ثلاثية النفي والشهادة (1-3)
شعر: أحمد بنميمون
أمضي إليها …
لا شيء يرضيني، وإن جاءت إليّ بمشرق الضحكات من لم يرضها قتلي، وكانت كل آمالي ، إلى أن عادني منها الذي ضجَّت به الأفواه من أضواء ما لمسته خائنة العيون من اندلاعي عاريا في الضوء أدفع عزمَتي مستشهداً ما ضاءت بغير جراحه رؤيا الذي يمتد من ماضيَّ أنشره فينشرني على الآفاق …
لكني سمعت نداءها بَيْنا أغوص به إلى عمقٍ سحيق هاتفاً أني أراها، فاندفعت أعيد من ذكرى زمان كان لي فيه انتظار أن يجيء إليّ منها ما أفضل حفظَهُ في الروح، يا أقمارُ هلّا تبعثي مني الذي دفنوا، فُـتُسكِتَ من يبوح بما يحدِّثُني الظلام به هنا والآن،
ياخطوي الذي يمضي إليها في اشتعال بعد ليلٍ قد مشيتَ وما وصلتَ إلى نهار.
أنُفِيتَ إذَنْ؟ 1
مرثية الشهداء
إلى عمر بنجلون وفرج فودة ومحمد بنعيسى آيت الجيد
وحسين مروة وشكري بلعيد ومحمد ابراهيمي وناهض حتر
ـ أنُـفِيتَ إذَن؟
فَدَوِيُّ حضورك كان مُرِيعاً.
ـ بل نحن نُكِسْنا فيما استَرْعَى
أنظارالأرض الأدني والأقصى أنْ ليْسَ سوَى
موتانا من ناصرنا ،
فأوتنا طرق تسعى نحو سرابٍ في جب مهجور ،
لا موج البحر اهتز لنا ،
أو ضفة وادٍ في الأنهار الصغرَى في صيف قائظ،
لا أنقى قمم الطهر عرفنا في إنسان الا يسـال،
عن أجدر ما يرفع جوهره في تيارات الفقدانْ.
بل لم نلحظ من ألف مَرَّتْ من ليلة عميان
فيها الإنشاد امتد بأصوات تذبحها سكين النكران:
حين الخالق أصبح طوع بنان عصابات:
فشهدنا ما يملأ أعينَ من لا يدركُ
ما معنى النور ولا ما تعنيه الظلمات،
ـ أو يُبصِرُأبعد مما بين أصابعه من فجواتٍ ـ
بالدهشةِ
ممَّن لم ينهضْ إلا نصف نهوض ،
حتى أظلمتِ الدنيا في رؤيته الآخرَ والذاتَ،
فحلَّقَ يطلبُ شمساً
يحسبها تطلُعُ من حقٍّ فيه
وتشرق ما بين يديهِ
فلا نورَ يرفُّ على آفاق طريقٍ
لا يبصر فيها جسراً نحْوَ الأرضِ،
فكانت خيبتهُ خيبتنا حين هوى
في سقطة منْ
لم يصل الأعماق إلى الآن …
وما استيقظَ بعدُ، فيا هول الكابوسِ
وقد أطبقِ منذ زمانٍ
يَطلب أن يقبض روحاً فينا لا تبْصِرُ هدياً
في محراب الوهم…
ـ أفتسخر من طلبي فأنا لا أطلبُ
غير حكايا عما كان…
وإذا لم أسألْك عن الآتي ،
فلأني لا أرجم بالغيب فأعرفَ ما سوف يهاجمني من نيران
ـ بل أبصر ما سوف يجابهنا من أسلحة بذكاء من شيطان
وعناقيد قنابل سوف توزَّع في أطفال قرى
لن يشهدهم ملعبُهم بين ذويهم أو ساحة جيرانٍ
بعد اليوم ، فلا أعين أو أيدي تسعفهم ،
أو حتى أرواح تسارع حتى تحميهم
في أكثر من سفح أوفي ظل خمائل في وديان
أو عند حقول، لم تشهد غير طماطم تحمرّ بداخل دبابات
بحواسيب َ، تحرك في وجه براءتهم غازات ،
بينا تأتيهم من جلسة قائد أسرابٍ منها خلف ستار حديدٍ
بسلاح يتصاعد منفجراً كالبركان.
ـ لآ تفعلْ…
أرجوكَ فكاتم أصواتٍ،
سيينادي بعد قليلٍ، دون مواجهة بل في جبن بغاةٍ
بشبوب في قلبٍ… لا..
لا تنهضْ …
أبصِرُ تحت قناع يسودُّ دخان الطلقات
تغرَق في الدم بسمةُ إنسانْ.
العرائش: 25/09/2016