من هو رئيس جمهورية لبنان المقبل؟
درويش حوحو
لا حكومة جديدة في لبنان قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد حوالي ثلاثة أشهر من الان. فالرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، لا يرى ضرورة للإسراع في التشكيل، بعد أن سلم رئيس الجمهورية اقتراحا بالحكومة جوبه بالرفض. واكتفى بما حصل عليه رئيس حكومة مكلف، إضافة إلى رئيس حكومة تصريف أعمال التي تعبث بحياة المواطنين ولقمة عيشهم.
فكل وزير فيها “فاتح على حسابه” دون حسيب أو رقيب، والفوضى الحكومية والإدارية تتفاقم يوما بعد يوم، والمسؤولون يتهربون من الأزمة العميقة التي تعصف بالبلاد وتهدد مصير لبنان دولة وشعبا، ولا يرى ميقاتي موجبا لولادة حكومة جديدة لن تستطيع القيام بأي شيء في هذه المدة الزمنية القصيرة الفاصلة حتى انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية، في حين أن القوى السياسية المتحكمة بالقرار السياسي والإداري والاقتصادي والمالي، من داخل حكومة تصريف الأعمال ومن خارجها، تتفرج على الانهيار المريع، وتغض الطرف عن الفلتان المالي والأمني وتواصل عمليات التهريب، خصوصا لرغيف الخبز والطحين إلى الجوار، واللبنانيون يقفون آلافا أمام الأفران للحصول على ربطة خبز.
وقد بدأت هذه القوى تعد أوراقها لمعركة رئاسة الجمهورية وتأمين حصتها وموقعها معها، والمرشحون المعلنون وغير المعلنين يتناوبون سرا وعلا نية على أبواب السفارات لتقديم أوراق اعتمادهم والاستفسار عن حظوطهم بموقع الرئاسة، هذا في حين أن القوى المؤثرة والفاعلة بدأت بتظهير مواقفها دون رأي حاسم.
فحزب الله أعلن على لسان أمينه العام حسن نصر الله أن الحزب لم يسمِّ حتى الآن أي مرشح، بعدما كان منذ مدة قصيرة قد جمع إليه كلا من المرشحين سليمان فرنجية وجبران باسيل لتقريب وجهات النظر فيما بينهما، وقال وقتها إن هذا عين، والآخر العين الثانية، دون أن يحسم أمره في تأييد أي منهما.
وتفيد مصادر مقربة من الحزب، أنه إذا لم يتمكن من تأمين الأكثرية المطلوبة دستوريا لانتخاب من يختاره، فإنه سيتجه إلى التواصل مع القوى الأخرى للتوافق على رئيس، مضيفا أن حزب الله يريد في هذه الفترة التخفيف من حدة الاحتقان السياسي والأزمات والإرباكات الداخلية، والحملات التي تطاول سلاحه وتحمله مسؤولية ما وصلت إليه البلاد من تأزم طاول كل مناحي الحياة، وذلك بانتظار نتائج التطورات والتحركات في المنطقة وما يحاك دوليا من مشاريع غير واضحة المعالم، إضافة الى نتائج حرب روسيا وأوكرانيا، وأزمة الطاقة التي تعصف بالعالم.
مواقف حزب الله هذه تشير إلى تراجع حظوظ فرنجية وباسيل، ولا تلقى قبولا سياسيا سياسيا وشعبيا، واللافت في هذا المجال تصريح سليمان فرنجية عند استعداده لتأييد قائد الجيش العماد جوزف عون للرئاسة، بالقول إن “كل ما يخدم لبنان نحن معه”، ومع هذا التراجع بدأ الحديث يدور عن شخصية تحظى بدعم الشيعية السياسية ولا تختلف مع القوى المسحية المعارضة، وتلقى قبولا من السنة الذين يشعرون بتراجع دورهم السياسي في البلاد وفي القرارات الوطنية حصوصا، بعد اعتكاف الرئيس سعد الحريري عن ممارسة النشاط السياسي.
وعلى الطرف الآخر، كان لافتا موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط المعبر عن رفضه ترشيح الثلاثي فرنجية ـــ باسيل ـــ سمير جعجع، في رسالة وجهها إلى “حزب الله”، جاء فيها إن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعحع مرفوض من قبل فريق 8 آذار، وجبران باسيل مرفوض من قبل قوى 14 آذار، وسليمان فرنجية مرفوض من الصعب تسويقه، وإن تجربة الجنرالات: إميل لحود وميشال سليمان وميشال عون كانت فاشلة. وأكد جنبلاط في تصريحات أخرى إنه سيدعم المرشح الذي لديه برنامج إصلاحي واضح، يتضمن الإصلاحات الضرورية المطلوبة من المجتمع الدولي ومن اللبنانيين، والاتفاق مع البنك الدولي، وإصلاح الكهرباء. وإن كتلة اللقاء الديموقراطي ستختار البرنامج وليس الشخص، مما يعني فتح الباب أمام البحث عن مرشح تسوية يلقى تأييد القوى السياسية المختلفة.
هذا فيما البطريريك الماروني، الكاردينال بشارة بطرس الراعي، ما زال يؤكد على رئيس يعيد الدولة، ويبني علاقات لبنان بمحيطه العربي، ويجنبه سياسة المحاور، التي جلبت له الخراب والدمار والانهيار.
هذه التحركات والاتصالات المعلنة وغير المعلنة، تسعى فيما يبدو إلى بلورة التوصل إلى شخصية تحظى بالقبول الوطني، وقادرة على تأمين أغلبية نيابية. ولكنها لم تستطع حتى اليوم من إحراز تقدم ملموس يبنى عليه، مع العلم أن بعض المصادر تشير إلى تقدم حظوظ قائد الجيش العماد جوزيف عون، لكن الأيام والأسابيع القليلة المقبلة قد تقلب التوقعات، وتأتي باسم من خارج الأسماء المتداولة، تجنبا للوقوع في الفراغ الرئاسي القاتل، الذي سيذهب بنا الى المجهول.