الرواية والمسرح: جدلية النص والركح في الإبداع المعاصر

إصدارات: 

           يستعرض الكتاب الجماعي “الرواية والمسرح”، الصادر عن منشورات “مختبر السرديات” بالدار البيضاء في 264 صفحة، بإشراف الباحثين شعيب حليفي وأحمد بلاطي، أوجه التفاعل والتقاطع بين الرواية والمسرح من زوايا جمالية وفكرية متعددة. ويقدّم الكتاب رؤية نقدية تسعى إلى تفكيك العلاقة بين هذين الجنسين الأدبيين، عبر مقاربات نظرية وتطبيقية تنفتح على مفاهيم الجماليات، والسيمياء، والدراماتورجيا.

ينطلق الكتاب من السؤال القديم المتجدّد حول حدود التشابه والاختلاف بين الرواية والمسرح، مبيّناً كيف تحوّل التفاعل بينهما إلى فضاء “انصهار” لا مجرد “تجاور”. فبينما يمكن قراءة النص المسرحي بوصفه سرداً روائياً قابلاً للتأويل، يمكن أيضاً تحويل الرواية إلى عرض مسرحي يكتسب حياة متجددة فوق الركح. ومع ذلك، يشدّد الكتاب على خصوصية كل جنس؛ باعتبار المسرح فناً حيّاً يتحقّق عبر الأداء والتلقي المباشر، في مقابل تحقق الرواية عبر وسيط اللغة والتخييل السردي.

تتناول الدراسات الخمس عشرة المتضمنة في هذا الكتاب التحولات التي جعلت الرواية الحديثة تستعير من المسرح بنيته الدرامية ومقوماته المشهدية، كما تبحث في ظاهرة “المسرحة” بوصفها أفقاً لتجريب لغوي وجمالي جديد في السرد العربي والمغربي. ويبرز الكتاب كيف تتحول النصوص الروائية إلى فضاءات تمزج بين الحوار والفعل والمشهد، مستفيدة من طاقة المسرح في تكثيف الحدث وتفعيل استجابة المتلقي.

كما يرصد العمل نماذج من “التفاعل العكسي”؛ حيث يتغذى المسرح من السرد، ويتبنّى أساليب الحكي والتعدد الصوتي (البوليفونية)، فيتحول النص الركحي إلى فضاء سردي متعدد الطبقات. ويخلص الكتاب إلى أن الحدود الأجناسية لم تعد قيداً على الإبداع، بل صارت مجالاً رحباً للتقاطع والتجريب الإبداعي.

وفي الختام، يؤكد الكتاب أن الرواية والمسرح يلتقيان في تخوم اللغة والخيال والجسد، وأن الإبداع الحقيقي يتجلى عبر كسر الحدود بين الأنواع الأدبية، لتوليد نصوص “هجينة” تعبّر عن تحولات الوعي الجمالي في الفكر العربي الحديث.

المشاركون في هذا الكتاب: عطاء الله الأزمي، محمد أبو العلا، مصطفى البغدادي، محمد المسعودي، فيرونيك لابيي، أحمد بلاطي، خالد مساوي، كريم بلاد، الحسين أوعسري، عبد الحفيظ بوشيخة، حفيظة مبروك، مراد بلمودن، محمد اعبيدة، المهدي قنديل، رشيد العنز، محمد زيطان، نور الدين الخديري.