عمّاتي الثّلاث: النّص المتعدّد لأسماء معيكل (2/1)

عمّاتي الثّلاث: النّص المتعدّد لأسماء معيكل (2/1)

لحسن أوزين

” لا يمكن أن نُضيِّـف الفاجعة إلاّ من حيث هي قدوم وشيك منعم وترقب لزوال السّلطة”/ موريس بلانشو

تمهيد

أن تجد نفسك متورّطا في نصّ، مثل “عمّاتي الثلاث”، يحمل في طياته تاريخ الكتابة. فرغم ما يكتنف نفسك كقارئ من تعدّد تكويني معرفي، وتأويلي فإنّه ليس من السّهل عليك ادّعاء إعادة إنتاج المعنى بشكل نهائي، أو توهّم محاولة الإمساك دفعة واحدة، من خلال، قراءة يتيمة “بالخيط الّذي يسري في الكتاب، ولا أقول بين دفّتيه، ذلك الخيط المتقلّب والممتدّ الّذي يسعى المؤلّف إلى أن يحصر أطرافه ويلم شتاته تحت عنوان استراتيجي موحّد”. لهذا تُلزمك جدليّة التّفاعل مع النّص بنوع من الجهد في تجنب عدم استهلاكه، كترف لتزجيّة وقت الفراغ. ذلك الجهد الّذي يعني تعميق التّفاعل في قراءة/كتابة تعي جيدا سقفها المحدود، أنّها لا تحاول إلاّ “إيقاف حركة متدفقة وتوحيد تعدّد متفجر”.

هكذا كانت قراءتي لرواية عمّاتي الثّلاث، حيث ورطتني سيرورة القراءة في تعدّد وتنوّع ،وثراء خصب يعيد الاعتبار لفنيّة وأدبيّة الشّكل الرّوائي في مستوياته المتعدّدة اللّغويّة والأسلوبيّة والثّقافيّة، وعلى مستوى الرّؤى والأفكار، وكلّ ما يشمل الخصائص المعنويّة الدلاليّة والفكريّة. وأيضا بشكل خاصّ، إنّها رواية تعيد الاهتمام والاعتبار للحكاية، كما لو أنّها تمتصّ شيئا من نصوص مصادر أنفسنا كالفنّ القصصيّ الشّعبيّ، وحكايات ألف ليلة وليلة. فالرّواية في أحد وجوهها الثريّة لا تكفّ عن التّوالد الحكائيّ، فوراء كلّ حكاية جميلة وممتعة تنهض حكاية أخرى لا تقلّ روعة وسحرا أخّاذا. وفي وجه آخر نجد أنفسنا أمام تراث هائل للموروث الرّمزي والثّقافيّ والدينيّ والاجتماعيّ، بما يجمع بين البعد السّوسيولوجيّ والأنثروبولوجيّ، في الإحاطة بالتّاريخ المنسيّ للتّدين الشّعبي، وللذّهنيات والعقليات، والشّروط الاجتماعيّة التّاريخيّة للعلاقات الاجتماعيّة. خاصّة، بالنّسبة للتّاريخ البطولي للنّساء المنسيّات، الّذي حجبته سطوة التّسلط الذّكوري الأبوي للثّقافة العالمة.  وفي وجه أو زاوية أخرى للمرآة نجد أنفسنا أمام معطيات رائعة ورشيقة، حول التّصورات والمعتقدات والطّقوس والأساطير الّتي تشكّل نمط التّفكير، وتقولب العقليات، وتضع الصّمائم النفسيّة الأوّليّة للتّنشئة الاجتماعيّة الثقافيّة. كما هو ملموس عند جميع شخصيات الرّواية، خاصّة سليمة/دميعة/ داملا. تلك التّنشئة الّتي من خلالها يرى المرء نفسه والآخرين والعالم.

وهذا التّناول الشّامل، الّذي يميّز الخطاطة المولدة للرواية، كنصّ سردي، في توسيع زاوية المنظور، واستحضار كلّ الوجوه المحتملة الّتي تنحرف في المرآة، كواقع يخلقه التّخييل، هو ما يسمح بتصحيح المغالطّات السّائدة وأحكام القيمة التّعسفيّة الّتي مارست قهرا واحتقارا، وإذلالا ثقافيا واجتماعيا وتاريخيا في حقّ النّساء، وتبخيسا لقيمة الحبّ الّتي يمكن أن تحمي الإنسان إزاء دلالة الفقدان/الموت الّتي تتهدّده كقدر محتوم في تعيين حدوده الّتي لا مفرّ منها مؤقّتا، إلّا عبر متخيّل الحكايّة والخرافة والأسطورة والمعتقدات…

إنّ رواية عمّاتي الثّلاث تعتبر بحقّ نصّا متعدّدا في صياغته الفنيّة لهذا الثّراء الباذخ، بنوع من الرّؤية الشّموليّة الّتي تحاول إسقاط الأقنعة لفهم سرّ المأساة الّتي تطاولت مع الزّمن، وهي تأخذ أبعادا مخيفة ومرعبة إلى درجة الإبادة ومسح الذّاكرة، كما لو أنّ طاعونا حلّ بالبلد معلنا نهاية عالم وبداية الخلق من جديد.

في هذا العمل الجميل والممتع، تواصل أسماء معيكل اشتغالها العميق بقضايا النساء. فهي تفكر الأزمات والتحولات الاجتماعية التي تعرفها مجتمعاتنا، من زاوية المقهور، بشكل مضاعف، نعني هنا المرأة بشكل خاص، في تحملها للثمن الرهيب الذي ينبغي دفعه، وما ينتج عن ذلك من آلام  ومآسي مروعة. قلما ينتبه المجتمعات لتجربتها الوجودية ودينامياتها النفسية، معزولة منبوذة مقصية من الرابطة الاجتماعية التي تعترف بقيمتها الإنسانية. لهذا نعتبر كتابات أسماء أعمالا نسوية بامتياز كبير، بالمعنى الإنساني القيمي التحرري، بعيدا عن اللغة الإيديولوجية.

أوّلا: طفلة بين يدي الحكايات

تمدّنا الرّاوية/داملا منذ البداية بالكثير من المؤشّرات المحزنة والمؤلمة كإنسان غير مرغوب فيه، حمل كرها، ووضع كرها، لأنّ أمها لم تكن راغبة إطلاقا في هذا الحمل المفاجئ كلوثة استغلّت غفلة الأمّ في لحظة انكسارها أمام صعوبة تقبّل موت أختها سليمة. وحاولت الإجهاض للتّخلص من هذا العبء الثّقيل دون أن تفلح في الهروب من سطوة هذا القدر الملعون في عمق ذاتها المنكسرة والمكلومة بحرقة أتعاب البيت المملوء بالبنات والبنين. هذه هي عتبة السّياق الّذي جاءت فيه الرّاوية إلى الحياة، سياق آلام صعوبة عيش الحداد، وكراهية عبء حياة الإنجاب القهريّ. ولم تكن الأمّ لتقبل بهذه اللّوثة الملعونة إلّا باعتبارها شّرا قاتلا في صورة خلاص لمعاناتها وعذاباتها، وزاد شكل ولادتها بدموع منسكبة من الشّحنة الرّمزيّة للأحزان والغرابة القلقة للولادة المتعسّرة. فكانت الطّفلة سليمة أو دميعة مجرد بديل حيّ لسليمة الميّتة. كما لو أنّها- الطّفلة- اخترقت الحياة كباب محظور في متخيّل الرّواية لتنفتح آفاق توالد الحكايات وتطوّر المحكي، تحت وقع دافع إغراء الشّر، لتجد نفسها في حضن دافئ، لثلاث عمّات، مفعم بالحبّ والمودة والحنان والتّقدير، حضن يخفي في جوفه مرجلا وقوده حكايات خلقت القليل من الأحلام، والكثير من الخيبات والأحزان والانكسارات والآلام العميقة للتّيه والعزلة و للوحدة الجوفاء المشحونة بدلالات الفقدان لمعنى قيمة الإنسان، في الألم كما عاشته العمة رحيمة، والحبّ وعشق الحياة تحت وقع لعنة الأقدار كما اكتوت بنارها العمّة كريمة، وعيش النّكران والتّخلي وعقدة الذّنب والتّأثيم الّتي عذّبت العمّة حكيمة. كلّ هذا الرّعب المؤلم محفور بالحديد والنّار في أعماق نفس العمّات وهنّ يعانين بصمت قاس كمديّة تمزّق جوفهنّ من خيبة شرّ قساوة المسارات والمصير. هكذا وجدت داملا نفسها بين مخالب حكاية تشكّل وجودها وتمنحها وجهة دون أخرى، حكاية لا تكفّ عن التّوالد في تطوّر للمحكي يتّسع باستمرار لكلام يخلق وقائعه، أحداثه، شخوصه، أفراحه وأتراحه، خيباته وانكساراته، كراهيته وحبه العميق، قهره وإذلاله، شموخه وشهامته، كما يخلق أزمنته وأمكنته وتحوّلاته المتعسّرة الأقرب إلى قدريّة تتحكّم في المصير المحتوم. بهذا الشّكل الفنّي تخلق الرّواية تخييلها لتجعل منه حقيقة معاشة هي الواقع في حالة الإيمان به والتّصديق بالتّخييل المسطور. متخيّل كتابة يشتغل كآليّة أساسيّة في تعريّة ظلال ومتاهات النّفس المكلومة لثلاث عمّات بالإضافة للرّاوية داملا. كما تعمل على إضاءة الجوانب المظلمة لذوات مفكّكة فقدت معنى الوجود، وقد شكّلها المحيط السّوسيوثقافي وما يميّزه من تصوّرات ومعتقدات، تنمط الذّهن وتقولب العقليات، وتفرض نوعا من التّفكير ورد الفعل، في تغييب تامّ لمستوى الفعل الذّاتي البناء. رواية عمّاتي الثّلاث تخلق نصّا فنّيا متشابكا في تداخل بنياته وتوالد حكاياته، وتعدّد مكوّناته ومستوياته اللّغويّة والتّيماتيّة الثّقافيّة. إنّها كتابة تحاول تشخيص ما شكّل ذاكرة طفلة غير مرغوب فيها، كانت شاهدة على محنة قهر النّساء من خلال عيش واقع حكايات عمّاتها الثّلاث. كما هي شاهدة على طاعون الأسد في تخريب البلد بمن وما فيه. فقد اختارت الكاتبة كتابة نصّ متشابك ومتعدّد يمنح نصوصا من مصادر أنفسنا، انطلاقا من الحكايات الشّعبيّة، وصولا إلى النّص القرآني، مرورا بالموروث الثّقافيّ للتّدين الشّعبيّ…

ففي سياق سيرورة خطاطة الذّاكرة والتّخييل المولدة للرّواية تجد دميعة نفسها بين يدي متخيل كتابة ترسم وجودها في سيرورة تحوّلات متعرجة وعنيفة من محنة لأخرى حيث لا تجد قلبا ذاتيا وموضوعيا مرحبا بلحظة ولادتها، واهتماما وحبّا يعترف بوجودها في أن تكون وتصير إلاّ من طرف عمّاتها، ولا كتفا يسندها وقلبا يدعمها وظلّا لتعبها المرهق غير عليّة عمّتها رحيمة، حيث تجتمع العمّات الثّلاث للتّخفيف عن أنفسهنّ في محاولة التّغلب على اليأس والقنوط والخيبة، واحتواء الآلام والعذابات العميقة الّتي خلّفها قهر النّساء وفق أقدار خارقة مجهولة تتخطّى أحلامهنّ ورغباتهنّ في محيط سوسيوثقافي عدواني ومعقّد وشرس ومتخلّف. حيث عاشت كلّ واحدة من هنّ فجر فرحات لم يكتمل ربيعها في الحبّ والزّواج والأبناء والأمومة…، بسبب قدر مشؤوم خلق لحياتهنّ أفقا مأزوما ومسدودا مولّدا في ذواتهنّ حالة من الانفصال والهجر النّفسيّ.

فالعمّة رحيمة تقبع في أعماقها حالة مؤلمة من دلالة الفقدان وهي تعيش متواليّة مرعبة إلى حدّ الجنون بموت أطفالها الواحد تلو الآخر بشكل مفاجئ وصادم في الوقت نفسه للقلب والعقل والوجدان، ولسقف معرفتها في فكّ لغز قدر قلق الموت الّذي يهدّد الانسان. إنّها صدمات متتابعة حفرت في جوفها بئر الألم، وأجهزت على معنى وجودها، كما لم تترك لها فسحة لفهم هذا الاستثناء في فرض لغة وواقع الحرمان من حقّ الأمومة والانجاب، كما لو كانت تقول في نفسيتها لماذا أنا بالضّبط يحدث معي هذا؟ وهذا ما يزيد من حرقة الألم. الشّيء الّذي فجّر في الأعماق عذابات رهيبة تتحين فرصة الانفجار كلّما مرّ إيحاء الكلام دون قصد من العمّة كريمة أو العمّة حكيمة قرب فوهة بركان الألم اليقظ الّذي ينخر الذّات باستمرار. أمّا بالنّسبة للعمّة حكيمة ففي داخلها عذابات مكبوتة من الهجر والنّكران، ومرارة الفراق والنّسيان الّتي خلفها أبناؤها في جوف قلبها المجروح بعذابات ألم عقدة الذّنب والتّأثيم نتيجة تعاملها السّيء حسب اعتقادها مع زوجها الطّيب إلى درجة ترى أنّها مسؤولة عن موته. لذلك ففي باطن نفسيتها جرح غائر لا يتوقّف عن النّزيف في صورة وسواس قهري لحالة السّواد الحزين الّذي يخيم قانونه في أعماقها ولباسها وأثاثها وبيتها ونمط حياتها معنويا وماديا…، وتزداد حلكته عند حلول كلّ فصل ربيع. وقد كانت حياتها مؤلمة جدّا في السّنوات الأخيرة من عمرها، وهي تعيش حالة من الضّياع النّفسي والعقلي إلى درجة فقدان الذّاكرة تحت غطاء مفارقة جدّ قاسية على أنّها في مقام العروج الصّوفي للأولياء الصّالحين الّذين ترجو العامّة بركاتهم. وهذه الوضعيّة الحرجة نفسها عاشتها العمّة كريمة بألم لا يخلو من عذابات رهيبة حجبتها التّصورات والمعتقدات خلف لباس القداسة والبركة للوليّة الصّالحة. فقد عاشت عشق الحياة وسعادة الحبّ مع زوجها إلّا أنّها عانت كثيرا من استحالة أن تكون أمّا لأنّها كانت عاقر، رافضة تقبل الحقيقة فنسجت من خيبتها أوهاما كثيرة وهي تكابد ألم العجز في أن تكون وتصير أمّا لها أطفال. وزادت محنتها بموت زوجها الّذي عاشت معه المودة والتّفهم والوفاء والحبّ وعشق الحياة.

هذه هي الخلفيّة النّفسيّة الثّقافيّة والاجتماعيّة التّاريخيّة الّتي سهلت الانسجام والتّلاحم والتّساكن والمحبّة بين العمّات الثّلاث. إنّها الأرضيّة الحيّة والحيويّة الّتي شكّلت الحضن الدّافئ لولادة دميعة/سليمة، ولنموها ونمائها الشّخصي والنّفسي والذّهني والمعرفي الاجتماعي وفق الشّروط السّوسيوثقافيّة الّتي تحكم وعي العمّات وتحدّد نظرتهنّ لأنفسهنّ وللآخرينّ والعالم. فالمسارات المؤلمة للعمّات وسياق الحزن والحداد الصّعب، والرّفض والنّبذ الّذي جاءت فيه دميعة/سليمة إلى الحياة وفر فرصة للتّغلب على الاحباط والانكسار والخيبة، وتبادل تمرير شعور المحبّة والفرحة المقموعة في دواخل العمّات، كما لو كانت الطّفلة بمثابة جسر لتخطّي التّشظي والأحزان، أو تعويضا للحلقة المفقودة في نفسيّة العمّات.

ففي عليّة العّمة رحيمة تكونت وتطوّرت شخصيّة دميعة، أو بتعبير أدقّ خلقت الحكايات هذه الشّخصيّة/ الطّفلة وفق قدريّة تجارب مختلفة للعمّات في النّظرة والفعل ورد الفعل، وفي مختلف السّلوكات والتّصرفات وفق إطار عامّ للمحيط السّوسيوثقافي في تشكيل النّظرة وبناء التّصورات والمعتقدات كخلفيّة مرجعيّة عند عمّاتها، تسمح لهنّ ببلورة إجابات لكلّ النّكسات والخيبات والأزمات الّتي عاشتها وتعيشها كلّ واحدة من هنّ في الاعتقاد بالسّحر والجنّ وزيارة القبور والتّبرك بالأولياء والحسد وعين السوء…

ففي سياق هذا الرّأسمال الرّمزيّ للشّعور واللاّشعور الجمعيّ النّفسيّ والثّقافيّ تبلورت شخصيّة دميعة/سليمة وهي تحمل التّقاطعات والاختلافات الّتي استبطنتها في علاقتها بعمّاتها كهويّة متعدّدة شكّلتها الحكايات كتصوّرات ومعتقدات، ونمط تفكير. وحدّدت أفقها المحتوم في النّظرة إلى الذّات والآخرين والعالم، إلى درجة كانت تمثّل نوعا من الأسر الّذي سيّج حياتها، وجعلها مسكونة أوّلا بحكايات العمّات في رحلتها الدراسيّة، دون أن تقوى على عيش فرحة التّخرج من الجامعة بسبب موت العمّات الواحدة بعد الأخرى. ومسكونة ثانيا بروح عمّاتها في بلاد الغربة بإسطنبول، دون أن تستطيع التّحرر من ثوابت وقيم عذابات شرنقة حياة العمّات. وفي جانب آخر تكشف مرآة حكايات خيبات حياة العمّات، عن حجم العذاب الرّهيب والمؤلم الّذي تعيش المرأة في المجتمع الذّكوريّ الأبويّ، خاصّة عندما تحمل المرأة الوصمة السّيئة والسلبيّة منذ ولادتها كإنسان غير مرغوب فيها، ومنبوذة متروكة للإهمال بين أم منهكة بقهر متطلّبات البيت الكبير، وأب مشغول بعالم الرّجال. دون أن ننسى وصمة الوظائف والأدوار الّتي تفرض عليها كقانون طبيعي يخفي حقيقة الاجتماعيّ الثّقافيّ القهريّ، في الحبّ والأمومة والإنجاب، وفي الكينونة والصّيرورة كذات حرّة فاعلة مستقلّة في حياتها وأحلامها وجسدها، وفي طموحاتها وتطلّعاتها. فعلى هذا المستوى يمكن اعتبار رواية عمّاتي الثّلاث وجها آخر للتّاريخ المهمّش والمنسيّ الّذي تصنعه النّساء في الخفاء.

إنّها رواية تخترق أفق انتظار القارئ، وهي تتنامى كنصّ متميّز لا ينطلق من وصفة جاهزة، في صياغاته اللّغويّة الدّقيقة حسب الوعي الثّقافيّ الاجتماعيّ للشّخصيات، ومناسبا للبيئة المجتمعيّة والعلاقات الاجتماعيّة في شروطها التّاريخيّة بعيدا عن أيّة مغالطّات في إسقاط وعي الكاتبة على شخصيات الرّواية. وتتباين قوّة اللّغة وشفافيتها كلّما تعلّق الأمر باشتغال ذاكرة الرّاوية كاستبطان ذاتي يحفر في جوف ما ترسّب في الأعماق من ظلال العمّات.

* أسماء معيكل: عماتي الثلاث (المؤسسة العربية للدراسات والنشر – الطبعة الأولى 2020 )

Visited 30 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

لحسن أوزين

كاتب مغربي