صدمة العادات الروسية: عشرون من العادات الروسية التي لا يمكن لأي أجنبي فهمها

صدمة العادات الروسية: عشرون من العادات الروسية التي لا يمكن لأي أجنبي فهمها

د. زياد منصور

      هناك حوالي العشرين من العادات الروسية التي تصدم الأجنبي والغريب الذي يخالط الروس في حياتهم، ويستعصي عليه فهمها. من المعلوم أنّ هناك نظرة سائدة لدى الشعوب الأخرى، وتقوم على قناعة غير صحيحة لديهم، بل ومخادعة للوهلة الأولى، عن أن الروس شعب قليلاً ما يبتسم، بل شديد. في الواقع، قد لا يكون الأمر مفاجئاً إلى هذه الدرجة، ربما يعود لأسباب تاريخية، ولشدة الصدمات والمآسي التي واجهها الروس عبر تاريخهم الطويل من حروب ومجاعات، ومآس واحتلالات.

رغم ذلك هناك الكثير من الأمور المذهلة في الثقافة الروسية التي يستحيل تمامًا شرحها وإفهامها للأجنبي: على سبيل المثال، شرب عصير شجرة البتولا، رغبة الروسي بالحصول على ثلاثة شهادات في التعليم العالي، إدخال اقتباسات من أفلام سوفيتية قديمة خلال التحادث بين مجموعة أشخاص بمناسبة أو دون .. الخ.

ولكن هناك حوالي العشرين من هذه العادات التي سنحاول إيجازها وعرضها في هذه المقالة، للتعرف أكثر على طبيعة هذا الشعب، ومما يستقي عناصر صبره وقوته وطول أناته.

دائماً ما يشرب الروس الشاي

ذات مرة، عاش أكثر عشاق الشاي شهرة في إنجلترا، لكن تلك الأيام ولت منذ زمن طويل. اليوم خبراء الشاي الأكثر تفانيًا وأمانة لهذا الشراب هم الروس! في روسيا، يشربون الشاي دائمًا: يشربونه في أي فنجان أو طبق، فهو شراب لتدفئة الجسد، ولتبريد الجسد، به يستمتعون، وبسببه يتسامرون، الشاي يمنحهم الهدوء والسكينة، ويدخل في نفوسهم الفرح، بمساعدة شرب الشاي يقتلون الوقت أو يقوون الصداقات. ليس مهما أن ترغي بشرب الشاي، حتى لو كنت تتوق إليه، فشرب الشاي طقس لا يمكنك أن تعيش دونه. في روسيا وحدها، يتم التعامل مع الشاي بهذه الطريقة!! 

الروس يفضلون العلاج المنزلي لأنفسهم

يعتبر أي شخص روسي بالغ، خبيرًا في مجال الصحة، وهو لا يحتاج إلى طبيب لتنظيم علاجه الخاص: فهو على دراية جيدة بأعراضه وتشخيصاته، ويعرف ماذا يشرب ومتى وأين يحصل على المضادات الحيوية بدون وصفة طبية، (هذا السلوك قد لا يكون مفهوماً للأجنبي!). فهو يعرف كيف يتجنب حبوب الدواء ويعرف كيفية الاستغناء عنها، فالعلاجات الشعبية هي البديل. فالزيارات المنتظمة إلى الطبيب بالنسبة للروسي نزوة غير عقلانية.

الروس لا يصافحون ضيوفهم عبر عتبة البيت أو المنزل

عند استقبال أو وداع الضيف، تجد أن الروسي لا يصافح ضيفه أو يودعه عبر عتبة البيت. إذ تراه ينبهك، بل يحذرك بالقول “احذر ذلك”. المصافحة أو قبلة الوداع أو الاستقبال عير العتبة، أو على أحد طرفيها، هو نذير شؤم.  

قبل الرحلة أو السفر يقوم الروسي بالجلوس هنيهة على كرسي أو كنبة

عندما تكون الحقيبة موضبة للسفر، وقبل التوجه إلى المطار أو إلى محطة القطار، فإن الروسي لن يكون في عجلة من أمره، ولن يندفع مسرعاً نحو عتبة منزله: أولاً، عليه الجلوس، مع التوقف عن الكلام والصمت لمدة دقيقة أو دقيقتين. بالمناسبة، هذه الطقوس عملية للغاية -في نفس الوقت يمكنك تذكر ما إذا كنت قد نسيت شيئًا مهمًا، وثانياً للاقتناع بأن رحلتك ستكون موفقة ومريحة.

الجدات هم من يقمن بتربية الأطفال الروس

يختلف نمط حياة الشخص بعد التقاعد في روسيا والبلدان الأخرى اختلافًا جذريًا: فالمتقاعدون الأوروبيون والأمريكيون يرغبون بالاستمتاع بالحياة لأنفسهم –فتراهم يسافرون، يمارسون هوايات جديدة، وينتقلون إلى أماكن جديدة، ويذهبون بعيدًا، وأحيانًا ينفصلون ويبدأون علاقات جديدة. بل يشعرون براحة كبرى أنهم خرجوا أخيراً على التقاعد! وبالنسبة للمتقاعد الروسي -خاصة بالنسبة للجدة –سيكون هناك وقت فيه الكثير من المسؤولية: حان الوقت لرعاية أحفادهم الصغار، فذويهم مشغولون جدًا في بالعمل وهموم الحياة اليومية، بحيث لا ليس لديهم وقتاً الاهتمام بالأطفال.

الروس يحتفظون بكلاب ضخمة في شقق صغيرة

في بعض الأحيان، يتمكن مربو الكلاب الروس من الحصول على حيوان أليف ضخم في شقة صغيرة -وهو سلوك غير مفهوم تمامًا للأجانب، الذين يبقون الكلاب عمومًا في منازل ريفية في أغلب الأحيان. فالكلب الضخم في شقة صغيرة قد يزعج جميع من فيها، والكلب بيولوجياً لا يمكنه العيش بفضاء ضيق، فسيشعر بالوحشة، وقد ينبح بصوت عالٍ، ويسبب استنكار واستهجان الجيران، وفي بعض الأحيان يتم حجزه في الشرفة (حيث يستمر في الإزعاج والنباح). الكلب على الشرفة هو ظاهرة غير مفهومة بالنسبة للأجنبي.

يجب على الروسي أن يكون حاصلاً على تعليم عالي

إذا لم يكن الشخص الروسي حاصلاً على تعليم عالٍ، فهو يعتبر إنساناً غير محظوظ وفاشلاً! يتم فالحصول على التعليم الجامعي يدخل في أهم قائمة الاحتياجات لما يجب أن يحصل عليه كل شخص بالغ. فهو حيوي وضروري أكثر من الوظيفة أو اقتناء المنزل. مثل هذا الموقف غير مفهوم للأجانب: فالثانوية بالنسبة للأجنبي قد تكون كافية لاعتباره شخصاً متعلماً، والتعليم الجامعي امتياز. الأمر الأكثر غموضًا هو حقيقة أن التعليم الجامعي الروسي لا علاقة له عمليًا بآفاق الحياة الحقيقية. إنه ببساطة ضروري لكل روسي -مثل حاجته إلى كنيته، على سبيل المثال.

الفتيات الروسيات ينتعلن الكعب العالي خلال التنزه

الفتيات الروسيات مغرمات جدًا بالملابس: لقد عرف الأجانب منذ فترة طويلة عادات مثل ارتداء الفستان الجميل، وعمل المكياج للتوجه إلى المتجر حتى عند شراء الخبز. لكن الفتيات الروسيات ذهبن أبعد من ذلك في السنوات الأخيرة: فهم بارعات جدًا في المشي بحذاء ذو كعب عالٍ، لدرجة أنهم ينتعلن الحذاء العالي في كل مكان. فالكعب الذي يبلغ طوله خمسة عشر سنتيمترا، ليس فقط يشعرهم بالراحة خلال التنزه في الحدائق العامة والشوارع، بل حتى عبور الطريق عند الإشارة الحمراء.  وهذه عادة غير مفهومة تماما للأجانب!

دائما ما يرتدي الروس الخف في المنزل

ليس من المعتاد في جميع البلدان خلع أحذية الشارع الخاصة بك على الإطلاق عند دخول المنزل. هذه العادة، بدورها، تصدم الشخص الروسي حتى النخاع! إنه مثل الاستلقاء في السرير بالحذاء أو المعطف الخاص الذي كنت ترتديه في الشارع. يخلع الروس أحذيتهم دائمًا عند دخولهم المنزل، لكن في نفس الوقت يغيرون أحذيتهم دائمًا إلى أحذية منزلية –شبشب أو خف. فنادرا ما يمشي الروس حفاة في المنزل. كل فرد من أفراد الأسرة لديه زوج من النعال الخاصة به، وأحيانًا اثنين. ومنها الشتوي والصيفي، فضلا عن تلك المقدمة خصيصا للضيوف.

الروس يحبون الزيارات العائلية

نعم، تعد زيارة الضيوف واستقبالهم أهم جزء في حياة الشخص الروسي. في بعض الأحيان في عطلات نهاية الأسبوع، بدلاً من الذهاب خارج المدينة (كما هو معتاد عند الأجانب)، يذهب الروس لزيارة مع أفراد العائلة بأكملها لزيارة الأصدقاء أو الأقارب. ليس من المعتاد المجيء إلى منزل شخص ما خالي الوفاض: يجب أن تحمل معك شيئًا ما – ”شيء مع الشاي، كعك أو ما شابه” أو باقة من الزهور (الشيء الرئيسي هو أن يكون عدد الزهور أو الورود غير مزدوج، بل العدد مفرد –واحدة أو ثلاثة أو خمسة، فالمفرد مبعث للفرح والسعادة، وعدد الأزهار المزدوج يقدم عن الموت والحزن). إذا ذهب شخص روسي إلى الأصدقاء المقربين أو الأقارب، فيمكنه تناول الطعام معه -فطيرة أو ما هو محضر منزلياً كاللحم أو السمك المقدد، والبطاطس، وحساء البورش (حساء من الشمندر والملفوف واللحوم) وغيرها. بمعنى تقام وليمة بكل ما للكلمة من معنى، وهذا أيضاً عادة غريبة عند الأجانب: لا يجلس المستضيفون مكتوفي الأيدي حائرين، ماذا عليهم أن يقدموه إكراماً لضيوفهم، لكنهم يطهون الطعام بكميات كبيرة -أكثر بكثير مما هو مطلوب لتناول العشاء. لذلك، تمتد جلسة الغداء إلى وقت العشاء وتتدفق الطاولة المأكولات باستمرار، وقد تنتهي المائدة بعد منتصف الليل، فعلى المائدة تناقش كل القضايا والهموم المحزنة منها والمفرحة، وتستذكر محطات كثيرة.

الروس يشربون عصيرة البتولا

“عصير البتولا” وهي الشجرة التراثية الأهم في الحكايات الروسية والأساطير. بالنسبة للأجنبي شيء لا يصدق: هل هذا ممكن؟ ما هو وكيف يتم الحصول عليها؟ من الصعب جدا شرح ذلك. وبالنسبة لشخص روسي، يعد هذا مشروبًا للذواقة، ولكنه لا يزال مألوفًا ومتاحًا على نطاق واسع. في الوقت نفسه، علاج فعال للطب التقليدي -يحسن عملية التمثيل الغذائي.

 الكيس العادي بالنسبة للروسي يعادل الحقيبة

إذا كان هناك شيء بات لا تسعه الحقيبة، ترى الروسي يستعمل إلى جانبها الأكياس العادية. من المرجح أن يختار الأجنبي في مثل هذه الحالة قد يسأل الأجنبي: لماذا لا يقتني الروسي حقيبة أكبر من حيث الحجم حتى لا يثقل كاهل يديه. في بعض الأحيان بالنسبة للمرأة الروسية، يكون الكيس من متجر شركة معروفة أهم من الحقيبة بحد ذاتها، ويمكن أن تحل محلها، فالحقيبة مرهقة.

يحتفل الروس بحلول العام الجديد وفق التقويم القديم

“السنة الجديدة حسب التقويم القديم” تورية غير قابلة للترجمة بالنسبة للأجنبي! والأهم من ذلك كله، يتفاجأ الأجانب بوجود هذه العطلة بالفعل، ويستغرب أكثر لماذا يتم التشبث بهذا العيد؟ تحولت روسيا من التقويم اليولياني إلى التقويم الغريغوري منذ وقت طويل – في عام 1918. ولكن على الرغم من مرور ما يقرب من مائة عام، لا يزال الناس يتذكرون أنه “وفقًا للتقويم القديم”، يتم الاحتفال بالعام الجديد في 13 كانون الثاني- يناير. أيضاً هذا سبب آخر للاحتفال والعطلة – فلماذا نقاوم الإغراء؟

الروس يحبون النكات

“هل تتذكر، ما جاء في هذه النكتة …”. هذا ما يقوله لك الروسي خلال حديثه معك!! هي عادة روسية تفجر أدمغة الأجانب، وهم لا يفهمون مغزاها! في نظر الأجانب، يبدو الأمر كما يلي: عندما يروي لك الروسي قصة ما من الحياة، ثم، في المكان الأكثر إثارة للاهتمام، يقطع القصة فجأة، ثم يقول لك. “كل شيء حدث، كما في تلك النكتة، هل تتذكر”. ثم يروي قصة جديدة – لا علاقة لها تمامًا بالقصة السابقة، وأحيانًا مجردة، وغالبًا ما تثير الجنون، وليست مضحكة دائمًا. الروس أيضًا مغرمون جدًا بالاقتباس –خاصة من الأفلام القديمة، ولكن في بعض الأحيان يقتبسون ما ورد في بعض الكتب أيضًا.

الروس يحبون الأنخاب الطويلة

في الواقع، نخب طويل ذو مغزى هو تقليد جورجي، لكن في عيون العالم كله، ما يميز الروس هو ارتباطًا الروحي بمعاني الأنخاب والإسهاب المعقد في سردها مع تمنيات كثيرة جداً قبل احتساء جرعة من كأس. لذلك، يعتقد الأجانب أنه يكفي أن تقول: “من أجل صحتك”. لكن أن تسترسل وأن تبتكر وتطلق الأعنة لخطاب طويل، يتضمن التمنيات، مع النكت الطريفة، والحديث الذي يحمل دلالات شخصية، لا يمكن أن يكون كل ذلك إلا سمة للروسي وحده دون غيره. فهذا الطقس له معان كثيرة وكثيرة جداً، وتعبير عن حب وود، وعاطفة لا تنتهي.

الروس لا يحبون التواصل السطحي

نعم، الروسي هذا الشخص الذي لا يبتسم لأي شخص، تراه عن سؤاله “كيف حالك؟” يتحدث بجدية عن حياته، ويغرقك في التفاصيل اليومية لحياته، مع كم من التكهنات الوجودية -اعتمادًا على كيفية حدوث الأمور في الواقع. في الوقت نفسه، فإن الشعب الروسي اجتماعي للغاية، لكنهم يفضلون التواصل الهادف بدلاً من الثرثرة السطحية الخفيفة. هذا هو السبب في أن الروس كثيرًا ما يجادلون لدرجة البحة، ويحبون المناقشات السياسة، وقضايا الدين والدنيا، وقضايا الوجود وتشكل الكون على مائدة الطعام. يتم ذلك بشغف كبير وحماس غير مفهوم للأجنبي.

يهنئ الروس بعضهم البعض على الخروج من الحمام أو الساونا

“استمتع بحمامك!” أو نعيماً أو بالتعبير الحرفي “مع البخار الطيب الخفيف” – عبارة لا يمكن ترجمتها عمليا إلى لغات أجنبية. أي يمكنك ترجمتها من أجل متعتك الخاصة، لكن قد تفقد معناها عند الروسي إذا تمنيتها هكذا مجردة لأي أحد. في الترجمة، يبدو هذا وكأنه تهنئة فعلية على الاغتسال الناجح، والأجانب في حيرة من أمرهم لماذا يقول الروس هذا على الإطلاق.

لا يخاطب الروسي الشخص الغريب بتهذيب أو ملاطفة

كيف يتم التعامل مع شخص غريب في روسيا؟ السؤال صعب. كل النساء في روسيا يلقبن “بالفتاة” – بغض النظر عن العمر والوضع والمهنة. أكانت هذه نادلة في مقهى، أو إمرأة مسنة في الشارع أسقطت شيئًا، وأنت تسرع لإخبارها بذلك. في رأي أحد الأجانب، فإن كلمة “فتاة” ليست مضحكة وفيها استهزاء فقط (على سبيل المثال، موجه إلى امرأة تجاوزت الخمسين بالفعل) ، ولكنه أيضًا فيها وقاحة، كأن تقول للرجل ” أيها الفتى”. لكن في روسيا ليس من المعتاد مخاطبة الناس بأي طريقة أخرى – لقد اختفت كلة أيها السيد ، وصارت  في غياهب النسيان ، ولم يبق لها أثرا بعد الثورة ، كما تم نسيان كلمة “الرفاق” بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.. اختفت هذه الكلمات ولم تحل محلها أية كلمات أخرى.

الروس يعيدون مشاهدة الرسوم الكاريكاتورية السوفيتية باستمرار

على عكس الرسوم الكاريكاتورية الأمريكية أو الأوروبية، لم تكن الرسوم المتحركة السوفيتية مخصصة للأطفال فحسب، بل للبالغين أيضًا (وأحيانًا البالغين أكثر من الأطفال). يفسر هذا جزئيًا الحب والاهتمام بالرسوم المتحركة القديمة، جزئيًا -من خلال المهارة الأعلى في رسم الشخصيات وتحريكها. لكن بالنسبة للأجانب، للوهلة الأولى، يبدو سلوك البالغين هذا غريبًا!

يعيش الروس عن طيب خاطر مع والديهم

في العديد من البلدان، يسعى الناس للحصول على الاستقلال في أسرع وقت ممكن، والطيران من تحت الجناح الأبوي. لكن في روسيا، من الطبيعي أن تبقى مع والديك -لأن الإيجار باهظ الثمن، ولا يوجد مال لشراء الشقة، وليس ذلك لأنه أكثر ملاءمة أو مألوفًا. يحدث أحيانًا أن يعيش الجميع في نفس الشقة -الآباء والأمهات الذين لديهم أطفال هم بالفعل أصبحوا آباء وأمهات.

 

*يتبع في المقالات اللاحقة عن أبرز الطقوس والعادات والتقاليد الروسية المتنوعة.

Visited 940 times, 3 visit(s) today
شارك الموضوع

د. زياد منصور

أستاذ جامعي وباحث في التاريخ الروسي