بوبا وبلال الحساني في مواجهة الإعصار

بوبا وبلال الحساني في مواجهة الإعصار

باريس-المعطي قبال

   بالمغرب دعا ما يقرب من 4000 مستعمل لشبكات التواصل الاجتماعي عبر هاشتاج #boycottbooba إلى مقاطعة الحفل الذي قد يحييه الرابور بوبا يوم 21 يونيو (والذي يصادف عيد الموسيقى)، وذلك على خلفية الشتائم والنعوت الساقطة التي وردت في أغانيه ضد المرأة المغربية والإفريقية عموما. وفي أحد أغانيه وصف النساء المغربيات بـ «العاهرات». وكانت المغربية كريمة المحروك، الملقبة بروبي، أحد المستهدفات في أغانيه. وقد وقع وساند العريضة المناهضة لبوبا الرابور المغربي مايس الذي دعا أتباعه ومحبيه إلى توقيع العريضة مخاطبا بوبا:  «اعلم أنه غير مرغوب في مجيئك».

   ولم يفوت حزب العدالة والتنمية هذه الفرصة لمجاراة التيار ودعوة المسؤولين إلى تسجيل موقف حازم من هذا الفنان، بمنعه من تنشيط الحفل بقاعة محمد الخامس المغطاة بالدارالبيضاء. في هذا الإطار دعت النائبة البرلمانية المحسوبة على هذا الحزب، وزير الثقافة إلى إلغاء حفل بوبا باسم «رد الاعتبار للمرأة المغربية والحفاظ على كرامتها».

   ويذكر أن بوبا ينتعش بالفضائح، مثل فضيحة لجوئه للسحر والشعوذة، أو فضيحة المونتاج الجنسي الذي رتبه على موقع انستاغرام الخ…

   لدى بوبا منحى هوسي لتلقين الدروس والتدخل في قضايا تهم الدين، الجنس، المال، والشهرة. دون الحديث عن ميله المفرط بل المرضي إلى تقديم نفسه أنه الدوق le Duc وأن لا أحد يعلو عليه في الراب. وبسبب الزعامة نشبت معارك، بالأيدي، بينه وبين بعض خصومه، مثل المعركة التي جمعته بخصمه كاريس، مغني الراب، بمطار أورلي. بفرنسا وتحديدا بمدينة ميتز، شمال البلاد، كان من المقرر أن يحيي بلال الحساني، الخنث بامتياز ورافع راية المثليين والمرشح سابقا باسم فرنسا لمباراة الأوروفيزيون الذي أقيم بتل أبيب بإسرائيل، حفلا موسيقيا بكنيسة سان بيار أو نونان. غير أن مجموعة كاثوليكية متطرفة ومحسوبة على اليمين المتطرف في اسم أورورا، تدخلت على الخط للتنديد بالحساني، وما يمثله من «انحطاط» ورغبة في تدنيس مكان مقدس مثل الكنيسة العتيقة، وذلك بإحيائه لـ «حفل بورنوغرافي». ورافقت هذه الاحتجاجات تهديدات بالقتل. كما نعتت المجموعة حركة مثليو الجنس على أنهم «سرطان اجتماعي».

   وفي سياق هذه الحملة التحق حزب التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان بالركب لشيطنة بلال الحساني. خلف هذا المنع استياء واسعا في فرنسا: من وزيرة الثقافة، إلى عمدة مدينة ميتز مرورا بالأحزاب السياسية اليسارية وبالجمعيات الممثلة للمثليين أو الجمعيات المناهضة للعنصرية، ندد الجميع باستقواء أفكار التطرف واللاتسامح. نحن أمام حالتين تستدعيان تأملا رصينا: من جهة هناك مغني راب شهير، يسمح لنفسه بسب وقذف المرأة المغربية وتوصيفها بأبشع النعوت، استدعي لإتحاف الجمهور وجمع مبلغ خيالي بالأورو في ظرفية الاختناق و «الضيقة» الاقتصادية.

   على مستوى الأحزاب السياسية وما بقي منها، كان حزب العدالة الإسلامي الوحيد الذي صدرت عنه حركة الرفض، لأسباب سياسية وأيديولوجية لا تخفى على أحد.

  من جهة ثانية وبفرنسا تحديدا، نجد فنانا من أصول مغربية يتزيا وكأنه ببغاء، مثلي الجنس، معترف به في الساحة الفنية، لكنه عرضة لهجمات المتطرفين الكاثوليك. هذا في الوقت الذي لم تصدر فيه عن مسلمي فرنسا أية ردود فعل، وإلا لقامت القيامة من دون أن تقعد. أن يتدخل المتطرفون الكاثوليك، أن يهددوا بالقتل، أن يحرقوا المساجد، فلا حرج ولا رادع لذلك.

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".