مخاطر النشاط البيولوجي لأميركا في أوكرانيا
يزيد البركة*
بعض الأصدقاء وجهوا لي سؤالا حول اكتشاف الجيش الروسي لمختبرات بيولوجية في أوكرانيا تمولها أمريكا يقول: وأين هي الاستخبارات الروسية والصينية من فضح الموضوع المهدد للبشرية جمعاء في بدايته؟
الحقيقة أن اكتشاف التجارب يرجع إلى تاريخ يعود إلى ثلاث سنوات مضت، ليس فقط من طرف الاستخبارات الروسية، بل حتى من الصين ومن الصحافة التي لا يمكن عدها من فلك روسيا والصين، والحرب الجارية الآن من ضمن أسبابها هو هذا الموضوع بالذات، مع ما يتعلق بالمفاعلات النووية، والدليل هو أن هدف الجيش الروسي الأولي، وقبل كل الأهداف، هو تحييد هذه المختبرات الثلاثين والسيطرة على المفاعلات الست.
وقبل أن أسرد الأدلة يجب القول إن أمريكا بسبب الخوف من ردة فعل الشعب الأمريكي المناهض لمثل هذه الأفعال القذرة، ولأنها موقعة على الاتفاقيات الدولية، خاصة معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية والسامة، التي وقعتها في 1972 نقلت عنها في هذا الميدان دول تابعة وخنوعة:
- ذكر سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيقولاي باتروشيف، في عام 2019 أن الولايات المتحدة أقامت أكثر من 200 مختبر بيولوجي في مختلف بلدان العالم، بما في ذلك في بعض الدول المجاورة لروسيا، وفي مقدمتها جورجيا وأوكرانيا.
- أكد نائب المندوب الصيني في الأمم المتحدة، غنغ شوانغ، في نفس السنة، أن “النشاط البيولوجي لأميركا وحلفائها في أكثر من 200 مختبر خارج الأراضي الأميركية يشكل مخاطر جسيمة على أمن روسيا والصين”.
- في نفس العام 2019 نشرت الصحافية البلغارية ديلانا غيتاندجيفا تحقيقا يؤكد أن الجيش الأميركي في عدد من البلدان خارج أمريكا ينتج الفيروسات القاتلة والبكتيريا والسموم.
- في ماي 2020، نقل موقع “الأنباء الأوكرانية” عن وزارة الصحة في أوكرانيا أن الولايات المتحدة أقامت 8 مختبرات لحفظ جراثيم بالغة الخطورة، وذلك بذريعة ضرورة منع تطوير أسلحة بيولوجية.
- في يوليوز من العام الماضي 2021، حذر أمين عام مجلس الأمن الفيدرالي الروسي نيكولاي بتروشوف من مؤشرات واضحة على تطوير الولايات المتحدة أسلحة بيولوجية في مختبرات على حدود أوكرانيا مع روسيا. وأضاف، في تصريحه لصحيفة “روسيا بيوند” الرسمية أن “واشنطن تطور في مختبراتها بأوكرانيا أوبئة خطيرة يمكن استغلالها لاحقاً في أغراض عسكرية أو سياسية ضد روسيا”.
وفي تصريحات مناظرة في يوليو من العام ذاته، قال بتروشوف: “تعكف الولايات المتحدة على تهديد روسيا والصين ببناء مختبرات بيولوجية، ولا ندري ما يجري بين حوائط تلك المختبرات؛ لكن المختبرات تذكرنا بنشاط الولايات المتحدة العسكري البيولوجي في مختبرات مناظرة بولاية مريلاند على مدار عشرات السنين”.
- في أكتوبر الماضي من 2021، دعت روسيا والصين في بيان مشترك الأمم المتحدة إلى “فرض رقابة على عمليات تطوير محتملة لأسلحة بيولوجية أمريكية؛ وتضمن نص البيان أنه “في ضوء التقدم السريع في مجالات العلوم والتكنولوجيا، وزيادة قدرات استغلالها، تتزايد مخاطر اعتماد الولايات المتحدة على مواد بيولوجية وتحويلها إلى سلاح فتَّاك”.
لهذا فإن الاستخبارات الأجنبية الهامة في الدول الكبرى كلها تعرف ما تشتغل عليه الولايات المتحدة في مجال أسلحة الدمار الشامل، فقط هناك من يملك الجرأة ليصدح بالحقيقة، وهناك من يلتزم الصمت خوفا، وهناك المتواطئ..
وعمليات أمريكا هذه لا تتعلق فقط بالسلاح واستخدامه، بل أيضا بالربح في الميدان الطبي والصحي، بنشر الأمراض ثم امتلاك سبل علاجها عندما يكون السوق ملائما، ولا يستبعد خبراء معهد أبحاث الميكروبيولوجي في وزارة الدفاع الروسية ضلوع المختبرات البيولوجية الأمريكية في جورجيا أو أوكرانيا على وجه التحديد، في انتشار أمراض غير نمطية جنوب روسيا عام 2013، لا سيما “التهاب السحايا” الذي أصبح الأكثر تفشياً بين الأطفال في مدينة روستوف، و”حمى الخنازير الأفريقية” في شمال منطقة القوقاز.
*كاتب وناشط سياسي