محمد الصبار: التطور الحقوقي يرتبط بمدى التقدم الحاصل في المسار الديمقراطي

محمد الصبار: التطور الحقوقي يرتبط بمدى التقدم الحاصل في المسار الديمقراطي

جمال المحافظ

يرى المحامي محمد الصبار، الأمين العام السابق للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، مساء الثلاثاء 13 أبريل الجاري بالرباط، أن التطور في مجال حقوق الإنسان يرتبط ارتباطا وثيقا بمدى التقدم الحاصل في المسار الديمقراطي بالبلاد، وذلك باعتبار أن حقوق الإنسان لا تسير دوما في خط مستقيم، كما قال في لقاء نظمته “حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي”، بتعاون مع “جمعية أمل المنصور للتضامن والتنمية”، وبشراكة مع مجلس عمالة الرباط، لقراءة وتوقيع  كتاب “البرلمان وحقوق الإنسان.. مرجعيات وممارسات” للفاعل الجمعوي والحقوقي عبد الرزاق الحنوشي. 

 وأوضح أن “اختبار دور الدول في التعامل مع حقوق الانسان، يتعاظم في فترات الأزمات”، وقال إن جائحة كوفيد 19 المستجد، ساهمت في تراجع في ميدان حقوق الانسان، في مختلف بلدان العالم، بغض النظر عن مستوى تطورها، وذلك نتيجة حالة الطوارئ والتدابير الاحترازية لمواجهة هذا الوباء. بيد أن الصبار أشار كذلك إلى أن هناك من يتخذ هذه الإجراءات ذريعة للالتفاف على حقوق الإنسان واللجوء إلى تقييد التمتع بها.

 اقتراحات ناجعة وقابلة للتحقيق

 وبعدما تساءل عن كيف يمكن أن يحقق الفاعل الحقوقي من مكتسبات في مجال حقوق الإنسان، دعا إلى “التأسيس لمقاربات تكون ناجعة وقابلة للتحقيق”، وذلك في ظل ضعف القوة الاقتراحية، وباعتبار أن الأمر لا يتطلب الوقوف فقط عند “القراءة النقدية لأداء المؤسسة التشريعية”، بل البحث عن السبل الكفيلة بغرس ثقافة حقوق الإنسان. 

أما بوشعيب ذو الكيفل، الخبير في النهوض بثقافة حقوق الإنسان، وأحمد آيت إبراهيم، الخبير في قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة والتربية الدامجة، والباحث والحقوقي عبد العالي زنيدر فتوقفوا في مداخلتهم، عند أبرز المحاور التي يتضمنها الكتاب الذي يتناول حصيلة المؤسسة التشريعية خلال ولايته العاشرة ( 2016 – 2021) في علاقة بمنجز حقوق الإنسان مع معالجة اشكاليات مستجدة منها تأثيرات جائحة كوفيد 19 على الحياة البرلمانية، وتعاطي المؤسسة التشريعية مع مسألة إلغاء عقوبة الإعدام كإنتهاك جسيم لحقوق الإنسان، ومتابعة البرلمان للممارسة الإتفاقية للمغرب. 

 كتاب توثيقي للحصيلة في مجال حقوق الإنسان

 وأجمع هؤلاء المتدخلون على الأهمية الخاصة التي يكتسيها هذا المؤلف، خاصة بالنسبة للبرلمانيين ونشطاء حقوق الإنسان والباحثين، باعتباره دراسة علمية توثيقية وتحليلية لحصيلة البرلمان بمجلسيه (النواب والمستشارين) في مجال حقوق الإنسان خلال الولاية التشريعية المنصرمة، مع التعريف بالنصوص التشريعية ذات الصلة بحقوق الإنسان التي وافق عليها البرلمان، بما في ذلك الاتفاقيات الدولية، وكذا استعراض وتحليل مجمل المبادرات البرلمانية ذات الصلة بموضوع حقوق الإنسان.

فعلاوة على تقديم بعض النمادج للممارسات الفضلى للاستئناس بناء على مرجعيات الاتحاد البرلماني الدولي ذات الصلة بالموضوع، لاحظ المتدخلون أن الكتاب على أنه يتضمن عددا من الإقتراحات والتوصيات الهادفة إلى تقوية وترصيد العمل البرلماني في مجال حقوق الإنسان، مع إدراج بعض الوثائق المرجعية الأساسية كملاحق يمكن الرجوع إليها بسهولة ويسر عند الحاجة. 

 علاقة البرلمان بحقوق الإنسان والمناطق رمادية

وفي هذا السياق وصف ذو الكيفل الكتاب، الواقع في 285 صفحة من الحجم المتوسط، بـ”المتميز والفريد، في تناول العلاقة القائمة بين البرلمان وحقوق الإنسان”. وقال إن هذا الموضوع قد ” تشوبه مناطق رمادية، وهو مايحتاج الى توسيع وتقوية عضلات هذه العلاقة، لكون الديمقراطية تشكل دوما تحديا لمتابعيها”. بيد أنه أعرب عن اعتقاده بأن “هناك بارقة أمل لتعاون ناجع من زاوية حقوق الإنسان”. في حين أشاد أحمد آيت إبراهيم، بالحيز الذي خصصه المؤلف للحقوق الفئوية للأشخاص في وضعية إعاقة. بالمنهجية التي اعتمدها في معالجة منجز البرلمان في مجال حقوق الإنسان، ودعوته الى إحداث لجنة برلمانية دائمة مختصة في حقوق الإنسان.

 أما المحامي عبد العالى زنيدر، فاعتبر أن الكتاب عمل مرجعي ومؤسس لمؤلف خبر دروب الفعل الحقوقي وردهات البرلمان، مما يجعله خارطة طريق لكل منشغل بقضايا البرلمان ارتباطا عمل، فضلا عن تقديمه لشرح دقيق لدور البرلمان في التطوير الديمقراطي. بيد أنه لاحظ بالمقابل “تواضع البرلمان في مجال طرح مقترحات القوانين”.

 الارتقاء بمستوى انشغال المؤسسة التشريعية بحقوق الإنسان

  وفي معرض تعقيبها على المداخلات، دعت ثريا لحرش الفاعلة الحقوقية والبرلمانية السابقة، الى العمل من أجل بحث السبل الكفيلة بالارتقاء بمستوى انشغال مجلسي المستشارين والنواب بقضايا حقوق الإنسان، باعتبار ذلك سيسهم في تجسير العلاقة مع منظمات ونشطاء حقوق الإنسان وتطوير الأداء البرلماني، ويعزز انفتاح المؤسسة التشريعية وتعزيز الممارسة الديمقراطية. 

 وفي ختام اللقاء أوضح عبد الرزاق الحنوشي، لدى تفاعله مع المداخلات وتساؤلات الحضور، إن من بين دواعي تناوله لموضوع “البرلمان وحقوق الإنسان، مرجعيات وممارسات”، يرجع إلى ما لاحظه خلال مساره المهني والنضالي من فراغ في هذا المجال فضلا عن إنعدام الجسور مابين المشتغلين في مجال حقوق الإنسان من جهة والمهتمين بالحياة البرلمانية من جهة أخرى.

  وكان عثمان مخون، رئيس حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي، وحسن الصبار، رئيس جمعية أمل المنصور للتضامن والتنمية، قد تطرقا في كلمتهما بداية هذا اللقاء الذي حضرته فعاليات جمعوية تربوية وحقوقية ونسائية، إلى الهدف من تنظيم هذا اللقاء الذي يندرج في اطار برنامج “حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي”، التي تأسست سنة 2010. وأكدا بهذا الخصوص بأن كتاب “البرلمان وحقوق الانسان: مرجعيات وممارسات”، يشكل إضافة نوعية للخزانة الوطنية، ويفتح أفقا جديدا في مجال البحث  في مجال العلاقة ما بين البرلمان وميدان حقوق الإنسان. 

 الكتاب يتضمن توثيقا ووصفا وتحليلا للمرجعيات والأدبيات ذات الصلة بالمنظومة الدولية لحقوق الإنسان، مع التعريف بالوثائق المرجعية التي تتناول موضوع البرلمان وحقوق الإنسان، وبالممارسات الفضلى وذلك اعتمادا على ما صدر بهذا الشأن من قبل الاتحاد البرلماني الدولي والجمعية البرلمانية لمجلس أوربا والجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط والمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان. ولم يكتف المؤلف فقط بالتعريف بالمرجعيات الدولية ذات الصلة بالموضوع واستعراض حصيلة التجربة البرلمانية في هذا المجال، بل تقدم بمقترحات وتوصيات لتطوير الأداء البرلماني وترصيد المنجز البرلماني في هذا المجال.

شارك الموضوع

جمال المحافظ

باحث متخصص في شؤون الإعلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *