برخان في خبر كان  

برخان في خبر كان  

باريس – المعطي قبال 

في طيات البيان الصادر عن قصر الاليزيه في موضوع انسحاب فرنسا من مالي ما يشبه الأسى وخيبة الأمل.  وهناك ما يبرر هذا الشعور المرير. إذ بعد 9 سنوات لما يسميه الدبلوماسيون بـ «الحضور الفرنسي بمالي»، انسحبت القوات الفرنسية التي يقدر عدد جنودها بـ 5100 جندي من قاعدة غاو العسكرية، أكبر قاعدة عسكرية فرنسية في إفريقيا، والتي تقع بشمال مالي، انسحبت متجهة صوب الحدود النيجيرية. وقد رافق المسيرة العسكرية عشرات الماليين الذين رفعوا لافتات تطالب برحيل برخان «عراب الجماعات الإرهابية»…وسبق لفرنسا عام 2013 أن نشرت قواتها بمالي وأطلقت على هذه العملية اسم سيرفال لتأخذ فيما بعد تسمية برخان، بمهمة أساسية وهي محاربة الإرهابيين من جهاديي القاعدة والدولة الإسلامية.

 في البداية كان الهدف من عملية سيرفال هو توقيف زحف القوات الانفصالية على باماكو عاصمة مالي، قبل أن توسع فرنسا من نطاق هذه المهمة. وقد كانت الحصيلة بعد 9 سنوات من التواجد العسكري الفرنسي 59 قتيل. وكانت السلطات الانقلابية – الانتقالية المالية، التي استولت على الحكم  في شهر غشت من عام  2020، قد طالبت فرنسا بسحب قواتها من مالي البالغ عددها 5100 جندي. وقد بدأ الانسحاب تدريجيا السنة الماضية. يوم الاثنين 15 غشت، الذي صادف عيد معراج المسيح، غادرت القوات الفرنسية إذا مالي. لكن فرنسا ستبقى متواجدة بالساحل الإفريقي وتحديدا بخليج غينيا وبمنطقة بحيرة تشاد. ستكون تبعات هذا الانسحاب خطيرة على وضع مجموع منطقة الساحل سواء على المستوى الأمني أوعلى مستوى الاستراتيجية الإقليمية.

السؤال الذي يثيره المتتبعون للشأن الأمني المالي هو معرفة هل سيتحول البلد إلى ثكنة جهادية أو إلى ورشة عسكرية تسيرها فرقة فاغنر التي انتشر قرابة ألف عسكري من أفرادها جنوب مالي؟

راهن الفريق الانقلابي بمالي على موسكو لمساعدته على مواجهة الجهاديين، الذين قد يستغلون فراغ الساحة بعد انسحاب القوات الفرنسية لبسط نفوذهم بمنطقة الساحل. كما ألب العسكر الشارع المالي وشبكات التواصل الاجتماعي ضد فرنسا بتقديمها في صورة المستعمر الجديد، الأبوي والمتغطرس. 

في هذا الصدد اتهمت القوات المالية ومجموعة فاغنر القوات الفرنسية بارتكاب مجازر ببلدة جوسي. لجأت هذه الأطراف لاستراتيجية التمويه والأخبار وفبركة الأخبار المزيفة لتغذية العداء ضد فرنسا. هل مجموعة فاغنر قادرة على ضمان الأمن والحماية للماليين؟

 يطرح هذا السؤال على خلفية تصفية المئات  من المدنيين في الأشهر الأخيرة بناحية ميناكا. فقد اغتيل ما لا يقل عن 264 من المدنيين حسب الأمم المتحدة. كما قتل 42 جندي مالي بنواحي غوا في هجوم قامت به الدولة الإسلامية. لذا قد يجد الشعب المالي نفسه بين ثلاثة نيران حارقة: نار العسكر المالي، نار مجموعة فاغنر ونار الجهاديين.  وتلتقي الأطراف الثلاث عند رغبات ونزعات الذبح، النهب والاستئصال.

Visited 3 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".