الأتراك يريدون سلطان لا غاندي يتوجه إليهم من مطبخه

الأتراك يريدون سلطان لا غاندي يتوجه إليهم من مطبخه

ريم ياسين

 يقول المؤرخ وعالم اللاهوت الفرنسي جون فرانسوا كولي سيمو أن الرئيس التركي الطيب رجب أردوغان استطاع أن يحشد ناخبيه لأنه ركز في حملته على الفخر بالهوية الإسلامية. وعند إعادة انتخابه، سيذهب هذا الرجل القوي بعيدا في طموحاته التوسعية.

جاء ذلك في حديث الى صحيفة لوفيغارو الفرنسية هنا ترجمتها:

*هل تفاجأت بنتائج الانتخابات التركية وبتقدم أردوغان بالرغم من التوقعات بأنه ضعيف أو حتى خاسر؟

ــــ تبين أن العوامل التي دفعت إلى توقع خسارته لم تعبر عن حقيقة الواقع. السلطوية والحكم مدة طويلة والمحسوبيات والإهمال والتضخم  هذا وهم يتشارك به المفكرون الليبراليون والماركسيون بأن الظروف الاقتصادية والأحداث الاجتماعية ستطغى حكما على المعتقدات الرمزية. فقد قام أردوغان بحملته مستندا على فكرة الفخر بالهوية ومنافسه على التساوي والتسامح. ولكن العامل السياسي هو تعبير عن تصالحات عاطفية مع التأثيرات السلبية، خاصة إذا أدخلنا العامل الديني الذي سيأخذها حكما إلى أبعد مدى. في هذا الإطار، ندد أردوغان بمنافسه ليس كمنافس سياسي ولكن كعدو لتركيا الأبدية.

*هل نستطيع الوثوق بالنتائج؟ وهل تركيا هي ديمقراطية حقيقية؟

ــــ الحملة الانتخابية لم تكن أبدا عادلة، لا من الناحية المالية ولا من الناحية اللوجستية وحتى الإعلامية  فقد سخرت جميع إمكانات الدولة التي هي بيد أردوغان ضد المعارضة. منذ 100 عام وتركيا تعرف التزوير في الانتخابات وسجن المرشحين وتعليق العمليات الانتخابية والانقلابات العسكرية. هذا ما يفسر شغف الأتراك بالحياة السياسية وتطلعهم إلى الحريات. ولكن في المخيلة الجماعية، هناك فكرة راسخة بأن الشعب التركي مهان  ومحاصر وممنوع  من الوجود ومن إثبات تفوقه، ويبقى النضال من أجل الاستقلال هو الطريق للوصول إلى العظمة.  الوطن في خطر وهو بحاجة دائما إلى إعادة البناء. أما بالنسبة  للديموقراطية، فكما كان يقول أتاتورك في الثلاثينات من القرن الماضي، سنرى ذلك لاحقا.

 * هل قللنا من شأن شعبية الرئيس أردوغان؟

ــــ يمكننا القول أن الفترة بين مصطفى كمال ورجب طيب أردوغان هي فترة عدم استقرار بالنسبة لشعب يشعر بأنه يتيم من غير منقذ أو مرشد. استطلاعات الرأي بين 1960 و1980 تشير إلى حالة انتظار قلقة لوصول رجل قوي بسلطة قوية. بعد ذلك جاء أردوغان. ولم يغير المعادلة ولكنه فقط  عدلها حتى تتماشى مع العصر، كان أتاتورك قد جعل الإسلام وطنيا وهو حول الوطن إلى وطن إسلامي.

*ما هي الآلية الاجتماعية السياسية التي استند إليها أردوغان للانتقال من العلمانية  إلى النظام الإسلامي؟

ـــ لقد أضاف القائد الجديد الرغبة المشتركة لدى الأتراك بالانتقام إلى  الغبن الذي تشعر به الطبقة العاملة، المؤمنة والمتزمتة التي سحقت بسبب العلمنة. استطاعت هذه الطبقة الاجتماعية المهمشة أن تصبح مناضلة بفضل بطلها القائد الواعظ. هذا يذكرنا بما فعلت البرجوازية الصغيرة الأوروبية عندما قامت بحملة الإصلاح في القرن السادس عشر إذ ربطت بنفس الطريقة التبشير الديني والانتماء المحلي ونقل وتفسير الكتب إلى السوق الرأسمالي. ضمنت هذه الطبقة لأردوغان قاعدة انتخابية تقدر ب30 إلى 35% من الناخبين، من ما يمنحه بشكل تلقائي دورا مهيمنا في وجود تعددية حزبية. لم يخطئ اليمين المتطرف الشوفيني المعادي بالأصل للدين بتحالفه مع هذا التجمع الإسلامي. يملك هذا التحالف الأكثرية.  إنها عملية حسابية برهنتها الانتخابات الرئاسية وأكثر من ذلك الانتخابات النيابية.

*ولكن هل نلاحظ تراجعا مما يشكل جائزة ترضيه لمرشح المعارضة؟

ـــ من المؤكد أن هناك تفتت على الأقل بسبب التحالف بين ستة أحزاب لديها طموح مشترك هو الإطاحة بأردوغان. ولكن هذا التحالف يملك أوراق رابحة مفترضة كما عوائق شديدة. إذا نظرنا إلى هذا التحالف بالنسبة للمعسكر المنافس، نلاحظ وجود مناصرين قديمين لأردوغان وإسلاميين لا يخفوا انتمائهم، مما لا يساعد على فهمه أو يؤشر بإمكانية استمراره.  من ناحية أخرى، الإصرار على الحصول على تصويت الأكراد، وهي أقلية اثنية مضطهدة كما على تصويت العلويين وهي أقلية دينية محظورة، يعبر عن نية جديرة بالثناء ولكنه أعطى نتائج معاكسة. فقد فهم ذلك من قبل الرأي العام بأن الذين استثنوا من الميثاق الوطني هم الذين أصبحوا صانعو الملوك، مما سيسمح بمعنى آخر بإفساد التركيبة الوطنية. الأكراد والعلويين يشكلون حوالي 20 إلى 25% من الناخبين، يمكننا القول أن هناك سني ونصف من كل أربع سنة صوتوا لمرشح المعارضة. أخيرا، يمكننا أن نؤكد أن الأتراك لا يحلمون بقائد يلعب دور غاندي ويحاورهم وهو جالس في مطبخه.

*هل هذه النتائج تؤكد على التحول التركي المعادي للغرب وعلى العدائية الجيوسياسية لتركيا؟

 ـــ إذا ربح مرشح المعارضة الانتخابات، ستكون التغييرات قليلة والمواقف أكثر هدوء.  ولكن إذا أعيد انتخاب أردوغان،  ستستمر العدائية للغرب مثلما يفعل أمثاله بوتين والرئيس الصيني. فهو مثلهم يرفض الأفضلية الغربية للحقوق،  وبنفس الوقت، يريد الاستحواذ بالوسائل المستعملة من قبل إمبراطورية الغربية مثل التقدم التكنولوجي،  والصناعة الحربية وغزو الأراضي.  هذا الانحراف  يزيد من اضطراب سلوك الفصام الذي تعاني منه تركيا  منذ 100 عام.

 * ما هو المعنى أن أردوغان هو المحتفل الأكبر بمئوية الجمهورية التركية سنة 1923؟

 ـــ هذا يعني أن الرئيس أنجز القدر الذي حدده لنفسه  وهو إعادة تأسيس جمهورية أتاتورك على الطريقة الإسلامية والتركية والعثمانية الجديدة،  قدره بأن يكون سلطان جديدا لشعب يقوم بالفتوحات مجددا.  1923 هي أيضا السنة التي عقد فيها اتفاق لوزان التي ألغى تدابير الاتفاق السابق سنة 1920. ما يعني الاعتراف بالوقائع الأرمنية واليونانية والكردية وتدويل إسطنبول.

 إذا أعيد انتخابه، يريد أردوغان الذهاب أبعد بكثير  في موضوع الإلغاء مما يتطلب إيقافه بشكل حازم.  ستقوم القومية الكردية المعادية بجزء من هذا. يجب على أوروبا من جهتها أن تحث أردوغان على الكف عن استخدام منطقة كرباخ العالية كمعسكر اعتقال، وعن الإسكان غير المبرر لشمال قبرص وعن تهديد الجزر اليونانية بشكل دائم.على أوروبا أن تذكره أيضا بأن الجزية غير الأخلاقية التي تدفعها نتيجة ابتزاز في قضية اللاجئين هي ضرورية لاقتصاده الفاشل. بمعنى آخر، يجب عليها أن تثبت أنها قوة كبرى.

شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *