“خدامَّة وعندها الدار…” قراءة في صورة من الفايسبوك

“خدامَّة وعندها الدار…” قراءة في صورة من الفايسبوك

محمد اليوسفي

       “أنا خدامة وعندي لبرطمة ديالي.. بغيت شي راجل يكون ضرَّيفْ للزواج”. إنها الإرسالية اللغوية الداعمة لفهم الصورة.
    في الصورة، تبدو أنثى مثيرة تجلس وحيدة كأنها في حالة انتظار وحلم بحفل زفاف (الصورة).. وعن طريق الدلائل الجزئية التي تشكل الإرسالية البصرية، يعرض الجسد بكل إيحاءاته الثقافية والجنسية: (كريمة من الكرم…). يتعلق الأمر هنا بصورة مركبة تم الاشتغال عليها بعناية.
   تختل القيم وتنهار، لتعكس تحولات عميقة داخل المجتمع المغربي، حيث السكن والعمل يقفان عائقا أمام تأسيس الأسر. سياق جديد تنقلب فيه الأدوار، فتصير المرأة هي من تبحث عن زوج “ضرَّيفْ”، عكس ما هو متعارف عليه تقليديا، حيث يبحث الرجل عن الزوجة “الضريفة” بنت الناس، كما تم تكريس ذلك ثقافيا.
   مقابل هذا العرض “المغري”، أي المسكن والعمل والجسد، يجب أن يتمتع الذكر بمواصفات معينة: “الضْرافَة” والرقة، التي هي من خصائص الأنثى، “ويتعاون على الزمان”، أي أن يمتلك القدرة على تحمل أعباء الحياة، بدون تمرد على السلطة الجديدة الناشئة، التي تفرضها تحولات المجتمع الاستهلاكي (الرأسمالي). “شي راجل” فقط . أي أقل من مرتبة رجل.
   هل نحن أمام مجتمع حديث، حيث العمل والسكن حق للجميع، والزواج إرادة حرة بين شخصين؟ طبعا لا. مجتمع في طور التحول، محافظ في عمقه، حيث لا يظهر وجه السيدة التي تبحث عن الذكر/ الأنثى، بل تظهر بغطاء للرأس.
  ثم يأتي الحديث عن كريمة بضمير الغائب “خدامة وعندها الدار”، بكل ما يحيل عليه لفظ الدار من مدلولات، فمن يمتلك المسكن والعمل يمتلك السلطة والحق في الاختيار، ويصير الهدف هو العثور على زوج “ضريف”، يقبل بهذه السلطة الناشئة والقيم الجديدة.
   من يتحدث بضمير الغائب مكان كريمة، باعتبارها حالة اجتماعية تحتاج للمساعدة؟ هل فقدت كريمة القدرة على الحديث بوجه مكشوف؟ أم يعكس الأمر اضطرابا في القيم، تجعل البنى الثقافية التقليدية في موقع الدفاع، بعد أن كانت هي السائدة؟
أسئلة كثيرة تطرحها هذه الصورة، تحتاج إلى كثير من الفهم والتحليل.
Visited 132 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

محمد اليوسفي

كاتب وباحث