الوطن دائما موجود.. ولأهل الشماتة الشماتة ذاتها؟
عبد الله راكز
1/ قدري التناقض:
صحيح أن الوطن موجود بشكل ما حين تحتد الأزمات العامة، وحتى عدم بناء الدولة الوطنية التي نريد لا يوجد خلافا في الجوهر، وإنما في الأولويات. ونود دائما أن نناقش مفهوم العيش المشترك؟ ففي تولي أهل الشماتة تدبير قضايا الوطن (أحزاب آخر زمن) ما يخفي ” فكرا ” متناهيا في التناقض. التناقض طبعا مع تطلعات الشعب المغربي.
صحيح أنه لاوجود لدولة بدون وطن، ولكن، وبالأحرى، لا وجود لوطن بدون دولة. فالوطن بدون دولة معرض باستمرار للتفكك والصراعات وللحروب الأهلية. (انظر المسألة اللبنانية). وإذن، ضمن هذا الإطار يجب إيجاد مفهوم للوطن، ولكن- وهذا ضروري- ومباشر أن نعطي هذا الوطن صيغته الدستورية التي هي الدولة المشروعة؟؟
2/ خطاب لأهل الشماتة السياسية:
لم نعد نخاف من القول وفيه، لشيء واضح جدا هو التالي: إن الاتفاق على مفهوم الوطنية وعلى الوطن شرط لبناء الدولة الوطنية المشروعة. وما نسميه بحزب الشماتة وحلفائه (واحدهم كان يعتبره نفسه يساريا إلى حين)، فهو يعرف نفسه جيدا.
إن القضية الوطنية تعني الوطن والانتماء إليه بالكامل. لم تحسم القضية بعد ولكنها ستحسم، هي في طور الحسم، صحيح أنها حسمت على مستوى الورق. ولكنها حتما ستحسم في الفكر والمارسة.
وإذا كانت الديموقراطية كنظام بعيد يستوجب مسائلتك، فهو مطلوب اليوم قبل الغد. من أجل الحفاظ على استقلالنا الوطني، وعلى حريتنا، وعلى حقنا في تقرير مصيرنا واختيارنا.
إضافات:
أولها تأكيدي على الخصوصيات المغربية للقضية الوطنية(بالرغم من التباس هذا المفهوم؟)، فطببعة وعناصر وتجليات هذه القضية تتغير وفق الظرف الزمني، ووفق مستوى التطور الموضوعي في البلاد. فهذه القضايا التي نطرحها الآن كتحديد لبعض عناصر القضية الوطنية كانت مطروحة منذ الاستقلال، لكن الوعي بها كان مختلفا ومتخلّفا أيضا، وربما كان ضروريا أن نمر بكل هذه الاختبارات القاسية لنصل إلى الوعي بأهميتها. وثانيها هو التالي:
3/ في العلاقة مع الخارج:
لا مجال للحديث هنا عن ترّهة الفهم القومجي الذي أسس لتكريس “انتماءنا لقومية عربية” وأسس للعديد من النكسات لازال “العالم العربي” يعاني من تداعياتها، السياسية، الإقتصادية والاجتماعية. (الحالة اللبنانية أكبر تجلي لها؟)، لأن هذا الانتماء والعلاقة، كان يجب أن تقوم على أسس واضحة من الاستقلال والسيادة والتكافؤ والاحترام المتبادل، والتكامل الذي تتحدد شروطه بشروط رابطة المصالح المشتركة.
ثمة خلل، في تحديد السقف الواقعي للعلاقة العربية – العربية، ومن خلالها العلاقة مع إسرائيل، أي مع خصم احتل الأرض ودمر الحجر والبشر، وهو متناقض معنا بالوجود والمصالح، إلا قضية الوحدة الوطنية؟ وهذا فيه كلام آخر، اليوم ننتقل في ضوء هذا من موقع إلى آخر، إن العلاقة مع الخارج ضمن الفهم الوطني لها، يجب أن تكون علاقات مع الدول التي لا علاقة عداء لنا معها، علاقات تضامن مع الدول التي مثلنا، دول العالم الثالث والدول الفقيرة، أما علاقاتنا مع الدول الكبرى التي لايمكن الاستغناء عنها، فهي في حاجة إلى تحديد دقيق ومفهوم معاصر لمفهوم التبعية…
4/ وأخيرا:
أتصور أن مثل هذا النقاش، يمكنه أن يبرز الأبعاد المختلفة لقضية الوطن، أو لقضايا الوطن التي يمكن للشعب المغربي أن يرى فيها هدفا يعمل على تحقيقه. تحدثنا عن عنصر بناء الدولة، وعلى عنصر الديموقراطية في النظام السياسي المغربي، وكذا على عنصر العلاقة مع الخارج، وبقيت شروط هذه القضية ضمن إطار مايجب أن يكون غائبة عن من يفترض فيهم تدبيرها. في ظل الشروط القاسية التي يعيشها الوطن: أحزاب الشماتة السياسية.