في البحث عن “دون كيشوت” مغربي جدي.. وليكن مرحا؟؟
عبد الله راكز
نحن في غنى عن إثبات أن التجاوز يمر عبر النقد النوعي، وعبر نقد الحس العام، فليس هناك أجدى من مع ذلك في سبيل هذا الهدف ذاته، من التشديد على ماهو أصيل فيه ونوعي، ويمكن أن نجمل في هذا المقام، تلك الخصائص المفردة له بأوجز قول وأشد اختصار، إن التصالب مع الذات، الطبيعة والآخرين، يستوجب التوفر على وعي جمعي واستعداد ماهو قبلي للتعايش مع الآخرين.
لنعد إلى موضوعنا، في البحث عن دونكيشوت المغربي الجديد المرح؟ ونقول إن هذا النموذج يستمد صلاحيته من قابليته في فعل التشميل (حكومة التناوب؟ وتشميلها؟). وهي المهمة التي لا قبل للخطاب السياسي المغربي أن ينهض بها على خير وجه، أو ينجزها على خير الوجوه، سبق وأن كتب جورج ديموتروف يوما القول التالي: “إن البورجوازية الثورية قد دشنت في زمانها كفاحا عنيفا في سبيل قضية طبقتها، واستخدمت كل الوسائل بما فيها وسيلة الأدب الجميل. وإذن ما الذي جعل الفروسية (ليس في نسجها عند المجاطي؟)، في موضع ضحك عام بالمغرب؟ أين دون كيشوت المرحلة؟؟”…
لقد كان دون كيشوت أقوى سلاح في يد البورجوازية في كفاحها ضد الإقطاع والأرستقراطية. فهل لا تحتاج جماهير المغرب إلى سرفانتش واحد صغير، يمكن أن يقدم لها مثل هذا السلاح؟!
أعتقد أنه بعد العام 1998 وانتهاء دون كيشوت المغربي العام 2002. سنعود من جديد إلى البحث عن سليله. أما الحاضر الآن، فهذا أقل من مائة دون كيشوت. بهلوان فقط.
لنتحفظ قليلا، فالتحوط يعادل في الحقيقة كوننا لا ندرك بعد المسائل بصيغة الجمع. ولا نباشر القضايا بوصفها “بنية تفاوتية” عناصرها متباينة ومكوناتها متنوعة. ولا يمكن البث بشأنها وومقاربتها، مسلحين بمعادلة من الدرجة الأولى. فهل ما ذكرناه عن دون كيشوت المرحلة الراهنة يستوجب كل هذا “الإقحام” لربما. ولكنه على كل حال، هو إقحام الانفصال في صميم كياننا، بحيث للأسف، أصبحنا نتجاوز بنباهة وفحولة قياس الإخراج: أما العدمية الرامية بالآخر (ذاتا ودولة حتى) في مهاوي الخارج المطلق، أو الموقف المتسق حيال ذاك الآخر والمسلم بتفوقه المؤقت تسليما.
وإذن، لنتحوط مرة اخرة، فلم هناك مجال، لدون كيشوت آخر، في هذا البلد، اللهم ماكان من باب التسلية بأوضاع الشعب المغربي المتأسف على حاله.