درنة: مقابر جماعية ورعب من انتشار الأوبئة وفوضى

درنة: مقابر جماعية ورعب من انتشار الأوبئة وفوضى

السؤال الآن ــــ وكالات وتقارير

تواصل فرق الإنقاذ في درنة انتشال الجثث من تحت الأنقاض ومن البحر، وسط صعوبات لوجستية، في وقت نفت فيه اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ليبيا اليوم أن تكون أمرت بأي إخلاء في مدينة درنة، وقالت في بيان إن الجثث لا تؤدي إلى خطر تفشي الأمراض، وحذرت من أن تداول المعلومات الخاطئة يعوق العمل وينشر الذعر.

وشدد الصليب الأحمر الدولي على أن تركيزه ينصب على دعم شريكه الهلال الأحمر الليبي لمساعدة الناس في درنة والمناطق الأخرى المتضررة من كارثة السيول التي تسبب فيها الإعصار دانيال، الذي ضرب شرقي ليبيا الأحد الماضي.

وكان أحمد مْدورَد، نائب رئيس المجلس المحلي في مدينة درنة، قال أمس إن هناك إمكانية لإخلاء درنة بشكل كلي أو جزئي تحسبا لانتشار الأوبئة بسبب الجثث التي بدأت في التحلل تحت الأنقاض.

وقال وزير الصحة في الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي عثمان عبد الجليل، إنه حتى أمس الجمعة دُفن 3166 متوفى في مدينة درنة، وقدر مسؤولون ليبيون ومنظمة الصحة العالمية عدد المفقودين في درنة وحدها بنحو 9 آلاف.

وتعرض وسط درنة لدمار كبير جراء تدفق سيول هائلة إثر انهيار سدين قريبين من المدينة. وتوفي عشرات آخرون جراء السيول في مدن أخرى بشرق ليبيا، بينها البيضاء وسوسة، حسب السلطات التي قدرت عدد النازحين في المنطقة الشرقية بنحو 37 ألفا، أغلبهم من درنة.

ورغم عدم صدور أوامر بإجلاء سكان درنة، فإن وزير الطيران المدني بالحكومة المكلفة من مجلس النواب هشام أبو شكيوات، تحدث عن قرار بإبعاد السكان عن الأماكن المتضررة بشكل مباشر من السيول التي جرفت أحياء على ضفتي الوادي الذي يشق المدينة باتجاه البحر.

وقال أبو شكيوات إن هذا القرار أمني صرف اتخذته قوات الأمن والجيش لفسح المجال أمام فرق الإنقاذ للوصول إلى أحياء محتملين تحت الأنقاض.

وأضاف أن إخلاء المنطقة المحاذية للمنطقة المنكوبة في درنة قرار سليم، ويوفر أجواء مثالية لتمكين فرق الإنقاذ الأجنبية والليبية من تشغيل الأجهزة والمعدات والكلاب المدربة التي تساعد في الكشف عن جثث وعن أحياء محتملين تحت أنقاض المباني المهدمة.

وقال الوزير الليبي إن ما حدث الأحد الماضي عقب انهيار السدين في درنة يمكن وصفه بأنه “تسونامي”.

هذا واستمرت عمليات الإنقاذ في درنة بشكل مكثف، لكن أن الأمر يتجاوز القدرات الحالية بالنظر لحجم الكارثة. وبالتوازي مع انتشال الجثث من اليابسة والبحر، يجري التركيز على إنقاذ أحياء محتملين تحت الأنقاض.

وعلى الرغم من مرور أسبوع على الكارثة، فإن بعض الأنباء السارة لا تزال تأتي، مشيرا إلى انتشال رضيع على قيد الحياة كان قد ولد تحت الأنقاض وتوفيت أمه.

وتتواصل في درنة أعمال إزالة آثار الدمار الذي خلفته السيول حول مسجد الصحابة، الذي بقي صامدا رغم ما لحقه من أضرار، وتعمل الآليات على فتح الطريق بالقرب من المسجد لتسهيل وصول الطواقم الطبية.

وقال مسؤول لجنة الأزمة بوزارة الشؤون الاجتماعية بحكومة الوحدة الوطنية بالمنطقة الشرقية فتحي هويدي، إن تهالك البنية التحتية عرقل المساعدات، مضيفا أن مدينة درنة ليست بحاجة إلى مواد غذائية بل إلى خبراء إنقاذ.

وبالإضافة إلى نقص المعدات اللازمة للوصول إلى الجثث والأحياء المحتملين، اشتكى مسؤولون ليبيون من أن وجود أعداد كبيرة من العربات والمتطوعين في المنطقة المنكوبة بدرنة يعقد عمل فرق الإنقاذ.

من جانبه، قال رئيس الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين التابعة لحكومة الوحدة الوطنية كمال أبو بكر السيوي، إنه تم انتشال جثث كانت على مسافة 120 مترا داخل البحر.

وأضاف أن فرق الهيئة انتشلت منذ أمس أكثر من 450 جثة من منطقة الساحل البحري في المدن المنكوبة، مشيرا إلى أن الهيئة بحاجة إلى آليات ومعدات ثقيلة للعثور على الجثث. كما قال إن الهيئة تسجل إحداثيات المقابر الجماعية للتعرف على الجثث لاحقا.

وبالتوازي مع عمليات الإنقاذ، بدأت الشركات العامة لخدمات النظافة الليبية أعمالها الليلة الماضية في التعقيم ورش المبيدات وسط الأحياء السكنية في مدينة درنة لمنع انتشار الأمراض والأوبئة. وبثت الشركة عبر منصة فيسبوك مقاطع فيديو لمجموعة من السيارات وهي تتجول في أحياء المدينة وتقوم بعمليات التعقيم.

وفي حين قال نائب رئيس المجلس المحلي في درنة إن المدينة بحاجة إلى أجهزة تعقيم لمواجهة الخطر الوبائي الناجم عن تلوث المياه، حذر عضو المجلس الأعلى للدولة عن مدينة درنة صفوان المسوري من خطر المياه الملوثة، مشيرا إلى أن نحو 60 حالة تسمم وقعت جراء ذلك.

وفي مدينة البيضاء، ثاني كبرى مدن الشرق الليبي المتضررة من كارثة السيول، تواصل السلطات عمليات التنظيف وصيانة الممتلكات الخاصة والعامة، إلى جانب محاولة إعادة تشغيل عدد من الطرقات التي تسببت السيول في قطعها وتضررها بشكل كبير.

من جهته، أفاد الناطق الرسمي باسم جهاز الإسعاف الليبي الدكتور أسامة علي، بأن الطلعات الجوية مستمرة لمسح مناطق الجبل الأخضر بحثا عن ناجين. وأضاف أن هناك 300 سيارة إسعاف من كل فروع ليبيا تعمل في المناطق المنكوبة.وأعلن إنشاء 6 مستشفيات ميدانية في درنة و5 خارجها، مشيراً إلى أن الفيضانات دمرت الكثير من المرافق الصحية. وأوضح أن الكثير من الضحايا لم يتم انتشالهم بعد، مؤكداً أن عدد القتلى مرشح للزيادة.

وأعلن سالم الفرجاني، المدير العام لجهاز الإسعاف والطوارئ شرقي ليبيا، أنه تم إخلاء درنة ولن يسمح إلا لفرق البحث والإنقاذ بالدخول.

كما سارعت الأجهزة الحكومية في جميع أنحاء ليبيا لمساعدة المناطق المتضررة، مع وصول قوافل المساعدات الأولى إلى درنة، وتباطأت جهود الإغاثة بسبب تدمير العديد من الجسور التي تربط المدينة.

يشار إلى أن التضارب حول أرقام أعداد الضحايا لا يزال سيد الموقف في ليبيا، وقد أجمع الغالبية على أنها بالآلاف. أما المفقودون فبالآلاف أيضا، وفق مصادر عدة، بينها الصليب الأحمر الدولي.

فقد أكدت الأمم المتحدة أن “ما لا يقل عن عشرة آلاف شخص” ما زالوا في عداد المفقودين. في حين بلغ عدد النازحين أكثر من 38 ألفاً بينهم 30 ألفا من درنة وحدها، وفق المنظمة الدولية للهجرة.

 وافاد مراسلون أن المشهد في درنة لا يوصف، فهناك عائلات فقدت أثرها بشكل كامل وأن المدينة باتت أشبه بـ”مدينة أشباح”، خصوصا بعد إغلاقها من قبل السلطات وأن هناك سكانا يقبعون بسياراتهم منذ أيام، بعدما ملأت الفيضانات بيوتهم أو هدمتها وتقطعت بهم سبل الخروج.

يشار إلى أن منظمة “أطباء بلا حدود” كانت وصفت الوضع في درنة بأنه “فوضوي” ويمنع حسن سير عملية إحصاء الضحايا والتعرف على هوياتهم.

كما أفادت مانويل كارتون المنسقة الطبية لفريق المنظمة والتي وصلت قبل يومين إلى المدينة المنكوبة، بأن “غالبية الجثث دفنت في مدافن ومقابر جماعية” والكثير من هؤلاء “لم تحدد هوياتهم خصوصا أولئك الذين انتشلوا بأعداد كبيرة من البحر”.

كما أوضحت: “الناس الذين يعثرون على الجثث يدفنونها فورا”، وفق ما نقلت فرانس برس.

 

Visited 5 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة