نكايات التوقيت الصيفي تشعل النار الطائفية
حسين عطايا
في سابقة في العمل الحكومي والسياسي على صعيد السلطة الإجرائية، يصدر قرار أو مذكرة عن رئيس الحكومة، بناء على اجتماع ثنائي بين رأسي السلطتين التشريعية والتنفيذية، نبيه بري ونجيب ميقاتي، وتُترجم من خلال مذكرة ينصها أمين عام مجلس الوزراء، القاضي مكية، حول تعديل التوقيت الصيفي، والصادر بقرار من مجلس الوزراء، وتنص المذكرة على التالي:
“المذكرة رقم 28 التي أصدرها الأمين العام لمجلس الوزراء بتاريخ 23 آذار (مارس 2023) على أنّه استناداً الى الموافقة الاستثنائية الصادرة عن رئيس مجلس الوزراء، تقرّر تأجيل تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم 5 المتخذ في 20/8/1998 المتعلق بتقديم التوقيت المحلي ساعة واحدة خلال فصل الصيف، اعتباراً من الساعة صفر من آخر أحد من شهر آذار (أي منتصف ليل السبت 25 آذار)، بحيث يتمّ تقديم الساعة ساعة واحدة في منتصف ليل 20/21 نيسان”.
في هذا الامر البسيط والذي يتعلق بالتوقيت الصيفي يُظهر كيف وبأي عقلية تُدار السلطة العُليا بلبنان، اقل ما يُقال فيها استخفاف وغباء وجهل يتحكم برجالات السياسة الحاليين، حيث ينم عن مخالفة القوانين والانظمة المرعية الإجراء، والتقدم العلمي والتكنولوجي الحاصل في العالم، ويتعاطون مع لبنان وكأنه جزيرة معزولة عن العالم، بعد أن اقدموا وبتصرفاتهم الغبية عن عزل لبنان عن العالم العربي والعالم .
فالمادة 64 من الدستور (المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 21 أيلول- سبتمبر 1999) والتي تنص على صلاحيات رئيس الحكومة لاسيما الفقرة رقم 7 :
“يُتابع أعمال الإدارات والمؤسسات العامة ويُنسق بين الوزراء ويُعطي التوجيهات العامة لضمان حسن سير العمل “.
كما نصت المادة 65 ( المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 21 أيلول- سبتمبر 1999)، والتي تنص على صلاحيات السلطة الإجرائية، لاسيما في مقدمة المادة المذكورة والفقرة رقم 1 “تُناط السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء، وهو السلطة التي تخضع لها القوات المسلحة ومن صلاحياتها :
1- وضع السياسات العامة للدولة في جميع المجالات ووضع مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها”.
وبما أن تقديم الساعة ساعة واحدة وفقاً للتوقيت الصيفي والصادر بقرار رقم 5 تاريخ الصادر بتاريخ 20 آب- أغسطس 1998 والقاضي بتقديم الساعة ، ساعة واحدة اعتباراً من آخر سبت في شهر آذار- مارس حتى آخر سبت من شهر تشرين الأول- أكتوبر .
في كل ما تقدم يُظهر ما يلي:
إن القرار المذكور والصادر بالمذكرة رقم 28 تشوبه الكثير من الأخطاء الدستورية والقانونية ومنها:
1- انه صادر عن سلطة لا تتمتع بالصلاحيات القانونية التي تعطيها الاذن باتخاذ القرارات.
2- اختصار السلطة الإجرائية بشخص رئيس الحكومة في شكل يُناقض أحكام الدستور، والذي أناط السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء مجتمعاً.
3- عدل قرار صادر عن مجلس الوزاراء مجتمعاً بشخصه وهو ما يُناقض الدستور في مخالفة واضحة وصريحة، حيث أن القرار الوزاري لايلغيه إلا قرار صادر عن اجتماع لمجلس الوزراء، وليس شخص رئيس الحكومة بمفرده، عملاً بالقاعدة القانونية التي تقول إن القانون لا يُلغى أو يوقف العمل به إلا بقانون والمرسوم بمرسوم، وكذلك والقرار بقرار من نفس السلطة الصادر عنها بالأساس.
مما تقدم يدل على ان رجال السياسة في هذا الزمن يُديرون البلاد باستخفاف عن عمد أو عن جهلٍ بالقانون والقواعد الدستورية، وبالتالي يُفسر أن هكذا سلطة تُدير البلاد بهذه العقلية حتماً مصيرها خراب ودمار على كل المستويات.
فجلسة ثنائية لشخصين حري بهما أن يكونا العين الساهرة في تشريع وتطبيق القوانين يختصران بشخصيهما السلطتين التشريعية والتنفيذية يتخذان قرارا مُخالفا للدستور والقوانين، وبالتالي ينم عن غباء وجهل بالتقدم الحاصل في العالم على مستوى التكنولوجيا والتقدم العلمي، حيث أن تطبيق هذا القرار كان من المفترض به الصدور قبل ستة أشهر، وأن تُبلغ بهِ السلطات والمنظمات العالمية التي تنسق وتنظم الوقت العالمي، لاتخاذ الإجراءات اللازمة، نتيجة ارتباط شركات الطيران والشركات وعلى كل مستوياتها والعاملة أجهزتها من تلفونات وحواسيب على الشبكة العالمية، والتي ستخلق لها أزمة ومشاكل كُبرى، وبالتالي الرجوع عن القرار ضرورة حتمية، وأن تنفيذه يُعد مخالفة للدستور اللبناني والقوانين المرعية الإجراء، ومن يُطبق مفاعيل المذكرة رقم 28 هو بمثابة المُخالف للقانون، لأنه صادر عن سلطة ليست مخولة لإصدار هكذا قرارات، أو تُعتبر مغتصبة سلطة.