فقرا  وتأزيما  واستعبادا..

   لهذا أصبح من الواجب على الدول الإفريقية والقوى السياسية والمدنية الوطنية أن تتوحد في سياساتها لتحقيق وبناء اقتصادها والرقي بمجتمعاتها وتحديث دولها وتوجيه ثرواتها لتنمية شعوبها والقارة بتكامل وتعاون فيما بينها، والقطع الكامل مع التبعية للقوى الاستعمارية السابقة والعمل باستقلالية في علاقة مع كل القوى والدول عالميا..

   آن الاوان أن يتعقل بعض  حكام دول شمال إفريقيا  ويشكلوا  اتحادا مغاربيا كبيرا  يكون ديموقراطيا وعادلا عظيما ورائدا بشعوبه وثرواته وخيراته وكفاءاته البشرية باحترام تام للتعددية والتنوع الثقافي وتحصين وتثمين  الهويات المتعددة المتكاملة تاريخيا واجتماعيا ودينيا وحضاريا..، وليشكلوا قوة اقليمية جهوية رائدة لإفريقيا  بندية مع القوة الاوروبية والقوى العالمية الاخرى ..

   إن إسقاط كل السياسات الاستعمارية بمعاهداتها ومواثيقها ووثائقها ومرجعيات تحالفاتها أصبح ضرورة وطنية وعالمية وأخلاقية وعقلانية، فلا مكان في مجتمع اليوم قبل الغد لمعادلة سادة العالم من جهة وأتبعاهم وخدامهم من جهة أخرى، بل كلنا أبناء آدم وشركاء بكوكبنا ، وجميعنا  في خدمة شعوبنا والانسانية،  وعملنا  العلمي الرصين لحماية الأرض والهواء  والثروات  من عبث العابثين وإفساد المفسدين  الذين تطاولوا  واعتدوا على كل قيم العدالة والكرامة والمساواة وقد يتسببون في هلاك الحرث والنسل والأرض ..

   لقد انكشف حتى للجاهلين حقائق بشعة تكشف كذب وادعاءات ونفاق قيادات دول تفرض نفسها على أمم العالم ويقدمون أنفسهم على أنهم النموذج الذي يحتدى به، إنهم يناصبون العداء لحقوق الانسان، وظلمة متسلطين على الشعوب، واستغلاليين ينهبون الثروات.. لهذا نقول كفى، ولتصحح أمور أمم ودول الارض في كل الهيئات والمؤسسات الدولية بدون وصاية وتحجير او تحقير وتآمر ..

(*) “إيكس اللي بان ” أي:  المجهول الذي ظهر ..

تارودانت: الأحد  5 مارس 2023 

شارك الموضوع

مصطفى المتوكل الساحلي

ناشط سياسي ونقابي مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *