الهويات القاتلة للبنان

الهويات القاتلة للبنان

 إسماعيل طاهري

شرعت في قراءة مقال السيد رضوان السيد الصادر يوم الجمعة الماضي 5 غشت/أغسطس بموقع جريدة الشرق الأوسط”، وقلت مع نفسي، هذه مناسبة لتجديد الصلة بآراء وتحليلات مثقف كبير له إسهامات هامة في مجال التنوير وتطوير الفكر العربي والتحريض على ذلك، ولو أن ذلك يتم في منصات إعلامية معتدلة وغير لبنانية.

لم أستطع متابعة المقال بأريحية، لأنه دخل في تفاصيل طائفية تنخر الطبقة السياسية، من أمراء الحرب واللاحرب واللاسلم:

قرات المقال بصعوبة بالغة، وكدت أصاب بالدوار، وما زاد من اشئىزازي هو أنني انتهيت للتو من قراءة عمود صحفي لبناني كبير اسمه سمير عطا الله في الجريدة ذاتها، وهو الآخر تحدث عن سوريا والأردن في الخمسينات، واغتيال ملك الأردن في باب المسجد الأقصى في 1951، واغتيال رئيس وزراء الأردن بعد عشرين سنة من طرف شاب (يعرفه عطا الله) كان كل صباح يوزع على مكاتب الجريدة التي كان يشتغل فيها عطا الله نشرة وكالة الأنباء الفلسطينية…

 هل مثقفو لبنان جزء من الأزمة أم جزء من الحل؟

لماذا السقوط في مستنقع الاحتراب الطائفي بوعي أو بدون وعي؟

يكتب رضوان السيد:

ليس في الإعادة إفادة عندما يتعلق الأمر بالوضع اللبناني. فحتى إيقاف أو توقيف النائب البطريركي المطران موسى الحاج تحوطه الأسرار. نصر الله قال إنه لا علاقة له بالأمر. إنما مَن الذي يحرّك القاضي فادي عقيقي والأمن العام؟! هناك من يزعم أنّ للرئيس وصهره علاقة بذلك انتقاماً من البطريرك! وخطاب البطريرك المتكرر بالفعل فيه إعراضٌ شديدٌ عن الحزب وعن رئيس الجمهورية.

القوات اللبنانية” الرافضة لعون ومواريثه، تكاد تكون وحيدة وسط…”

السيد نفسه نشر بعد ذلك مقالا في موقع “العربية نت” في7غشت/ أغسطس، واغترف من نفس المحبرة، محبرة الاحتراب الطائفي والهويات القاتلة. أو أرخبيل الهويات القاتلة بطبعها، إن صح التعبير. الهويات التي قضت على العرب في الأندلس عبر ملوك الطوائف، والهويات التي واجهتها بعنف ألمانيا بسمارك وجمهورية حوض باريس قبل الثورة الفرنسية، وإيطاليا. فتم توحيد ألمانيا وفرنسا ثم ايطاليا بالحديد والنار. ولم تقض عليها إسبانيا إلا بالديمقراطية الجهوية بعد حرب أهلية مدمرة امتدت من 1936 إلى 1975.

إذا لم يتحول الجيش اللبناني إلى قوة ضارية تحمي وحدة الدولة، وتفرض إلغاء النظام الطائفي في الدستور والمؤسسات والمناطق، فسيظل لبنان في حالة احتراب داخلي مقيت تقتات منه الغربان داخليا وخارجيا، وتستغل فيه كل حادثة لتصب المزيد من الزيت على النار. انتخابات، تفجيرات، توقيف مطران…اعتقال بارون ممنوعات..

Visited 3 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

اسماعيل طاهري

كاتب وباحث من المغرب