سفيران فوق العادة

سفيران فوق العادة

باريس- المعطي قبال

       عين نتنياهو الجمعة الماضي يحيئيل ليتر سفيرا جديدا لإسرائيل لدى واشنطن. ولما نتعرف على هوية ومسار الرجل نكون فكرة عن المقاصد والحسابات التي وضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد المسح الإبادي للفلسطينيين وتأهب دونالد ترامب لحكم أمريكا.

 تتلخص هذه الحسابات في حشد دعم اللوبي الصهيوني بأمريكا ماديا ومعنويا، خصوصا وأن السفير الجديد من مواليد أمريكا ويعرف دواليب سياستها.

ليتر هو منتوج خالص الأيديولوجية المتطرفة التي تطمح إلى مسح كل ما هو فلسطيني على أرض فلسطين. وهو من بين الدخلاء على أرض لا يعرفها وليست له بها جذور أو أسس إثنية. فمثله مثل الفالاشا أو اليهود الروس دخلوا لفلسطين ليجدوا بين أيديهم بنادق ورشاشات لتصفية الفلسطينيين.

بعد التحاقه بفلسطين عام 1978، عمل مساعدا لرئيس الوزراء. تولى فيما بعد مناصب رفيعة سواء في إدارة شركة موانيء إسرائيل أو في وزارة المالية عام 2004. هذا دون الحديث عن تورطه في العمل بمركز القدس للشؤون العامة، كما عمل في منتدى كوهيليت ذي التوجه اليميني المحافظ. على المستوى الأيديولوجي نهل من أفكار وتوجهات الحاخام المتطرف مائير كاهانا الذي كان من وراء تأسيس رابطة الدفاع اليهودية المصنفة من طرف الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية.

 هذه القرابة جعلته يتشدد في تصريحاته وتحاليله بدعوته إلى بسط إسرائيل لسيادتها النهائية على الضفة الغربية. بعد استقراره بمستوطنة “شيفات هسيدير” تابع دراسته ليحصل على شهادة الحاخامية. لكنه انتقل رفقة عائلته إلى حي “أدومات يشي” في مدينة الخليل بالضفة الغربية. أما الأساليب الاستئصالية فقد ورثها عن أرييل شارون الذي عمل إلى جانبه. وهذا ما سعى إلى تطبيقه اليوم إلى جانب نيتنياهو، الذي قال في حقه: “ليتر دبلوماسي موهوب ومتحدث فصيح وصاحب فهم عميق للثقافة والسياسة الأميركية” بسبب ولادته فيها، وقال إنه “سيمثل إسرائيل بأفضل صورة”.

 أمريكا التي أصبحت منصة احتجاج وتنديد للسياسة الأمريكية الإسرائلية مقبلة على تقاطب راديكالي بعد أن يتولي ترامب لولايته الثانية ويطرح تصورات حكومته في الملف الفلسطيني الإسرائيلي. نفس الوضع قد تعيشه فرنسا بعد أن عين دونالد ترامب شارل كوشنير سفيرا للولايات المتحدة في فرنسا.

يترجم هذا التعيين لا فحسب تناقضات ترامب، بل تهوره وضربه عرض الحائط بالأخلاق السياسية.  كوشنير رجل أعمال ثري وأحد الممولين للحملات الانتخابية للديمقراطيين قبل أن يغير معطفه. وبسبب التزوير الجبائي حكم عليه بسنة سجن نافدة. عفا عنه ترامب عند نهاية ولايته الأولى. وسلوك عفو الرؤساء على أقاربهم والمقربين منهم جاري به العمل في أمريكا.

 آخر من استفاد من هذا العفو السبت الماضي هو هونتير ابن الرئيس جو بايدن المتهم بامتلاك أسلحة من دون ترخيص والتزوير المال. لكن العامل الرئيسي الذي شفع لكوشنير  بأن يتبوأ هذا المنصب الهام هو كونه أب جاريد كوشنير، صهر ومستشار ترامب سابقا. عمل  ابنه كما هو معروف مسوقاً لـ”مشروع أبراهام” الذي أحدث تقاربا بين بعض الدول العربية وإسرائيل. وقد نوه ترامب بشخصية شارل جاريد وقدرته إلى جانبه على “تعزيز التعاون بين فرنسا والولايات المتحدة، الصديقان التقليديان”.

هذان الوجهان المنخرطان في المشروع الصهيوني سيكونان في صلب بؤرتين ساخنين: واشنطن وباريسن للقيام بمعارضة ومراقبة المناهضين لإسرائيل وهي أحد المهام المستعجلة في الظرفية الراهنة. أما إمداد إسرائيل بالأسلحة، منحها كل الامتيازات، منح نيتانياهو الحصانة لدخوله إلى أمريكا وفرنسا، فهي من «البديهيات».

Visited 86 times, 12 visit(s) today
شارك الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".