الحرب التجارية بين أمريكا وأوروبا.. انطلقت!
مدريد – عبد العلي جدوبي
الظاهر أن المتغيرات السياسية الإقليمية والدولية التي يشهدها العالم خلال الحرب الروسية -الأوكرانية، أوجدت تنافسا شرسا، بل وتنافرا في التوجهات الأمريكية الأوروبية – كما هو باد الآن – فالولايات المتحدة الأمريكية من خلال الحلف الأطلسي، تريد أن تقود أوروبا ومن خلالها تقود العالم في عصر ما بعد الحرب الباردة، إلا أن فرنسا، وهي الدولة الأوروبية التي تريد أن تلعب دورا مستقلا عن الدور الأمريكي، تبدو غير منسجمة مع توجهات واشنطن، وتتخد مواقف سياسية بعيدا عن الاحتكار الأمريكي للسياسة الدولية .
في هذا الصدد، كشفت صحيفة (هوانكيوسيباو) الصينية المختصة بالشؤون الدولية، أن الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، اتهم واشنطن بـ “الحمائية” وبتصدير مواد الطاقة إلى أوروبا وبأسعار خيالية، مستغلة الأزمة القائمة لتزيد من صادراتها من الغاز والنفط وبكميات كبيرة، مضيفا أن فرنسا لن تسمح لأمريكا ببسط سيطرتها ونفودها على أوروبا.
فخلال الأسابيع الأخيرة، تم التطرق صراحة إلى خطر اندلاع “حرب تجارية” بين أمريكا وأوروبا ، مما دفع بوزير الاقتصاد الفرنسي (برونولومير) إلى تحذير من حدوث حرب تجارية على أوسع نطاق، كما تطرق المشتشار الألماني (أولاف شولتس) لخطر اندلاع حرب جمركية كبرى .
ليست الحرب التجارية أمرا مستجدا في العلاقات بين الولات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، فقد قامتا بتسوية خلافات كثيرة خلال السنوات الأخيرة بينهما ولو ظاهريا، واعتقد البعض أن بواعث التوترات التاريخية قد هدأت، لكن تلك الخلافات ظلت جاثمة على مجرى العلاقات القائمة، وتظهر من فترة لأخرى، إلى أن اشتدت بكل ضراوة هذه الأيام، حينما دعمت واشنطن صناعتها للسيارات الكهربائية، وسنت قانونا يمنح بموجبه إعفاءا ضريبيا لمشتري السيارات الكهربائية المصنعة محليا، هذا القانون أثار غضب الأوروبيين وعلى رأسهم فرنسا التي رأت في هذا القانون تهديدا لتجارة السيارات الكهربائية الفرنسية، كما أن خفض التضخم الأمريكي كما ترى باريس، يمثل تهديدا كبيرا للشركات الأوروبية.
صحيفة “البوليتيكو” الأمريكية ذكرت أن باريس تلعب في هذه المسألة دور الشرطي السيء في الخلاف الأوروبي الأمريكي.
هذا وبالرغم من أن الحرب الروسية- الأوكرانية على ما يبدو قد وحدت الغرب تحت القيادة الأمريكية، كما يبدو ضد خصومه مثل روسيا وحتى الصين، لكن الخلافات تختفي خلال فترات معينة، وتعود للظهور من جديد. مما دفع بوزير المالية الفرنسي، لتقديم شكوى ضد الولايات المتحدة الأمريكية في المحاكم الدولية، لكون القانون الذي سنته واشنطن، يخالف قواعد التجارة العالمية .
هذا وفي الوقت الذي تعمل فيه واشنطن جاهدة من أجل تحالفات جديدة، واعتماد أصدقاء جدد لتنفيد مخططاتها، فإن الاتحاد الأوروبي تحت الزعامة الفرنسية، يعمل بخطى متسارعة لأخذ دور موحد في الخارج، خصوصا في مجال الطاقة، وفي أمور التجارة الخارجية الدولية.