الطفل “إيدير” يحط الرحال بعاصمة الأنوار
علي بنساعود
نُظِّم أخيرا معرض تشكيلي للفنان محمد الزياني تحت عنوان: “رحلة إيدير عبر زمن الفن” (Le voyage De YIDIR… Le temps de l’Art). المعرض الذي افتتح يوم 20 أكتوبر الماضي واستمر حتى 5 نونبر الحالي، والذي احتضنته قاعة العرض بمؤسسة “دار المغرب” بباريس، تمحورت جميع لوحاته حول شخصية فريدة تتكرر في جميع المعروضات، وهذه الشخصية عبارة عن طفل_ رَاعٕ يُدْعى “إيدير”، وحسب الفنان، فإن كلمة إيدير هذه أمازيغية تعني “الخالد” الذي يعيش أبدا، وهذا الراعي هو بطل اللوحات الفنية، ومحورها الرئيسي الذي يسافر في رحلة عبر زمن الفن، فيعود إلى الماضي، إلى بدايات الفن في الكهوف، ليبحث عن ينابيع الإبداع، وعن الأصل في النقوش الصخرية، وفي الحركة الفنية في عصر النهضة. كما نلاحظ من خلال اللوحات أن هذا الطفل_ الراعي خرج من الهامش (من تنغير بالجنوب الشرقي المغربي) ليقتفي أثر الروائع التشكيلية العالمية، في الفن المعاصر، ليندمج فيها ويصير جزءا من تلك التحف الفنية بأساليب مختلفة، وللإشارة، فالفنان محمد الزياني يشتغل على تيمات هذا المعرض منذ 1990 ولم ينته منها بعد.
محمد الزياني فنان مغربي عصامي، من مدينة تنغير، وبها يشتغل ملحقا بالمركز الثقافي التابع لمناجم إميضر، وهو لم يرافق لوحاته إلى دار المغرب بباريس، الشيء الذي استغرب له زوار المعرض…
وفي اتصال معه، صرح لنا الفنّان أن طفله هذا “هو بمثابة شاهد عيان على تغيّرات الفن عبر الزمان، وتكراره في كل اللوحات هو بمثابة تكرار اللازمة في القصيدة الشعرية، والنغمة الإيقاعية في السيمفونية، نغمة واحدة تعود كل مرة لتذكرنا بالطفل الذي كُنّاهُ، وتلك المرحلة العمرية التي عشناها بكل براءة وتلقائية…”
وأضاف الفنان قائلا: “على الرغم من اطلاعي على مختلف المدارس الفنية، لم أنتم لمدرسة بعينها، فأنا أغرف من كل التراث الفني الإنساني المطروح أمامي، وبالتالي، فإن المدرسة التي أنتمي إليها هي مدرسة الحياة التي وفرت لي مخزونا من الثراء الفني الذي لا يمكن استنفاده أبدا. وأنا أتأثر أولا، فأبحث، وأنقب في محاولة لاكتشاف ذاتي عبر تواصل إنتاجي…
عن سبب عدم حضوره إلى باريس رفقة لوحاته، قال: “كنتُ عازما على المجيء، لكنني، مع الأسف، وضعت ملف الحصول على التأشيرة، لدى القنصلية الفرنسية، منذ أواخر شهر يوليوز الماضي دون جواب! غير أنني، قبل ذلك، كنت بعثت لوحاتي، وعددها 40 لوحة، إلى باريس… وهكذا، شاءت الأقدار أن يصبح طفلي “إيدير” سفيرا للفن، ومثلني أحسن تمثيل، فكانت الرحلة إلى المكان الذي انبثقت منه جل روائع الفن العالمي، وعاش نيابة عن وسط باريس أرض الفن ومحج المبدعين.
وأوضح الزياني أنه بدأ حياته الفنية قبل تعلم إمساك القلم، نظم مجموعة من المعارض التشكيلية داخل الوطن وخارجه، كما لقيت لوحاته اهتمام عدد من المختصين والمهتمين من خلال مقالات نشرت بعدد من المنابر الإعلامية وطنيا ودوليا.