القواعد العسكرية الأميركية.. والدب الروسي وحائك السجاد
نسيب شمس
يعود التعاون العسكري والأمني بين الولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج العربي إلى القرن التاسع عشر. وكانت المملكة العربية السعودية هي التي دشنت الروابط العسكرية المشتركة.
في العام 1945 أبرمت السعودية اتفاقية تسمح لأميركا ببناء قاعدة جوية في الظهران، واستخدامها وتشغيلها، واستهلت بذلك عصراً بارزاً من التعاون العسكري الأميركي – السعودي.
ولحقت البحرين بالسعودية في هذا الشأن، فوقعت – بعد الانسحاب البريطاني منها في العام 1971 – اتفاقية مع الولايات المتحدة تقوم بموجبها بتوفير تسهيلات للبحرية الأميركية.
وفي العام 1991 وقعت البحرين والولايات المتحدة اتفاقية أشمل للتعاون الدفاعي لمدة عشرة سنوات وأصبحت البحرين مقراً للأسطول البحري الخامس الأميركي، الذي تشمل منطقة عملياته منطقة الخليج، وخليج عُمان وبحر العرب وخليج عدن والبحر الأحمر، وأجزاء من المحيط الهندي، وتستضيف البحرين قاعدة للقوات البحرية الأميركية الداعمة التي تضم القيادة المركزية للقوات البحرية وللاسطول الخامس.
أما سلطنة عُمان فقدمت للقوات الأميركية تسهيلات عسكرية، باستخدام المرافئ والمطارات العُمانية حسب الاتفاقية التي أبرمتها مع الولايات المتحدة عام 1980، كما أتاحت الاتفاقية إقامة منشآت في جزيرة مصيرة والثمريات والسيب لاستخدام سلاح الجو الاميركي، فضلاً عن منشآت للقوات البحرية الأميركية.
كما عقدت الكويت مع الولايات المتحدة في العام 1987 اتفاقية تقوم بموجبها الثانية بحماية إحدى عشرة ناقلة نفط كويتية تعرضت للتهديد إبان ما سمي بـ “حرب الناقلات” خلال الحرب العراقية-الإيرانية في فترة 1986 – 1988. وفي العام 1991 وقعت الكويت والولايات المتحدة اتفاقية للتعاون الدفاعي، تقدم الكويت بمقتضاها تسهيلات واسعة للقوات الاميركية، كما توفر لها قواعد تمركز جوية وبرية، ومستودعات تخزين للمعدات والعتاد، فضلاً عن استضافة الآلاف من القوات الأميركية بغرض حماية الأراضي الكويتية من أي تهديدات عراقية.
وأبرمت قطر اتفاقية في العام 1992 وفرت تسهيلات للقوات الجوية والبحرية الأميركية. وتخزين المعدات والعتاد للجيش والقوات الجوية على أراضيها. وفي نهاية عام 1996 بدأت الولايات المتحدة تشييد “معسكر السيلية”، وفي عام 2001 منحت قطر للولايات المتحدة حق استغلال “قاعدة العديد الجوية” التي تعتبر مقر رئيسي متقدم للقيادة المركزية الأميركية – سنتكوم – إلأى جانب ضمها جنوداً من الجناح الجوي في القوات الجوية الأميركية، ,قاعدة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ومجموعة من القوات الخاصة الأميركية الين يسكنون في مجمعات سكنية.
تُعد قاعدة “العديد” الجوية من أكبر القواعد العسكرية الأميركية في الخارج، بحسب “تقرير مجلة جينز الدفاعي” لعام 2006 بلغت تكلفت بناء هذه القاعدة نحو 1.4 مليار دولار أميركي.
أما الإمارات العربية المتحدة فوقعت اتفاقية للتعاون الدفاعي في الولايات المتحدة عام 1994، تسمح لها باستخدام منشأتها الجوية، وكذلك موانيها لرسو قطع البحرية الأميركية. وعلى الرغم من عدم وجود قواعد للمشاة في الإمارات، لكن يعتبر ميناء “جبل علي”، “ميناء الحرية”، لأنه الاكثر استقبالاً لقوات المارينز، حيث يتم تزويد السفن الحربية بالوقود أو الخدمات بانتظام، كسفينة يو إس إس جون كينيدي، وتُعد الأحواض الجافة في دبي، واحد من أصل مركزين لإصلاح السفن في الخليج. أضف الى ذلك يشكل ميناء “جبل علي”، وميناء “راشد”، نقطة رئيسية لعبور العتاد العسكري الأميركي، والذي يتم شحن معظمه عبر ثلاث شركة شحن أوروبية (بريطانية، دانماركية، نرويجية). وفي الوقت عينه يُعتبر ميناء “زايد” في أبو ظبي، ثاني أهم ميناء للقوات البحرية الأميركية في الخليج، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ميناء “الفجيرة” ذي المياه العميقة. وفي منتصف عام 2006 أعلن الرئيس جورج دبليو بوش “أن الإمارات العربية المتحدة هي شريك أساسي لقواتنا البحرية في منطقة حساسة، وخارج بلدنا، تخدم دبي سفننا أكثر من أي بلد آخر في العالم“.
كما أن استخدام البنى التحتية الجوية الإماراتية كان مدخل رئيسي للتعاون مع الجيش الأميركي في المنطقة، بعد عملية 11 أيلول/سبتمبر 2001، أصبحت المحطة الثانية في مطار دبي الدولي واحدة من المطارات الأكثر إشغالاً خلال حرب أفغانستان، ومنذ ذلك التاريخ، وعلى مدى سنوات عدة، كان أحد المطارات القليلة في العالم التي ينظم رحلات إلى بغداد وكابول، حيث كانت أعداد كبيرة من المقاعد محجوزة لجنود أميركيين، أو لموظفين تابعين لمقاولين مهمين في الولايات المتحدة كشركة هاليبرتون. وكانت مرافق الشحن العسكري على القدر نفسه من الأهمية.
كما وضعت أبو ظبي قاعدتها الجوية في الظفرة في خدمة القوات الجوية الأميركية، ووكالة الاستخبارات المركزية، ومحطة لطائرة الاستطلاع من دون طيار RQ-4 غلوبال هوك. وكانت طائرة الوقود KC-10 . قد استخدمت قاعدة “الظفرة” للدعم العسكري في افغانستان.
وعلى الرغم معارضة وجود القواعد العسكرية في الشقين الأهلي والمدني عالمياً، كان في دول الخليج العربي من يرى أن لها أهمية استراتيجية لهذه الدول. فيما المشكلة أن الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة متفقان على مسألة القواعد العسكرية في الخارج.
كانت الولايات المتحدة تعيش أمجاد في الأحادية القطبية، أما اليوم فنحن عالم متعدد الاقطاب بعد استيقاظ الدب الروسي، وانبعاث لهيب التنين الصين وحراك حائك السجاد الإيراني، فما هو مستقبل هذه القواعد العسكرية واتفاقيات التعاون الدفاعي والأمني؟