العجز الأوروبي أمام ترامب وبوتين!

سمير سكاف
وجه الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالأمس صفعة مهينة للاتحاد الأوروبي بإهانته للرئيس الأوكراني فلودومور زيلينسكي في البيت الأبيض! فكانت الإهانة الفعلية هي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز ولرئيسة الحكومة الإيطالية جورجا ميلوني ولكاديا كالاس خليفة جوزيب بوريل في الاتحاد الأوروبي والآخرين! وقد يكون الأخطر في ما يجري هو تكريس “تقزيم” دور الاتحاد الأوروبي في السياسة الدولية أمام الولايات المتحدة وروسيا… والصين لاحقاً! إذ أن الضربة القاضية للإتحاد الأوروبي ستكون بلقاء ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المتوقع قريباً، استكمالاً للمحادثات الناجحة التي بدأت في الرياض مؤخراً، برعاية سعودية! وهو سيكون لإنهاء الحرب الروسية – الاوكرانية، بانتصار روسيا!
وستحتفظ روسيا بالمناطق الخمس، أي حزيرة القرم وخيرسون وزاباروجيا ولوغانسك ودونيتسك. بالإضافة إلى منع الناتو من نشر صواريخه على الحدود الروسية، ومنع أوكرانيا من أن تصبح عضواً في حلف الأطلسي!
يحصل الرئيس بوتين في هذا الاتفاق على كل ما يشاء، على الرغم من الدعم الاوروبي، غير الفعّال، لأوكرانيا! إذ حارب الاتحاد الأوروبي روسيا في أوكرانيا في السنوات الماضية من دون أي هدف واضح!
ولم تؤدِ الهبات الأوروبية لأوكرانيا بمليارات الدولارات، ولا التجهيزات العسكرية بالطائرات والمسيّرات والدبابات والصواريخ، لتقدم أوكرانيا لمتر واحد سوى في قرية كورسك! الهجوم الأوكراني المضاد المبني على مساعدات غير مسبوقه لم يؤدِ إلى أي شيء!
لا دعم ألمانيا، ولا فرنسا ولا السويد ولا بولندا… لأوكرانيا أدى إلى أي نتيجة عملية! روسيا احتفظت بالأراضي التي ضمتها، واتخذت ميدانياً موقع الدفاع. ولم تنجح أوكرانيا بالاختراق وباستعادة أي منطقة لا تحت الثلوج ولا في الطقس المشمس. ما حول الحرب إلى استنراف من دون جدوى!
روسيا، التي استُنزفت أيضاً، عوضت في نسج تحالفاتها وتعزيزها مع الصين ومع مجموعة البريكس. وتخطت أزمة مقاطعة أوروبا للغاز الروسي! ولكن المفارقة أن أوروبا هي المستفيد الأكبر “غصباً عنها” من إنهاء الحرب الروسية الاوكرانية بعودة الغاز الروسي إليها! فكل رؤساء وقادة أوروبا خسروا في انتخاباتهم الداخلية! وعلى رأسهم ماكرون وشولتز بسبب غياب هذا الغاز الروسي الذي أدى إلى تضخم كبير وإلى خسارات هائلة في الاقتصادات الأوروبية وإلى تراجع القدرات الشرائية لدى الأوروبيين وإلى ارتفاع هائل في أسعار المحروقات والسلع في أوروبا والعالم!
جلست أوروبا، والاتحاد الاوروبي تحديداً، على مقعد الاحتياط في كل الحروب الجارية في العالم في السنوات الأخيرة! ولم يلعب الاتحاد الأوروبي أي دور رئيسي! وبخاصة في حروب الشرق الأوسط. وهو كان فشل في وقف النار وفي وقف المجازر في غزة. وفشل في الحصول على الاعتراف بدولة فلسطين. وفشل في لبنان وسوريا والسودان… وفشل في مجلس الأمن. وفشل في تطبيق قرارات المحاكم الدولية. وفشل في تطبيق القانون الدولي في أي مكان!
من شبه المؤكد أن الاتحاد الأوروبي سيدفع الثمن غالياً لترامب وبوتين. خاصةً وأنه قد فشل خلف أوكرانيا بتحقيق أي شيء! وسيضطر الاتحاد الأوروبي إلى رفع مساهمته المالية، إن في الأمم المتحدة التي تعتمد بشكل كبير على 30% من التمويل الأميركي والتي سحب ترامب الولايات المتحدة من العديد من مؤسساتها، أو بتمويل الناتو، الذي تتساوى فيه الولايات المتحدة مع ألمانيا بنسبة تمويل تصل إلى 15.8%، تليهم فرنسا 11% ايطاليا 8% واسبانيا 6%، أو بتمويل الأونروا التي كان يرتفع فيها التمويل الأميركي إلى 20%…
يريد الرئيس ترامب تحويل الهبات الاميركية لأوكرانيا، والتي بلغت 350 مليار دولار، وكان قد قدمها الرئيس “الغبي” جو بايدن، كما وصفه ترامب، إلى قرض ودين واستثمار في المعادن الأوكرانية يعيد إلى الولايات المتحدة أكثر من نصف تريليون دولار!
صفعة ترامب لأوروبا أدت إلى “دوخة” في رؤوس قادتها! أما وحدة مواقف الاتحاد الأوروبي الجديدة خلف أوكرانيا لا قيمة لها اليوم! وهي بالتأكيد لن تعيد كرامة الرئيس الاوكراني فلودومور زيلينسكي المفقودة! لا بل هي لن تؤدي إلى أي نتيجة! خاصة إذا ما تمّ اللقاء بين “الجبارين” ترامب وبوتين!
المفارقة، أن الاتحاد الأوروبي هو، كما ذكرت آنفاً، سيكون المستفيد الأكبر من “السلام المفروض” الروسي – الأميركي في أوكرانيا. وهو المؤشر الوحيد الذي سيؤدي إلى إنعاش كبير للاقتصادات الأوروبية، ولأوروبا… الخاسرة!