الوضع الثقافي المغربي الأدبي الإبداعي

الوضع الثقافي المغربي الأدبي الإبداعي

الوضع الثقافي المغربي الأدبي الإبداعي، اليوم في حالة انهيار تام غير مسبوقة. اختلط اليوم الحابل بالنابل، وعمت الفوضى جميع مجالات الخلق والإبداع. كنا في ما مضى نتساءل من هو رئيس التحرير، الذي يجيز مرور هذا النص للنشر، ويمنع آخر، قد يكون في نظرنا بلغ من الجودة والجدة الشيء الكثير. من أين يستمد رئيس التحرير، أو المدير المسؤول، كل تلك السلط التي تبيح له وأد نصوص جيدة، وفتح الباب على مصراعيه لأخرى قد لا تشكل في نظرنا الحد الأدنى المطلوب في الإبداع.

لم تكن هنالك منابر ثقافية أدبية بريئة مئة في المئة. هيمن على حياتنا التأثير الإيديولوجي والحزبي، والعلاقات الشخصية والعشائرية الخ تغير الوضع اليوم رأسا على عقب، مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، وتطور الطباعة، الذي سهل عملية النشر والتوزيع، لا أحد اليوم في حاجة إلى المرور بما يكتبه عن طريق لجنة قراءة، عدا في المسابقات التي يعلم الجميع أن أغلبها، إن لم تكن كلها ملغومة مفبركة، تُعرف نتائجها حتى قبل بدء السباق. لأنه فعلا سباق محموم

ضاعت اللغة وضاع الإبداع، وأصبحت الموضة أن تسمع عن أسماء فائزة، سريعا ما يلفها النسيان هي وعناوين أعمالها، فلا تخلد كما خلدت أعمال نجيب محفوظ، مثلا  – على سبيل المثال لا الحصر منذ أن سمعنا جملة: «الرواية ديوان العرب الحديث» المنسوبة لحنا مينة، ونحن نرى التكالب على كتابة الرواية، حيث غادر الشعراء قوافيهم، والنقاد مناهجهم وتدافعت الأكتاف في هجرة غير مسبوقة نحو كتابة الرواية، إنها وضعية غريبة، تضع الإبداع في قفص ضيق، يعجل بموته، إذ المفاضلة بين الأجناس الإبداعية خطأ قاتل، حين نغمض عين الجودة، ونجحظ بعيون القصور العقلاني، الذي يقتل تطور الفنون ويئد الإبداع الجيد في المهد 

تجربتنا في المغرب مقارنة مع أختها في العالم العربي ألخصها في ما يلي 

نجحنا في مجال اللغة والعلوم الدينية والفقهية، بسبب الدور الذي قامت به جامعة القرويين، وغيرها من المعاهد التي أبلت البلاء الحسن في المحافظة على العلوم الدينية واللغوية التي ازدان بها تاريخنا وأثرت إيجابيا على تراثنا وتاريخنا الأدبي الإبداعي، غير أن السبق التاريخي للشرق علينا في مجال الإبداع الروائي خصوصا، كان بسبب تأخر دخول المطبعة للمغرب لعبت عدة ملابسات في تأخير دخول المطبعة إلى المغرب. أشهرها ما وقع سنة 1863 وقد سبق لي أن كتبت بإسهاب حول ما حدث. كما أن الكثيرين أشاروا لهذا الأمر، كالمختار السوسي رحمه الله. إنه خطأ قاتل، بل هو في نظري جهل يصل إلى حدود الجريمة. هكذا سأجد نفسي وكتاب جيلي ننطلق من نقطة الصفر، في مجال الكتابة الروائية.

 وكثير ما ردد المرحوم محمد زفزاف: «نحن جيل بدون رواد».  غير أن هزيمة 1967 ستحرك كل السواكن في الحركة الأدبية والإبداعية العربية. سنستوعب تجربة الكتابة العربية والعالمية، لنغامر في إنتاج رواية عربية، تتخلى عن الدور السابق للكاتب الذي يجعل القارئ متفرجا على الحدث بكل حيادية، سنعمل على جعل القارئ مشاركا في الحدث يصطلي بناره، وينغمس في أتونه 

نحن جيل الهزائم والإحباطات بامتياز. طبعت أول إصدار روائي لي سنة 1983 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر. هكذا لنقف كتفا بمحاذاة إخواننا العرب، مقلصين المسافة التي خلفها السبق التاريخي. أما الآن، فقد اختلط الحابل بالنابل، وأصبح من الصعب إصدار حكم قيمة على ما ينتج من روايات، إذ أن مفهوم التجنيس أصبح فضفاضا إلى حدود أن القارئ يضيع أهم شيء في الكتابة، وهو «متعة النص». 

إدريس الصغير – كاتب وروائي مغربي

Visited 6 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة