في الطرح “القومجي”.. ازدواجية القول الإيديولوجي

في الطرح “القومجي”.. ازدواجية القول الإيديولوجي

عبد الله راكز

“اندغام، تراجع قطاعي، استقلال ذاتي للنخبة: هما وجهان لنفس الظاهرة من السيطرة. هي تُستكمل بوجه ثالث هو: ازدواجية مذهبية الأيديولوجيات. المماحكة، الجدال اللفظي (أو الكلاموجيا كما يقول مرقص) هما قبل كل شيء ، حدث اجتماعي”.

      عبدالله العروي: أزمة المثقفين العرب

1/ في الفهم الثاوي الضروري 

لماذا تشكلت المماحكة الايديولوجية حدثا اجتماعيا بالطرح “القومجي” العروبى دون أن تحدث ما كان منتظرا منها، من رجة فكرية تعاود النظر في مقولات /مسلمات كلّست الوعي العربي لعقود من الزمن. وساهمت من دون أن تدري في إنتاج عنعنة “علمانوية”.. بمضمون ايديولوجي. أنتج هو الآخر. دولة عربية اتوقراطية عبرت هي ذاتها، على إلحاقها وتطويعها واستخدامها للدين في شرعيتها. (=الاشتراكية الإسلامية؟ ؟).

نتحدث هنا بدون لبس عن التيارات: الناصرية والبعثية والأخرى ذات الطبيعة الانقلابية على امتداد “الوطن العربي”. كل هؤلاء استخدموا المجتمع العربي لصالح وثنيتهم القابعة فوقه. لم تكن الدولة “القومية” الغارقة في/ وبالايديولوجيا المبتسرة. في يوم من الأيام ذات نزهة تقديسية للعلم لتكتسب صفة “العلمانوية”، لسبب بسيط نراه كالتالي: لم يهمش العلم والعلماء والمثقفون والمفكرون في أي يوم كما همشوا في ظل هذه الدولة ” القومجية” المزعومة.

2/ في التداعيات المأساوية

ما سلف من ازدواجية في القول الايديولوجي. أحال دون مواربة على فهم طبيعة التحول الذي شهده العالم العربي بعد ثورات 2011. (ماسمي بالربيع العربي؟). بل وقبله إذا ما سجلنا بهذا الصدد صعود حزب الله بلبنان ومحاولاته حد اليوم الهيمنة على القرار اللبناني المستقل؟

كل هذا يحيل إلى الدولة التي خلفت النموذج الناصري. فهذه الدولة منذ الرئيس المؤمن(أنور السادات ) وحتى اليوم، تسلك سلوك المستضعف أمام هذا المد الإسلاموي. فهي لجأت ولازالت إلى نوع من البراغماتية المبتذلة. حيث وظفت التيارات الإسلامية في مواجهة اليسار دائما. وعندما تتهالك فلا تجد من يمنعها من الانصياع. فتعلن إسلامويتها، كالنميري ابن المدرسة الناصرية الأصل، وعندما تخوض حروبها تضع “العمامة” ولاتترك مناسبة دينية أو شعائرية، دون أن تتمسح بها. لذلك يلزم القول إن عدوانية هذه الدولة ليست عدوانية “علمانوية”، بل هي هي عدوانية رعاعية متغطرسة، جاهلة ومختلفة.

3/الإسلام السياسي كابن شرعي لاخفاق الدولة ” القومجية”

وحتى لا نختم،  ومن الناحية المنهجية التي تتشكل من عناصر مفهومية متجانسة تعد بمثابة نسل مفهومي يتحدر من البنية التكوينية الأساس. فلابد من إدراك أن هيمنة المعتقد الديني يتضمن اوليات مختلفة عن اوليات الحداثة الليبرالية (العلمانية).

إن الإسلام السياسي اليوم، بعد فشالاته المتعددة.مدعو اليوم إلى رؤية تأويلية اجتهادية تحتمها اللحظة الراهنة، وهي صياغة مفهوم جديد للوطنية والمواطنة والهوية، تتجاوز مفهوم الانتماء للعقيدة، إلى الانتماء إلى وطن. حيث يبدو اليوم شعار الحركة الوطنية العربية المتقادم “الدين لله والوطن للجميع”، وكأنه في حاجة لبعث جديد في زمن عربي إسلامي لا يشرف أحد، لا الإسلامي ولا العروبي  لا اليساري.

Visited 7 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

عبد الله راكز

حقوقي وناشط سياسي