قراءات لإدارة حقوق الإنسان ومؤسسات الحكامة

قراءات لإدارة حقوق الإنسان ومؤسسات الحكامة

د. جمال المحافظ

خصصت مجلة “دراسات حقوق الإنسان”، ملف عددها الأخير لموضوع “إدارة حقوق الإنسان ومؤسسات الحكامة بالمغرب”، بمساهمة باحثين وأساتذة وخبراء، تناولوا من خلال مقاربات متقاطعة حصيلة هذه التجربة بعد مرور عقد من الزمن على انطلاقتها.

 وإن كان دستور 2011 كرس حقوق الإنسان بشكل جلي، ونص على إحداث مؤسسات جديدة وإقرار مكانة دستورية لمؤسسات أخرى، قصد تعزيز أدوارها في النهوض بهذه الحقوق وحمايتها، فإن مسافة عشر سنوات هاته “تسمح باستخلاص دروس أولية لقراءة ومساءلة ما تحقق وما بقي عالقا”، كما جاء في كلمة العدد التي وقعها مدير المجلة الحبيب بلكوش، وأكد فيها على أنه في ظل هذا النسيج المؤسسات التعددي، “يطرح سؤال التكامل بين مؤسسات الدولة لضمان تحقيق الأهداف المتوخاة من احداثها، وهو ما يستوجب توسيع التحليل والدراسة بخصوص كل منها.

وفي ورقة بحثية بعنوان “المؤسسات الدستورية الاستشارية بالمغرب: تساؤلات وتأملات” لاحظ عبد الرزاق الحنوشي، الباحث والفاعل الحقوقي، أن “هناك تباينا كبيرا” فيما بين هذه الهيئات على عدة مستويات فمنها من كانت قائمة قبل دستور 2011 وأخرى تحكمها مرجعيات دولية ودستورية، مقترحا في هذا الصدد وجوب بلورة قانون إطار يكون مرجعا معياريا لهذه المؤسسات الدستورية ذات الطابع الاستشاري ككل، ومراجعة قوانين تلك المؤسسات بملائمتها مع الدستور والاطار المرجعي الدولي.

أما كمال لحبيب، عضو المجلس الدولي للمنتدى الاجتماعي العالمي، فسجل في مقال بعنوان (مكانة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية في عمل مؤسسات ” الحكامة”)، أن النتائج التي حققتها هذه المؤسسات كانت “متباينة، مع غياب التحليلات والدراسات حول هذه المجالس”.

وتحت عنوان “الآليات الوطنية للتنسيق في مجال حقوق الانسان: الاختيار المغربي بين تحديات التملك وإكراهات الإمكانيات”، تساءل الأستاذ الجامعي المحجوب الهيبة عضو اللجنة المعنية بحقوق الانسان بالأمم المتحدة، عن أي اختيار مناسب لإشكالية “إدارة حقوق الانسان والتجربة المغربية في مجال التفاعل مع الآليات الأممية لحقوق الانسان مشددا على ضرورة الاختيار المؤسساتي للانتقال من المقاربة القطاعية إلى المقاربة العرضانية.

 وإن كان إحداث المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الانسان، “يعد مكسبا في مجال تفاعل المغرب مع الآليات الدولية لحقوق الانسان، بما فيها الآليات الأممية”، الا أن الهيبة شدد على ضرورة المحافظة على المكانة التي تحظى بها دوليا، لكن على أساس تطويرها بما يساير التوجه العام عبر العالم معتبرا أنه إذا حصل تقدم في تملك أفضل لولايتها وحفظ ذاكرتها المؤسساتية، وطنيا ودوليا، “سينعكس ذلك إيجابيا على كل القطاعات والهيئات ذات الاختصاصات المباشرة أو غير المباشرة في مجال حقوق الانسان، مع العمل على توفير الكفاءات البشرية اللازمة، والالتزام بطبيعة الولاية الآلية.  

كما يتضمن ملف المجلة موضوع “الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري: المهام والتحديات”، للأستاذ الباحث هشام مدعشا، الذي دعا إلى تقييم موضوعي لتجربة ما يقرب من 20 سنة من التجربة المغربية لهيئة ضبط قطاع الاتصال السمعي البصري. في الوقت الذي تطرقت الخبيرة نادية السبتى إلى “حقوق الانسان في مقاربة وأشغال المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي”. أما حورية إسلامي، العضو السابق بالمجلس الوطني لحقوق الانسان، فقاربت في مقال بعنوان “إدارة حقوق الانسان والآليات الأممية: قراءة أولية في التجربة المغربية”، مدى تفاعل المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان مع المنظومة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الانسان الآليات الأممية لحقوق الانسان وذلك خلال ولاية السابقة للمجلس.

  ودعا محمد حركات أستاذ الاقتصاد السياسي في مساهمة بعنوان “إدارة مؤسسات الحكامة: سؤال النجاعة”، الى إعادة التفكير في أنظمة الحكامة العالمية والبحث عن الفرص المتاحة لتجاوز مظاهر الأزمة في هذه المنظومة وتشجيع إنتاج وتبادل المعرفة حول الحكامة الدولية الشاملة، وخلق مناخ ملائم لتطوير الحكامة الديمقراطية والمعرفية، والنقاش العام الاستراتيجي مع تعزيز بناء قيادات إدارية محايدة، من خلال تقوية القدرات المؤسساتية والاستراتيجية والإنسانية بها وتوفير الدعم البشري والتشريعي والمالي اللازم، وفق مبادئ الشفافية والمساءلة ونجاعة الأداء.

  كما أن الملف الذي تضمن في زاوية الذاكرة ورقة بعنوان “محمد النشناش: رجل المسافات الطويلة”، يشتمل على مواضيع “الحقوق والحريات في دستور 2011 بين التأطير الدستوري والحكامة الجيدة”، للأستاذ الباحث بن يونس المرزوقي، و”دور مؤسسات الحكامة في حماية حرية الرأي والاعلام والمعطيات الشخصية: نموذج المجلس الوطني لحقوق الانسان” للجامعي محمد الغالي ورضى زكريا الباحث في سلك الدكتوراه، ومقالين باللغة الفرنسية حول الترافع من أجل تكافؤ الفرص بين الجنسين في تشكيلة منظمات معاهدات الأمم المتحدة”، لمارسيا كران عضو لجنة حقوق الانسان، وأرونا ناريان نائبة رئيسة لجنة سيداو، و”المبادئ الجديدة المتعلقة بالمشاورات الفعالة في اطار التحقيقات وجمع المعلومات (مبادئ مانديز)” لباربارا بيرانط، الأمينة العامة لجمعية الوقاية من التعذيب .

Visited 40 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

جمال المحافظ

باحث متخصص في شؤون الإعلام