“طالبان”.. انتقام منهجي ضد النساء

“طالبان”.. انتقام منهجي ضد النساء

ريم ياسين

 ليس من السهل معرفة ما يجري في أفغانستان، من عمليات انتقامية تقوم بها طالبان ضد مؤيدي النظام السابق، فالعديد منهم يقتلون ويخطفون ويعاقبون بالقتل والملاحقة، ومؤخرا اختفى عدد من النساء ممن شاركن في الاحتجاجات المطالبة بحقوق المرأة، فيما تنفي طالبان علمها بوجودهن، مدعية إنها منحت عفوا عاما لكل من عمل مع النظام السابق. لكن الأمم المتحدة سبق أن دقت ناقوس الخطر بشأن نمط الأعمال الانتقامية التي تحصل ضد النشطاء والصحفيين والمسؤولين الحكوميين السابقين وقوات الأمن.

 وبحسب ناشطة نسوية أفغانية، فإن طالبان سبق لها أن أعلنت أنها ستعاقب كل امرأة تشارك في تظاهرات مطالبة بحقوق المرأة، مشيرة إلى اختفاء أربع نساء على الأقل في مداهمات مفاجئة.   

وتشير إلى أنها اختبأت خوفا من القبض عليها، وأنها تغير مكان تواجدها باستمرار، كما تخلصت من شريحة هاتفها، لا سيما أن تهديداتهم تتواصل بأنهم سيعثرون عليها، “ولا تظن أنها بإمكانها النجاة منهم، وستعاقبين على مشاركتك في التظاهرات”. مؤكدة أنها تخاف على حياتها وتريد أن توفر لأقاربها الإحساس بالأمان عبر عدم تواجدها بينهم”.

 ومن يتجول في بعض أحياء كابول، لا بد أن يجد أحيانا آثار دماء أمام بعض المنازل، فرغم مرور ستة أشهر على استيلاء طالبان على السلطة والإعلان عن إصدار عفو عام، إلا أن عمليات الانتقام لا تتوقف. 

وهناك شهادات مرعبة لأشخاص عاشوا مرارة القمع والخوف، ولا يجري الإعلان عن هذه الحوادث، وليس هناك مؤشر على إمكانية وقفها، خصوصا أن كثيرين لا يمتثلون للقرارات، وفوضى الانتقامات تسري على الرجال والنساء على حد سواء. 

ومن الأمثلة مقتل رجل شرطة سابق بعد قيام عناصر من طالبان. الرجل كان مقربا لمن جره من منزله إلى مجمع شرطة إحدى المقاطعات، لكنه وجد مقتولا في اليوم التالي أمام باب منزله مصابا بعدد من الرصاصات. ويقول صديق له لم يتمكن من مغادرة البلاد هو من أراد ذلك، ولكنه لم يستطع الهرب، وما يدعيه زعماء الحركة عن العفو لا يجري تنفيذه”. 

وتؤكد تقارير صحافية أن عمليات قتل متعددة تحصل في منطقة غرب كابول. إذ يصف السكان الأجواء بــ “المحتدمة” في هذه المنطقة. وتنقل عن أحدهم قوله إن من يقف وراء جرائم القتل في هذه المنطقة هم عناصر طالبان. وتنقل إنه في إحدى الأحياء اطلق النار على عدد من الرجال، حيث كانت آثار  الدماء ما تزال شاهدة على مقتل ثلاثة أخوة، منذ نحو أسبوعين، كان أحدهم يعمل في الجيش الافغاني. وبرروا قتله بأنه ظهر في صورة مع إمراة. 

 على الرغم من أحاديث الناس عن هذه الحوادث، إلا أن أي صحيفة لا تشير إليها.

 ويصف أحد الافغانيين الوضع بالقول: “إننا نعيش في سجن، أريد أن يسمع العالم وألا يعترف بطالبان، كما هو الحال الآن”.

 يذكر إن طالبان في إطار تشديدها على قمع النساء كانت قد حذرت مالكي النوادي الرياضية في العاصمة الأفغانية من استقبال النساء، مشيرة إلى قرارها منع ممارسة بعض الأنشطة الرياضية النسائية، إلا إذا كانت حسب الشريعة الإسلامية. كما منعت السفر للنساء لأكثر من 72 كيلومترا بدون محرم، عملا بسياسة الإمارة الإسلامية المتبعة. ومؤخرا أعلنت عن عدم ظهورهن في المسلسلات التلفزيونية.

 ووفقا لتقارير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، فإن “طالبان” حظرت على النساء ممارسة الرياضة، وتلقي الرعاية الصحية بسبب قواعدها التي تقتضي مرافقة محرّم للمرأة. 

وأعربت “شبكة المشاركة السياسية للمرأة الأفغانية” عن مخاوفها من أن تؤدي القيود المفروضة على النساء في البلاد من قبل “طالبان” إلى حرمان المرأة الأفغانية من جميع حقوقها.

 ولتنظيف صورتها كانت “لجنة التطهير” في طالبان قد أعلنت فصل نحو 3 آلاف من أعضائها متهمين بممارسات مسيئة في عموم أفغانستان.

 حركة طالبان وتنظيم الدولة الإسلامية ولدا من رحم التنظيمات السلفية الجهادية التي سبقتها. وكانت النساء الأفعانيات كفئات هشة في المجتمع الأفغاني استهدفن من قبل طالبان لمعارضتهن هجماته ورفض الحركة توليهن مناصب قيادية. والمعروف أنه خلال سيطرة طالبان على الحكم في الفترة ما بين 1996 و2001 لم يكن يُسمح للنساء بالعمل، وكانت تطبق عقوبات مثل الرجم والجلد والشنق عليهن. ومع سقوط كابول بأيدي طالبان في غشت – آب الماضي، أفادت تقارير عديدة بقيام طالبان بتفقد منازل المواطنين لإعداد قوائم للنساء والفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 12 و 45 عاما، بغرض تزويجهن قسرا من المقاتلين الإسلاميين. وفي نفس الوقت أخطرت الحركة النساء بوجوب عدم مغادرة المنزل إلا في حال رافقهن الرجال. وأنه لم يعد بإمكانهن العمل أو الدراسة أو اختيار الملابس التي يرغبن في ارتدائها بحرية. وأقفلت المدارس أيضا. لكن طالبان نفت العودة لتلك الممارسات.  

إلا أن الأفغانيات اللواتي نجحن في اقتحام الحياة العامة والعمل كمحاميات وصحافيات ومحافظات وطبيبات وممرضات ومعلمات وعاملات في الإدارات العامة، أدركن أنهن خسرن الكثير من الوظائف وكانت صدمتهن كبيرة. ولم تجد العديد من النساء الأفغانيات المتعلمات من مفر سوى منصات التواصل لطلب المساعدة أو التعبير عن إحباطهن وتهميش مشاركتهن في الحياة السياسية والعامة.   

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة