روسيا والأعمال التخريبية .. فتش عن بقايا “ستاسي”
خالد العزي
في أعقاب تعيين وزارة الدفاع الروسية سيرغي سوروفيكين قائداً جديداً لقواتها في اوكرانيا، بدأ الجنرال المعين فورًا باستخدام تكتيكات جديدة في المعركة من خلال توجيه ضربات صاروخية شملت مختلف المدن الأوكرانية.
وبعدها عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتماعًا لمجلس الأمن القومي بتاريخ 10 تشرين الأول الحالي، حيث قرن سلطات كييف الحالية بالجماعات الإرهابية الدولية. “من المستحيل ترك مثل هذه الجرائم دون إجابة وبعد عرضه الجرائم الكثيرة بنظره التي ارتكبتها كييف، من دون أن يقدم أي أدلة أو براهين، فهو نسى أنه في حالة حرب مع أوكرانيا منذ تسعة شهور، والقصف الصاروخي لم يغب عن المشهد. بناءً على اقتراح وزارة الدفاع ووفقًا لخطة هيئة الأركان الروسية، إطلاق سلاح الجو والبحر والبر صواريخ واسعة المدى وعالية الدقة ضد منشآت الطاقة والقيادة العسكرية والاتصالات في أوكرانيا مستمرة.
وفي ظل غياب الحقيقة والتوصل الى التحقيقات النهائية يصعب على المرء تصديق وجهة نظر واحدة، لا سيما وأن روسيا لم تستطع إبرازها في العملية التخريبية ضد جسر القرم أو “كرتيش”، حيث يمكن الوقوف أمام ثلاثة أمور لتبيان ما حصل، وتؤكد مقاطع الفيديو أن الحريق وقع على ما يُفترض على الجسر الروسي الأكثر حراسة ويمكن انه بدأ بحدوث انفجار من خلال الفرضيات التالية:
1ــــ هجوم بصواريخ “هيمارس”: إن انهيار الجسر في عدة أماكن يشير لصالح ضربات شنتها أوكرانيا بالهجوم الصاروخي. لكن رسميًا، لا تمتلك أوكرانيا صواريخ ذات مدى مماثل، إلا إذا تم تزويدها سراً من قبل القوات الامريكية.
2 ــــ تقويض الشاحنة: أفادت بعض وسائل الإعلام الروسية أن الحريق بدأ بانفجار شاحنة التقطت بكاميرات المراقبة. تفترض هذه الفرضية وجود سائق انتحاري، وأن الشاحنة التي تحمل متفجرات تمكنت بطريقة ما من عبور نقاط التفتيش الأمنية.
3 ـــــ هجوم بطائرة بدون طيار تحت الماء: اكتشف الجيش الروسي مؤخرًا طائرة مسيرة أوكرانية تحت الماء في البحر الأسود. ولاحظ مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي أن الفيديو يظهر موجة تحت الجسر قبل ثانية من الانفجار.
يمكن القول بأن هناك احتمالًا آخر لم يتوقف أمامه أحد بان الاستخبارات الروسية من كانت وراء التفجير لأسباب خلافية داخلية. ولم يمض على عملية تفجير جسر القرم يومان، حتى اكتشفت المخابرات الألمانية تجهيزًات لعملية كبيرة تستهدف بنى تحتية لشبكات سكك الحديد في شمال الدولة، حيث تم توجيه أصابع الاتهام إلى روسيا، مما دفع التحقيق للنظر بمدى ارتباط رئيس جهاز الأمن الفدرالي للأمن المعلوماتي بروسيا وإقالته. فهل يمكن لما تبقى من جهاز “ستاسي” تفجير خطوط الأنابيب في بحر الشمال، والتعامل مع موسكو؟
الربط بين التفجيرين
اذًا يمكن النظر إلى عملية التخريب التي حصلت في نورد ستريم 2، من حيث المبدأ بأنها تشبه عمليات التخريب لجهاز “ستاسي” أي جهاز المخابرات في ألمانيا الشرقية السابقة، المعروفة للخبراء بهجمات ضد البنية التحتية في الغرب.
وبعد الاطلاع على مقتطفات من وثائق تنشر من أرشيف وزارة أمن الدولة في جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وتقييمات المؤرخين لأوجه التشابه بين التخريب في نورد ستريم 2 وخطط “ستاسي” للحرب الباردة.
فإن البروفيسور هيلموت مولر-إنبيرج، الخبير الغربي بجهاز أمن الدولة في لجمهورية ألمانيا الديمقراطية يقول “بأن الجهاز قام باستعدادات شاملة للتخريب في ألمانيا الاتحادية، والتي كان ينبغي أن تلعب دورًا على الأقل في حالة حرب الباردة، حيث تم اعتبار مرافق البنية التحتية كأحد أهداف الخدمات الخاصة”.
لقد جمعت لمحة عامة عن المعدات التشغيلية والتقنية لستاسي. في تقرير من عام 1974، حيث سجلت الوحدة الخاصة “تطوير جهاز عائم دقيق يتم التحكم فيه عن بعد “Aquahod اكودا”، مصمم لإيصال وتفجير الذخائر المتفجرة والحارقة وغيرها”.
حينها تمت مراقبة البنية التحتية لألمانيا بعناية من قبل “ستاسي “وهكذا، خلال الفترة المشمولة بالتقرير، تم تطوير ست وعشرين تحليلًا كائنًا حديثًا للمحطات الفرعية والأقفال والمصافي ومستودعات النفط ومكاتب الاتصالات ومحطات الطاقة وخطوط الطاقة الرئيسية وغيرها” لعام 1977. واحتفظ “ستاسي” بوحدات خاصة للقيام بأعمال إرهابية وتخريبية ضد الغرب. كان مقاتلو النخبة جزءًا من وحدة تسمى “مجموعة عمل وزير المهام الخاصة”.
ومن أرشيف ستاسي: في “تصنيف الأهداف المحتملة للهجوم” في عام 1981، حدد الخدمة السرية لإمدادات الغاز و”نظام خط أنابيب الغاز الرئيسي” على أنهما “كائنات مستهدفة”، بحسب إحدى الوثائق. كعنصر فرعي “الأجسام المستهدفة” هي “خطوط الأنابيب ومحطات الضواغط ومحطات التحكم وشبكات إمداد الغاز المحلية”.
ويوضح الخبير بشؤون ” كي جي بي” السوفياتي د.دوغلاس سيلفاج من معهد البحوث التاريخية في جامعة هومبولت: “المخابرات السوفياتية كان لديها وحدة خاصة تسمى ونبل ” Vympel “، كانت مسؤولة عن التخريب والعمليات السرية. لا تزال هذه الوحدة موجودة بالاستخبارات الروسية، بالرغم من أنها أخذت شكلَا جديدًا وأكثر إخفاءً. لدى روسيا في جهاز المخابرات العسكرية، قوات خاصة”.
فالأعمال التخريبية في القرم وغيرها من المناطق لم تستند سوى لتصاريح، وتعليقات رجال سياسة روس دون الأدلة الدامغة التي تدين كييف أو جهازها العسكري كي تطلق الإشارة سريعًا إلى أنه عمل تخريبي أوكراني.