اليسار الإلكتروني في المغرب مجموعات خاصة لا تناقش الآخر

اليسار الإلكتروني في المغرب مجموعات خاصة لا تناقش الآخر

للإجابة على ذلك، لا بد من التوضيح أولا إنه إذا كان الأمر يتعلق بتيار يساري جديد قد لا يتم العثور عليه إلا ضمن الشبكة الإلكترونية، فالجواب بالنفي. أما إذا كان الأمر يتعلق باليسار كوصف (يطلق عموما لتمييزه عن اليمين) على أحزاب ومجموعات تتبنى مواقف سياسية تنبني على نقطة مركزية هي الدفاع عن المساواة الاجتماعية، مقابل أحزاب ومجموعات أخرى تنطلق من أن الخلافات الاجتماعية هي حتمية أو طبيعية، فإني أجد بأن هذا اليسار والمجموعات ذات الصلة، هو موجود بالصيغتين معا، الواقعية والإلكترونية. 

كيف ذلك؟ انطلاقا من فرضية أن اليسار الحزبي المغربي يتمثل في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وتفرعاته مع محاولات تجميع وإعادة تجميع هذه التفرعات. وفي الحركة الماركسية – اللينينية، بفصائلها القائمة ومحاولات إعادة تجميعها، وكذلك محاولات بناء تحالفات لها مع فصائل يسارية أخرى. وانطلاقا من أنه كما هو حال جميع التنظيمات السياسية لأخرىء يمينية، أو وسطية، أو غيرها، إن الأحزاب، وكذلك المجموعات اليسارية ذات البعد السياسي، بما هي أفراد من الناس، انتظموا بوعي عبر هيكلة وإجراءات تم الحرص على الادعاء بأنها تنظيمات ديمقراطية، بهدف تحقيق هدف معين، معروف بالنسبة لجميع الأعضاء، بناء عليه يتم توزيع الأدوار و المهام المرجو الاضطلاع بها، وبناء على نظام للاتصال والتنسيق مبني على الشفافية والمصداقية، وعلى معايير لتقييم ولمراقبة النتائج متأسسة على الموضوعية، فإن السؤالين السابقين» أعلاه يحيلنا بالضرورة على سؤال مرجعي آخر يتعلق بمدى تفريق هذه المنظمات السياسية المعنية بين “الوجود في الشبكة العنكبوتية” و بين “كيفية هذا الوجود في هذه الشبكة” ؟

 مدى وجود مجموعات اليسار في الشبكة وكيفية هذا الوجود:

 إن معظم لأحزاب والمجموعات اليسارية، هي موجودة في الشبكة العنكبوتية.  تتكون مجموعات اليسار المعنية هنا، بحسب من“الثورة الهادئة”، أنشئت بتاريخ 01 غشت 2020، “منتدى الديمقراطيين”، أنشئت بتاريخ 05 فبراير 2014. منتدى المغرب المتعدد”، أنشئت بتاريخ 11 يونيه2014. اليسار المغربي”، أنشئت بتاريخ 28 غشت 2014. فضاء الحوار اليساري”، أنشئت بتاريخ 11 يوليوز 2015. “ملتقى الديمقراطيات و الديمقراطيين”، أنشئت بتاريخ 07 مارس 2016 . “ماركسية ماركس”، أنشئت بتاريخ 2 تونبر 2019. 

بعد أن كانت مجموعات اليسار في السابق تستخدم شبكة ياهو أو غوغل فإن كل هذه المجموعات المدرجة أعلاه تستخدم اليوم موقع فيسبوك، وباستثناء مجموعة “اليسار المغربي”، ومجموعة “ماركسية ماركس” اللتان هما وحدهما المفتوحتان: فإن باقي المجموعات. هي “خاصة”، بمعنى أن الأعضاء في كل مجموعة هم وحدهم الذين يتمتعون بميزة تعرف باقي الأعضاء المنخرطين في نفس المجموعة والاطاع على المنشورات المتقاسمة بينهم. 

 لكن، مع ذلك يمكن للفرد الواحد أن يكون عضوا في كثير من هذه المجموعات، وذلك إما بالانضمام تلقائيا أو بدعوة من عضو آخر، في انتظار التأشير على هذا الانضمام من قبل منسق أو مسير المجموعة. عموما، سواء تعلق الأمر بالمجموعات المفتوحة أو تلك المغلقة.

إن السمة الغالبة هي غياب أي من المؤشرات التي تنبئ بوجود استراتيجية أو بالتفكير في استراتيجية الاتصال والتواصل السياسي، بأبعاده المتمثلة في المشاركة وتبادل و إثراء الآراء، الذي هو الداعي الأساسي لاستخدام الحصيف والمثمر للويب، وللوجود في الشبكة. 

وفي حين أن تصميم صفحات الويب الخاصة بهذه المجموعات يستجيب عموما للمعايير المحدثة في مجال التصميم الرقمي، لا أنه مع ذلك، بالكاد يتجاوز حدود إتاحة الحيز لأعضاء لكي يكتبوا تدوينات، أو يعيدوا نشر مقاطع من قصائد أو معزوفات أو أغاني، أو ينشروا تعليقات أحيانا لا يدري المرء مسببها أو أصل مصدرها، أو إخبارات أو خطابات بتأبين أو بتعزية أو بتهنئة، أو دعوات للمشاركة في نشاط أو أجندة. وربما تتداخل عدة عوامل بعضها ذاتية، والبعض الآخر منها موضوعية، فتحد من الفعالية المرجوة من التواجد الإلكتروني لكل واحدة من مجموعات اليسار إياها. في انتظار إنجاز دراسات ميدانية، متعددة المداخل، لرصد وسبر جملة العوائق وأسبابها التي تفسر افتقار تصميم صفحات الويب الخاصة بمجموعات اليسار إلى المحفزات والمواد والمعينات وغيرها، التي تجعل من هذا التصميم مستقطبا و ليس طارئا، حافلا بالنقاش المثمر والمتميز، وليس مجالا لتبادل ألفاظ السباب المكشوف أوالمتضمن أو للنمائم، فضاء منتجا للأفكار والإبداع والابتكار، وليس منبرا للضحالة و”الشعبوية”… ساحة للتفاعل بين الأعضاء من جهة، وبينهم وبين غيرهم من رواد الشبكة، ومن ضمنهم أصلا رواد الفايسبوك الذين تقدر أعدادهم بالملايير. 

في انتظار ذلك، لا بد لهذه المجموعات بذل مزيد من الجهد في التكوين والتكوين المستمر الذاتيين المتعلقين بالتنشيط الإلكتروني التفاعلي، كما يجب التفريق أثناء المشاركة، بين منشوراتهم الخاصة (الأصيلة أو المنقولة أو المتقاسمة، مرفقة بمصدرها) فيظهرونها على صفحاتهم الشخصية وصفحاتهم المشتركة في المسينجر وفي الفايسبوك، وبين منشوراتهم الفكرية والإبداعية، وتلك الحاملة لرأي سياسي، وغيرها الموضحة لوجهة نظر معينة (الأصيلة أو المنقولة، أو المتقاسمة، مرفقة بمصدرها) فيخصون بها صفحات المجموعة العضو فيها، وإسهاما في تحويل المواقع لإلكترونية لمجموعات اليسار من مجرد أوعية لتكديس أو تخزين المنشوراتء، بحيث قد يمر العام بأكمله على منشور معين دون أن ينال نصيبه المستحق من القراءة و التعليق و النقد.

 ولا بد من التحول الى بيئة صحية ومفتوحة للتفاعل الرصين والبناء، وضرورة تصحيح الصفة التي دأب البعض على وصم شخصية اليساري بها، المتمثلة في أنه بالإضافة إلى كونه يعتقد إلى حد التماهي الكلي، كما هو تماما حال شخصية السلفي، بأنه أعلم الناس وأفقههم، و أصوبهم، والأحرص على مصالحهم أجمعين. إنه أيضا يعتبر أن مبادرات الآخرين، بما فيها مبادرات غيره من رفاقه أنفسهم، لا تستحق عنايته تجاهها لسبب بسيط هو أنها لا تحمل توقيعه هو. وبالتالي. فإنه نادرا ما تجده يتدخل لإغناء النقاش، بالتثمين أو النقد البناء، أو الإضافة المتميزة، أو الرد المشفوع بالحجاج المنطقي والعقلي، على فكرة أو برنامج أو حل من اقتراح شخص آخرء علما بأن “الآخر” بالنسبة إليه ليس هو “اليميني” وحسب. بل هو هذا الأخير، و كذا هو رفيقه اليساري نفسه.

المصطفى صوليح – كاتب وناشط حقوقي

Visited 7 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة