آخر أحلام العهد العوني
حسين عطايا
تتسارع الاحداث وتتراكم قصص وحكايات حول حكومة من هنا وانتخاب رئيسٍ من هناك، وتُرسم نهايات وبدايات منها سعيدة ومنها ما هو موحِشٌ جداٌ، فتتوق مخيلة البعض الى رسم سيناريوهات ولا في هوليود مثيلٌ لها، بينما الحقيقة في مكانٍ آخر بعيدٌ كُلياً عما يُرسم ويُحاك، او ما تكتبهُ بعض الاقلام منها عن غير قصد، وبعضها الآخر مدسوسٌ لجس نبض او فحص بعض النوايا .
في آخر أيام العهد العوني تتكاثر الزيارات وتوجيه النصائح والهدف منها تشكيل حكومة عتيدة لتتسلم مسؤليات الرئيس المنتهية ولايته، على ان تكون كاملة الصلاحيات وليست حكومة مستقيلة .
وهنا لا بد من ملاحظتين إثنتين :
ــــ اولاً: سبق وتم تكليف نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الاخيرة للعهد منذ ما بعد الخامس عشر من ايار الماضي، على إثر الانتخابات النيابية الاخيرة، ولكن مُماحكات عون وصهره جبران باسيل وتوزيع الادوار فيما بينهما لم يُفض الى تشكيل حكومة تتحمل مسؤوليات وقف الانهيار او وضع بعض الحلول التي يحتاجها البلد، فهل في العشرة أيام الاخيرة ستُفضي الى الافراج عن تشكيلة وزارية أو تعويماً للحكومة الحالية مع بعض التعديلات الطفيفة؟؟
هذا الاأر في غاية الصعوبة لا بل من سابع المستحيلات، خصوصاً أن مخيلة البعض تتوقع توقيع مراسيم الحكومة العتيدة في الربع ساعة الاخيرة، ولكن تناسى هؤلاء بأن هكذا تصرف غير مسؤول سيوسع هامش الارباك والفوضى الدستورية، وفي الوقت ذاته ستنتهي الأيام الاخيرة لعهد ميشال عون، وستُصبح الحكومة مستقيلة ولن تستطيع ان تحظى بثقة المجلس النيابي الحالي وهنا تكمن الخطيئة الكبُرى ونكون أمام حكومة في نسختين، هذا طبعاً إذا وافق الرئيس نجيب ميقاتي على ذلك التصور ووقع مراسيم التشكيل، بينما إحدى أهم شروط الرئيس وصهره عدم إطلاع ميقاتي على الأسماء إلا اثناء توقيع المراسيم .
ـــــ ثانيا: في فشل الخطاب السياسي الذي استند عليه العهد المبنيٌ على ان الرئيس لا يمتلك صلاحيات وهذا ما اوقع العهد بالفشل الذريع على مدار ست سنوات، على الرغم من البروباغندا الاعلامية التي سبقت وتلت وصول عون الى سُدة الرئاسة الاولى، على انه الرئيس القوي صاحب التمثيل المسيحي الاقوى في بيئته وطائفته، وصاحب أكبر كتلة برلمانية مسيحية، ولكن كل تلك الادبيات لم تحقق أية نتائج او إنجازات سوى ذلك الانجاز اليتيم “ترسيم الحدود البحرية” والذي تم نتيجة تدخلات وإرادات خارجية لم يكن العهد وبطانته سوى صورة بشِعة عن الاستخفاف بقضايا الوطن والتنازل عن ثرواته لقاء بعض الامتيازات القليلة التي حصل عليها صبيانه وحلقته الضيقة، حيثُ كانت المفاوضات في الخارج ويُمسك بخيوطها من هم خارج حدود الوطن الصغير .
هذا يعني انه حتى هذا الانجاز لم تُكتب كلماته في بعبدا او من المُحيطين بها.
بعد الفشل الذريع بدأت خطابات وأدبياتٍ من نوع جديد على ان الرئيس لا يمتلك صلاحيات وتفتق الذهن العوني عن جملة “ماخلونا”.
كل هذه الروايات ليست سوى لذر الرماد في العيون على ان الفشل يأتي “نتيجة الطبقة السياسية الحاكمة والتي اوصلت البلاد الى ماهي عليه اليوم “، هذا ما ورد في تصريح للرئيس المنتهية ولايته ميشال عون يوم امس اثناء استقباله وفداً من الهيئة الوطنية للمرأة في قصر بعبدا .
وهنا يبدو ان العمر والذي بلغ عتيهُ أضاع تركيز الرئيس والذي اعتبر نفسه من كوكب آخر وتناسى بأنه احد أبرز اسوأ الطبقة الحاكمة والتي دخلها واصبح عضواً بارزاً ومميزاً بعد توقيعه اتفاق مارمخايل مع شريكه وحليفه حزب الله في العام ٢٠٠٦ والذي كان بداية دخوله جنة المنظومة مدفوعاً ومسنوداً من منظومة السلاح غير الشرعي والتي تتحكم بمفاصل البلاد والتي فرضت وصايتها متذ انسحاب الاحتلال السوري في نيسان من العام ٢٠٠٥، منظومة الفاساد في بعبدا سكتت وصمتت عن تفجير مرفأ بيروت الذي دمر مايُقارب نصف العاصمة وقتل ما يزيد عن مئتي وخمسين ضحية من اللبنانيين، هذا العهد الذي عطل التشكيلات القضائية وعطل معها كلا من: دورة مأموري الاحراج .دورة موظفي بلدية بيروت .دورة موظفي المراقبين الجويين في المطار .
وغيرها الكثير الكثير من الممارسات والتي نهبت المال العام بدءاً من كهرباء لبنان مروراً الى إنشاء سدود فارغة من المياه وصولاً الى منع بناء معامل للكهرباء جديدة إلا على اساس تقاسم طائفي ومذهبي ومناطقي تخدم زبانية عهده .
واليوم في آخر أيامه يُريد فقط حكومة يمتلك أكثريتها ليُدير البلاد على هواه من الرابية بعد خروجه من قصر بعبدا مهزوماً مأزوماً كما في العام ١٩٩٠ .
<
p style=”text-align: justify;”>واخيراً فإن اللبنانيين بجميع فئاتهم ما عدا بعض الازلام والمحاسيب يَعدون الأيام والساعات والدقائق لانتهاء عهد عون وخروجه من حياتهم .