زلزال جديد وعمليات الإنقاذ تتواصل بصعوبة .. ومنظمة الصحة تتوقع 23 مليون متضرر
السؤال الآن ـــــ وكالات وتقارير
في ظروف مناخية قاسية بجنوب تركيا وشمال سوريا تستمر عمليات انتشال الناجين من الهزات العنيفة التي ضربت المنطقة وراح ضحيتها عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والنازحين، ووتلاقي فرق الانقاذ صعوبات نتيجة تساقط الثلوج والامطار مما يعيق عملها ويزيد من معاناة الناجين الذين يعانون البرد تحت الخيام المنصوبة وحول مواقد النيران التي أقيمت في المناطق المنكوبة.
واليوم أفادت منظمة الصحة العالمية بأن عدد المتضرّرين بالزلزال المدمّر الذي أودى بحياة الآلاف في تركيا وسوريا، قد يصل إلى 23 مليونا.
وأوضحت المسؤولة في منظمة الصحة العالمية اديلهايد مارشانغ أمام اللجنة التنفيذية للوكالة التابعة للأمم المتحدة “تُظهر خريطة الأحداث أن عدد الذين يحتمل أن يكونوا تأثروا (بالزلزال) يبلغ 23 مليونا، بينهم نحو خمسة ملايين في وضع ضعف”.
وعبر مدير منظمة الصحة العالمية اليوم عن قلق المنظمة إزاء ما يحدث في مناطق في تركيا وسوريا، مبيناً أن فرص العثور على ناجين تقل مع مرور الوقت وذلك بعد وقوع الزلزال المدمر الذي أودى بحياة الآلاف.
وقال تيدروس أدهانوم جيبريسوس في اجتماع المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية في جنيف “نحن في سباق مع الزمن” مع تزايد أعداد ضحايا الزلزال في تركيا وسوريا وتضاؤل فرص العثور على ناجين أحياء.
وأضاف “إننا قلقون على نحو خاص بشأن المناطق التي لم تردنا معلومات منها بعد … (تصور) الأضرار من إحدى الوسائل لاستنتاج الأماكن التي نحتاج لتركيز انتباهنا فيها”.
وبحسب تقارير رسمية وطبية صدرت صباح اليوم الثلاثاء، قُتل 3419 شخصا على الأقل في جنوب شرق تركيا وما لا يقل عن 1062 في شمال سوريا، لتصل حصيلة الضحايا الإجمالية حتى الآن إلى ما لا يقل عن 5021.
وكان مركز رصد الزلازل الأوروبي ـــ المتوسطي أعلن أن زلزالا بقوة 5.7 درجة هز شرق تركيا اليوم الثلاثاء، مضيفا أن الزلزال كان على عمق 46 كيلومترا.
وجهدت فرق الانقاذ في البرد وتحت الأمطار الغزيرة أو الثلوج مستخدمة أحيانا الأيادي، لإنقاذ عالقين بين الانقاض. وقد أنقذت طفلة تبلغ سبع سنوت في هاتاي في جنوب تركيا عند الحدود مع سوريا بعد أكثر من 20 ساعة على الزلزال على ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس كان حاضرا في المكان.
ويعرقل سوء الأحوال الجوية في منطقة الأناضول التركية عمل فرق الانقاذ ويزيد من معاناة الناجين الذين يعانون البرد تحت الخيام التي نصبت وحول مواقد النيران التي اقيمت في المناطق المنكوبة.
يشار إلى أن الزلزال الأول وقع الاثنين عند الساعة 4.17 (01.17 بتوقيت غرينتش) على عمق نحو 17.9 كيلومتراً وفق المعهد الأميركي للمسح الجيولوجي وكان مركزه في منطقة بازارجيك في محافظة كهرمان مرعش التركية (جنوب شرق) على مسافة 60 كيلومتراً من الحدود السورية.
وأعقبت ذلك عشرات الهزات الارتدادية، قبل أن يضرب زلزال جديد بقوة 7.5 درجات عند الساعة 10.24 بتوقيت غرينتش جنوب شرقي تركيا على مسافة 4 كيلومترات من مدينة إكينوزو.
من جهة ثانية، وبعد زلزال تركيا المدمر، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بتغريدة لعالم هولندي قالت إنه “تنبأ” بحدوث الكارثة بأدق التفاصيل قبل وقوعها، ما اضطره إلى الخروج عن صمته ومحاولة تفسير ذلك عبر عدد من التغريدات والردود العلمية، نشرها عبر حسابه في تويتر.
وبدأت القصة عندما نشر الباحث الهولندي المختص في الزلازل فرانك هوغيربيتس، في الثالث من فبراير الجاري تغريدة، كتب فيها إن “عاجلاً أم آجلاً، ستكون هناك هزة أرضية بقوة 7.5 درجة ستضرب جنوب وسط تركيا والأردن وسوريا ولبنان”.
وانقسمت الآراء حول التغريدة التي حصدت ملايين المشاهدات بين النبوءة والصدفة، خصوصاً أن الخبير سبق له أن اشتهر بهذا النوع من التنبؤات التي صدقت في بعض الأحيان. إلا أن الباحث الهولندي حاول تفسير تغريدته وحقيقة ما حدث، مؤكداً أن الزلازل تميل للحدوث عندما تصل كواكب إلى مواقع محددة في النظام الشمسي، مشيراً إلى أنه لا يمكن التنبؤ بالزلازل. وأضاف “لا تأخذوا انطباعاً بأنه يمكننا التنبؤ بمواقع الزلازل، لا يمكننا ذلك! نركز على هندسة كوكبية محددة في محاولة لعزل المناطق الزمنية الحرجة المطبقة على الكوكب بشكل عام“.
وأضاف “كما ذكرت سابقًا، سيحدث هذا عاجلاً أم آجلاً في هذه المنطقة، على غرار عامي 115 و526. هذه الزلازل تسبقها دائماً هندسة كوكبية حرجة، كما حدث كذلك في 4-5 فبراير”، وأوضح أن هناك مقاومة كبيرة داخل المجتمع العلمي فيما يتعلق بتأثير الكواكب والقمر على موضوع الزلازل، إلا أنه لفت إلى عدم وجود بحث موسع “يدحض” ذلك.
الى ذلك، وثّقت مجموعة من المقاطع المصوّرة لحظات عصيبة خلال عمليات الإنقاذ، وكشفت كل منها عن قصة مؤلمة لن تمحى من الذاكرة.
ونشر حساب قناة “تي آر تي هابر” (TRT Haber) التركية مقطع فيديو يظهر تمكّن رجال الإنقاذ من انتشال طفل من تحت الأنقاض في مدينة ملاطية، وفي حين ردد شخص “بسم الله الرحمن الرحيم”، طبع آخر قبلة على خدّ الطفل الناجي من الموت تعبيرا عن سعادته ببقائه حيا.
وفي مشهد آخر، وبينما تُسمع أصوات الصراخ والبكاء ونداءات الاستغاثة، حافظت فتاة صغيرة على هدوئها تحت الأنقاض، وكانت تجيب عن أسئلة أحد المسعفين الذي يحاول إنقاذها.
ونشر حساب وكالة الأناضول على تويتر مقطع فيديو يوثق عملية إنقاذ الفتاة هوليا إرم إيستر (17 عاما) من تحت الأنقاض بولاية كهرمان مرعش التركية، ويبدو أن الفتاة أصيبت بكسور بليغة، فقد كانت تصرخ وتبكي من الألم الشديد.
ونشرت وسائل إعلام تركية مقاطع فيديو من عملية إنقاذ 4 أشخاص أحياء في كهرمان مرعش بعد 27 ساعة من الزلزال الذي ضرب تركيا، واحتفى نشطاء ومنصات محلية بالمقاطع المتداولة ووصفوها بـ”البشرى السارة من حطام الزلزال”، و”المعجزة“.
كما وثقت وكالة الأناضول عملية إنقاذ فتاة من حطام مبنى سكني مكون من 7 طوابق بعد 27 ساعة من وقوع الزلزال المدمر.
وأحصت فرق الإغاثة التركية انهيار أكثر من 5 آلاف و600 مبنى في العديد من المدن، بينها أبنية من طبقات عدة تضم عائلات كبيرة كان أفرادها نياما عندما ضرب الزلزال الأول.
وهناك مخاوف من أن يستمر عدد القتلى في الارتفاع بهذه الوتيرة، خاصة أن تقديرات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن نحو 20 ألف شخص لقوا مصرعهم.
ولم يختلف الوضع في سوريا المجاورة عن تركيا، فقد تضررت المناطق التي ضربها الزلزال بشكل كامل، في حين عقّد نقص الإمكانات عمليات الإنقاذ.
ووثّق ناشطون سوريون استمرار عمليات انتشال الضحايا وإنقاذ العالقين تحت أنقاض المنازل في بلدات الشمال السوري مع حلول ساعات المساء وسط مناشدات بتوفير معدات إنقاذ ثقيلة. وترصد المشاهد عمليات الإنقاذ الليلي التي تتم فيها إضاءة الركام بوسائل إضاءة بسيطة، وسط المساعي الحثيثة لإنقاذ العالقين وانتشال الضحايا.
وبثّ الدفاع المدني السوري صباح اليوم الثلاثاء مقطع فيديو يوثّق عملية إنقاذ طفل ووالدته بعد أكثر من 20 ساعة قضوها تحت الأنقاض في سرمدا بريف إدلب الشمالي (شمالي سوريا).
وظهر متطوعون يسحبون الطفل من تحت الأنقاض خلال ساعات المساء، وسط تكبير الحاضرين.
وتحت زخات المطر، تمكّن فريق الدفاع المدني السوري من إنقاذ طفلة من تحت الأنقاض، وعائلة حوصرت في الطابق الثالث من منزلها بعد انهيار أجزاء منه. ووثّق ناشطون سوريون في مقطع فيديو لحظة انتشال طفل رضيع ولدته والدته تحت ركام منزلها المدمر جرّاء الزلزال في مدينة جنديرس بريف حلب.
ويظهر في مقطع الفيديو لحظة إخراج الطفل الرضيع من منطقة الركام، وقال ناشطون إن أمه “ولدته وماتت ملتحقة بكامل أسرتها“.
كما تفاعل رواد منصات التواصل الاجتماعي بألم وحزن كبيرين مع صورة متداولة تظهر وفاة أب سوري إلى جانب ابنه وهما يحتضنان بعضهم، تحت ركام المباني المنهارة جراء الزلزال المدمر، الذي ضرب الشمال السوري فجر أمس الاثنين.
وذكر نشطاء سوريون أن الصورة المتداولة تعود لأب سوري وابنه في مدينة جنديرس بريف حلب (شمالي سوريا)، وفارقا الحياة معا إثر سقوط بناية عليهما، واصفين اللقطة “بالعناق الأخير”.
الى ذلك، أعلنت دول عربية وغربية عن تقديمها المساعدات العاجلة إلى تركيا وسوريا، لمواجهة تداعيات الزلزال الذي وقع فجر أمس الاثنين، وراح ضحيته عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والنازحين، في ظل صعوبات تواجهها عمليات الإنقاذ.
وأكد أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وقوف بلاده مع شعبي تركيا وسوريا الشقيقين وتقديم كافة الدعم اللازم للتخفيف من آثار الزلزال، وانطلقت أولى رحلات الجسر الجوي الذي خصصته قطر لدعم البلدين، في حين أعلنت وزارة الخارجية تقديم 10 آلاف منزل متنقل ضمن جهود إغاثة للمتضررين من كارثة الزلزال.
كذلك دشن العراق والكويت جسرين جويين يضمان فرق إنقاذ وطواقم طبية ومساعدات إغاثية وخيما ومستلزمات للبلدين. ووجهت الإمارات بإنشاء مستشفى ميداني وإرسال فريقي بحث وإنقاذ، إضافة إلى إمدادات إغاثية عاجلة إلى المتأثرين من الزلزال في تركيا وسوريا، وفق وكالة الأنباء الرسمية للبلاد.
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن سلطنة عُمان سترسل مساعدات عاجلة إلى سوريا لتجاوز آثار هذه الكارثة وإغاثة المتضررين منها.
بدوره، وجه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بإرسال فريق من الحماية المدنية إلى تركيا للمساهمة في جهود الإنقاذ، كذلك أعرب عن استعداد بلاده لمد يد العون والمساعدة إلى سوريا. وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أن فوجا آخرا من عناصر الحماية المدنية سيتوجه أيضا إلى سوريا للمساهمة في عمليات الإنقاذ.
كما وجه ملك الأردن عبد الله الثاني بتقديم المساعدات اللازمة لإغاثة المنكوبين في تركيا وسوريا.
وأوعز رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية بإرسال فرق من الدفاع المدني وطواقم طبية “للمشاركة في أعمال البحث والإنقاذ لضحايا الزلزال المدمر”، وفق بيان صادر عن مكتبه.
وفي لبنان، أعلن وزير البيئة ناصر ياسين أن بلاده سترسل فريق إنقاذ إلى تركيا للمساعدة في جهود البحث الجارية.
وقدمت مصر في بيان للخارجية تعازيها وتضامنها مع البلدين مؤكدة استعدادها لتقديم المساعدة لمواجهة آثار تلك الكارثة المروعة.
من جهته، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن، جاهزية بلاده لتوفير أي مساعدة تحتاجها تركيا للاستجابة لكارثة الزلزال المدمر، بحسب بيان صادر عن البيت الأبيض. وأشار الرئيس الأميركي إلى أن “الفرق الأميركية تعمل على الانتشار بسرعة لدعم جهود البحث والإنقاذ التركية وتنسيق المساعدات الأخرى التي قد يحتاجها الأشخاص المتضررون من الزلازل، بما في ذلك الخدمات الصحية أو مواد الإغاثة الأساسية“.
وأعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة تعمل على إرسال فرقتين تتألف كل واحدة من 79 مسعفا، لمساعدة تركيا في عمليات البحث والإنقاذ.
كما بدأ الاتحاد الأوروبي الذي عرضت الكثير من دوله الأعضاء تقديم المساعدة لسكان المناطق المنكوبة، إرسال فرق إغاثة.
وقال مجلس الاتحاد -في بيان- أمس، إنه فعل آلية الاستجابة السياسة المتكاملة للأزمات بهدف تنسيق إجراءات دعم الاتحاد لتركيا وسوريا اللتين ضربهما زلزال مدمر.
من جانبه، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ “التضامن الكامل مع تركيا” مؤكدا أن “الحلفاء في الناتو مستنفرون حاليا لتقديم الدعم“.
كذلك قال الكرملين إن فرق مسعفين سيتوجهون إلى سوريا “في الساعات المقبلة”، في وقت أعلن الجيش أن أكثر من 300 عسكري روسي ينتشرون في المناطق السورية المنكوبة للمساعدة في جهود الإنقاذ. كما أشار الكرملين أيضا إلى أن تركيا قبلت “مساعدة المسعفين الروس“.
بدورها، أعلنت إيران استعدادها الكامل لتقديم المساعدات اللازمة لمنكوبي الزلزال. وقالت “سانا” إن طائرة مساعدات إيرانية وصلت إلى مطار دمشق.
وأعلن التلفزيون الصيني المركزي أن بكين ستقدم دفعة أولى قدرها 40 مليون يوان (5.9 ملايين دولار) مساعدات طارئة لجهود الإغاثة في تركيا بعد الزلزال الكبير. مضيفا أن الصليب الأحمر الصيني سيقدم مساعدة طارئة قيمتها 200 ألف دولار لكل من تركيا وسوريا.
<
p style=”text-align: justify;”>