هل يريد نصرالله عودة الثورة الى الشارع؟
سمير سكاف
تقول الآية القرآنية الكريمة: “وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا “الأحزاب:58”.
تغيب الثورة عن التحركات الجدية في الشارع منذ نهاية الموجة الثورية الأولى في 15 أيار الماضي. وللمفارقة، يخترع السيد حسن نصرالله عدواً (وهمياً حالياً) مع مفعول رجعي يتهمه بالعمالة للسفارات والغريب، أن يأتي الاتهام للثورة بالسفارات ممن يجاهر علناً بتمويله الإيراني بالكامل، حتى بالأكل والشرب، في حين أن الثورة، بمعظم “المؤمنين والمؤمنات فيها”، لا تمت بأي صلة لأي سفارة. ولم تحصل على قرش واحد من أي سفارة. وهي قامت بتمويل معظم أنشطتها باللحم الحي، كل ذلك، من دون أن ننسى عملية التطبيع “الفعلي” لحزب الله وللبنان الرسمي مع إسرائيل بالاعتراف بحدودها البحرية، أو أيضاً بعملية “الأمن المستدام” معها، بعد الضمانات الأمنية التي أعطاها حزب الله لاسرائيل، حتى ولو بشكل غير مباشر.
وهل يحق لمن أساء إدارة البلاد الى حد الإهمال الجرمي، وأوصل لبنان الى جهنم، أن يتهم من ثار عليه للتخلص من قهره وذله والطوابير التي فرضها عليه، والأموال التي إما ساهم في نهبها وإما سكت عن هذا النهب؟ أليس حزب الله عنصراً أساسياً في كل الحكومات المتتالية الأخيرة؟ أليس شريكاً في اختيار وزير المالية؟ أليس حليفاً لوزراء الطاقة؟ فهل بقي أموال في جيوب اللبنانيين أو في ودائعهم المصرفية، أم إنها نُهبت؟ وهل هناك مياه أو كهرباء في منازل اللبنانيين أم أنها فُقدت؟ هل يستطيع اللبناني أن يحصل على أبسط حقوقه أم أن العدالة مفقودة والقضاء معطل؟ هل فقدت الليرة والقدرة الشرائية 25 ضعفاً من قدرتها في عهد الحزب وحلفائه أم لا؟ هل أصبح اللبناني معرضاً للموت على أبواب المستشفيات من دون جهات ضامنة؟ هل تمّ تفجير بيروت وحزب الله والرئيس الأسبق ميشال عون وحلفائهما يعلمون أم لا؟ هل حدث كل ذلك وأكثر منه في زمان حكم حزب الله وحلفائه للبلاد، أم أن هذا محض افتراء؟.
ألم يوافق حزب الله على الوسيط الأميركي؟ ألم يتعاطَ الحزب مع الوسيط الأميركي بجدية؟ هل تعاطى الحزب مع الأميركي كعدو، أو كشيطان أكبر؟ لماذا إذن شيطنة الحزب لعلاقة ــــ غير موجودة ــــ بين الثورة وبين الوسيط الأميركي المعتمد منه؟.
<
p style=”text-align: justify;”>لا يرتجل السيد حسن نصرالله موقفاً مجانياً في خطبه السياسية لماذا إذن هذا الهجوم من السيد على الثورة؟ هل لأنه افتقد لحيويتها ولدورها في مواجهة “كلن يعني كلن”؟ هل لأنه يريد تحريف أنظار الرأي العام عن الخلافات الرئاسية “المستحيلة” في صفوف فريقه السياسي، بين الوزير السابق سليمان فرنجيه والنائب جبران باسيل من جهة، وبين الرئيس نبيه بري والنائب جبران باسيل من جهة أخرى؟ على أي حال، فإن السيد يتوجه بكلامه للثورة إما كدعوة لإعادة تنظيم صفوفها أو أنه يحاول توجيه تهم استباقية لها، استشعاراً منه بتكوّن ظروف مناسبة لانطلاق موجة ثورية ثانية.
ويبقى أن إتهام السيد للثورة لم يكن موفقاً، لا بالشكل ولا بالمضمون، وهو لا يدين به إلا حزبه وحلفاءه.