لبنان: بين اعتكاف الحريري والمبادرة الكويتية
قرار الحريري شكل صدمة في شارعه السني قبل ان يشكل صدمة لبقية حلفائه لدى الطوائف الاخرى وخاصة لدى صديقيه الحميمين الرئيس نبيه بري، الذي يشكل احد فلقتي الثنائي الشيعي، وزعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي يمثل الزعامة الدرزية على الساحة اللبنانية.الدوي الذي احدثه قرار الحريري، كان صاعقا على اللبنانيين ، وخاصة المسلمين السنة الذين ربطوا مصيرهم الشخصي والكلي بتيار المستقبل منذ مجيء رئيس الوزراء السابق الشهيد رفيق الحريري الى لبنان ،على رافعة سعودية – اميركية – سورية، وتوليه مهمة اعادة اعمار لبنان بعد الحرب الاهلية اللبنانية، وحتى الى ما بعد استشهاده، حيث رفع سعد لواء مشروع والده الاصلاحي والتنموي.
مهللون للقرار
اكثر من اغتبط لقرار سعد الحرير من السياسيين ،كان كل من تأذى من الحريرية السياسية ، وهم كثر في لبنان، وبعض “من اكل من صحنها وبصق فيه”، وهم اليوم نواب او تبوأوا مناصب وزارية تحت راية تيار المستقبل، او هم من ذوي القربى كالشقيق الاكبر بهاء الذي قطع شوطا كبيرا في ضخ الاموال لتأليب الرأي العام اللبناني ضد سياسة شقيقه سعد، واعلن عن عودته قريبا الى لبنان، ونصب متحدثا باسمه، الى ممثل عنه في لبنان.
وينشط تيار بهاء تحت مسمى”سوا للبنان” اعلاميا عبر منصات اتخذت من محطتي MTV و LBC اضافة الى اذاعة بيروت انترناسيونال منطلقا له ،فضلا عن فتح مكاتب في العديد من المناطق في بيروت وصيدا والشمال والبقاع ، بهدف التسويق لمشروع وريث رفيق الحريري وتياره السياسي.ولم يكن وزير العدل السابق اللواء اشرف ريفي اقل ترحيبا بقرار سعد الحريري ، من الوريث العائلي . فالعلاقة بين ريفي وبهاء لم تنقطع ، منذ ان قطع ريفي علاقته بتيار المستقبل وخاض حربا سياسية ضد المستقبل وكل رموز السلطة واحزابها في معركة انتخابات بلدية طرابلس وانتصر عليهم. نشوة النصر هذه جعلت من ريفي حيثية طرابلسية وشمالية وتحديدا في الشارع السني، الا ان الانتخابات البرلمانية عام ٢٠١٨ اعادته الى حجمه الطبيعي. ولم يستطع تأمين دخوله جنة البرلمان.
ثالث من يكون قد فرح بعزوف سعد الحريري عن الترشح للانتخابات، هو رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع. فزعيم القوات الذي كان الحليف القوي لتيار المستقبل في حركة ١٤ آذار وخاضا سوية الانتخابات النيابية منذ اغتيال الرئيس الحريري منذ العام ٢٠٠٥ وحتى ٢٠١٨، بدأ يجنح الى معاداة المستقبل والتفتيش على حليف سني يتكئ عليه تمهيدا لانتخابات يأمل ان يحصد غالبية مسيحية فيها ، على حساب منافسه التيار الوطني الحر الذي يقوده جبران باسيل الخليفة” الشرعي” المفترض للرئيس ميشال عون.
يقول مطلعون على موقف تيار المستقبل ان نتائج الانتخابات المقبلة، ستكون الى حد كبير شبيهة بنتائج الانتخابات التي سبقتها، حتى لو حقق التيار المناهض لحزب الله اغلبية برلمانية موصوفة. ويرى هؤلاء ان من يمتلك القوة هو من يحدد مسار الحكومات، وان التغيير لا ينطلق من البرلمان، بل من تغيير جذري في موازين القوى على الساحة الاقليمية.فسلاح حزب الله لم يعد سلاحا محليا كي يناقش على طاولة حوار يدعو اليها الرئيس اللبناني، انما هو سلاح اقليمي كفيل بنزعه او اذابته في الدولة اللبنانية ، قرار ابعد من حدود لبنان وجغرافيته.
المبادرة الخليجية
لم تتمخض المبادرة الخليجية ذات النقاط العشرة،لا سلبا ولا ايجابا، رغم ان كل المؤشرات كانت تدل عن تصعيد خليجي في حال لم تتجاوب السلطات اللبنانية مع محتواها وخاصة تطبيق القرار ١٥٥٩، المقصود به سلاح حزب الله. وتوقف وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا في الكويت وتسلموا الرد اللبناني الذي حمله وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب، عند هذه العقدة واوكلوا الى بعض العواصم مهمة الاتصال بالجهات المعنية وخاصة السعودية والبحرين ودولة الامارات العربية المتحدة ، للتخفيف من تصعيدها تجاه لبنان واللبنانيين، بعدما تناهى الى مسامعهم ان نزع سلاح حزب الله ليس مسألة لبنانية داخلية، بعد ان اصبح هذا السلاح عابرا للحدود ، وبات استيعابه مسألة اقليمية وربما دولية.
البنود العشرة للمبادرة الخليجية
1-قيام الحكومة اللبنانية بتنفيذ إصلاحات شاملة.
2- الالتزام بتنفيذ اتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان.
3- شمول الإصلاحات جميع القطاعات ولا سيما الطاقة ومكافحة الفساد ومراقبة الحدود.
4- العمل مع لبنان لضمان تنفيذ هذه الإجراءات.
5- أهمية الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي (1559) و(1701) و(1680) والقرارات الدولية والعربية ذات الصلة.
6- ضمان ألا يكون لبنان منطلقا لأي اعمال ارهابية تزعزع استقرار وامن المنطقة، ومصدرا لتجارة وترويج المخدرات. 7- التأكيد على أهمية تعزيز دور الجيش اللبناني في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان.
8- إنشاء آلية مساعدات في إطار يضمن الشفافية التامة ويظهر العزم على إيجاد الآليات المناسبة للتخفيف من معاناة الشعب اللبناني.
9- ضرورة حصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية.
10- وقف العدوان اللفظي والعملي ضد الدول العربية وتحديدا الخليجية والالتزام بسياسة النأي بالنفس.
القرارات الدولية
في ما يلي القرارات الدولية التي وردت في سياق المبادرة الخليجية:
القرار رقم ٤٢٥
في أعقاب العملية الفدائية الفلسطينية بقيادة دلال المغربي يوم 11 مارس 1978 على حافلتين إسرائيليتين قرب تل ابيب مما أسفر عن مقتل 37 إسرائيليا وجرح 76، دخلت القوات الإسرائيلية إلى جنوب لبنان بحجة ازالة قواعد منظمة التحرير الفلسطينية ومناطق انطلاقها جنوب نهر الليطاني.وعندما بدأت عملية الليطاني، شرعت الولايات المتحدة بالبحث عن صيغة لارسال قوة حفظ سلام تابعة للامم المتحدة إلى المنطقة التي استولت عليها إسرائيل، وذلك لأحداث انسحاب إسرائيلي واقامة منطقة عازلة خالية من الفدائيين في جنوب لبنان. ونتيجة لهذه الجهود، اجتمع مجلس الامن الدولي وقرر تبني القرار رقم 425 الذي دعا إسرائيل إلى الانسحاب، وإلى إقامة قوة مؤقتة تابعة للامم المتحدة في لبنان (يونيفل)
القرار ٤٢٦
قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 426، الصادر في 19 آذار / مارس 1978، والذي تمت كتابته في نفس اليوم الذي تمت فيه الموافقة على القرار 425، تمت الموافقة على تقرير الأمين العام حول تنفيذه، وأنشأ بدوره قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان لمدة 6 أشهر، ولمواصلة العمل بعد ذلك إذا قرر المجلس ذلك.
القرار ٥٢٠
قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 520، المتخذ بالإجماع في 17 أيلول / سبتمبر 1982، بعد اغتيال الرئيس اللبناني بشير الجميل، والتأكيد على القرارات 508 (1982)، 509 (1982) و516 (1982)، طالب المجلس إسرائيل بالانسحاب الفوري من لبنان، واحترام السيادة اللبنانية. لاستعادة حكومة مستقرة في لبنان.
القرار ١٥٥٩
تم اعتماد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1559 في 2 سبتمبر 2004 بعد التأكيد على قراراته السابقة رقم 425 والرقم 426 للعام 1978 والرقم 520 للعام 1982 والرقم 1553 للعام 2004 حول الوضع في لبنان، دعم المجلس إجراء اتخابات الرئاسة اللبنانية بشكل حر وعادل وطالب جميع القوات الأجنبية بالانسحاب من لبنان.
القرار رقم 1680
اعتمد القرار رقم ١٦٨٠ في 17 مايو 2006 بعد أن أشار إلى القرارات السابقة بشأن لبنان بما في ذلك القرارات 425 (1978) و 426 (1978) و 520 (1982) و 1559 (2004) و 1655 (2005) . دعا سوريا الى الاستجابة لطلب لبنان بتعيين الحدود وإقامة علاقات دبلوماسية بهدف تأكيد سيادة لبنان وسلامته الإقليمية.
القرار ١٧٠١
تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار 1701 الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية في لبنان. ويطالب القرار حزب الله بالوقف الفوري لكل هجماته وإسرائيل الوقف الفوري لكل عملياتها العسكرية الهجومية وسحب كل قواتها من جنوب لبنان.دعا القرار الحكومة اللبنانية لنشر قواتها المسلحة في الجنوب بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة – يونيفيل- وذلك بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي إلى ما وراء الخط الأزرق. كما يدعو إسرائيل ولبنان لدعم وقف دائم لإطلاق النار وحلّ بعيد المدى.وتضمن القرار عدة بنود ومطالب أخرى هي:
– إيجاد منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني تكون خالية من أيّ مسلّحين ومعدات حربية وأسلحة عدا تلك التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات يونيفيل.
– التطبيق الكامل لبنود اتفاق الطائف والقرارين 1559 و 1680 بما فيها تجريد كل الجماعات اللبنانية من سلاحها وعدم وجود قوات أجنبية إلا بموافقة الحكومة.
– منع بيع وتوفير الأسلحة والمعدات العسكرية إلى لبنان إلاّ تلك التي تسمح بها الحكومة.
صبحي زعيتر – كاتب وصحفي لبناني