المنع والعبور .. وغياب الدولة
حسين عطايا
يوم امس الاحد حفِل الجنوب اللبناني بحدثين مُختلفين في ظرف المكان والشعار، مما وضع لبنان بموضع الضعيف، لا بل بموضع غياب الدولة وتهجيرها عن لبنان، في ظل غياب رئاسي ممتد لاشهر سبعة وقد تستمر لاسابيع او اشهراً وذلك متوقف على قدرة القيادات اللبنانية بالاجتماع في مجلس النواب وانتخاب رئيسا للجمهورية لتبدأ بعدها عملية بناء الدولة واستعادتها من رعاع الميليشيات الدينية والسياسية وبقايا الميليشيات التي لازالت تعيث فساداً في وطن الارز .
الحدث الاول يبدأ من شاطيء صيدا .فعلى إثر تعرض احد رجال الدين الصيداويين منذ ايام لإمرأة وزوجها على شاطىء صيدا العمومي لارتدائها لباس البحر، مما استدعى ردة فعل لمجموعات نسوية تعترض على تحديد حريات الآخرين بقرار فردي يعتمد على بعض من سلطة دينية تفتقد المستوى الاخلاقي وحسن التصرف، تحت حجة الطابع الخاص لمدينة صيدا، وهو ما يؤكد على انحلال السلطات الرسمية ومسايرة بلدية صيدا وخضوعها لقرارات فردية تٌناقض الدستور والقوانين اللبنانية، هذا الامر استدعى تظاهرتين بالامس واحدة لمساندة الحريات وعدم المس بها، وثانية للدفاع عن تقاليد واعراف تُناقض القوانين اللبنانية وتتخذ صيدا رهينة سلطات دينية لا تمتلك حق فرض قراراتها على بقية اللبنانيين وتُظهر مدينة صيدا وكأنها خارج نطاق الدولة اللبنانية .
الحدث الثاني من منطقة إقليم التفاح وتحديداً من معسكر في خراج بلدة عرمتا، وهو عبارة عن موقع كانت تستخدمه قوات الاحتلال الاسرائيلي قبل الانسحاب في العام ٢٠٠٠، وهو المعروف بمعسكر الفوج ٢٠، وذلك بمناسبة عيد التحرير والذي يحتفل فيه حزب الله ، ومن دون ادنى مُراعاة للدولة اللبنانية ومتناسين القرارات الدولية لا سيما القرار ١٧٠١ والتي وافقت عليه الحكومة اللبنانية بعد مغامرة حزب الله في تموز – يوليو من العام ٢٠٠٦ يوم قال حسن نصرالله امين عام حزب الله جملته الشهيرة “لو كنت أعلم ” ودفع لبنان ثمناً باهظاً جراء تلك المغامرة، والتي وافق عليها وزير حزب الله محمد فنيش الذي كان عضواً في تلك الحكومة الرئيس فؤاد السنيورة .
وفي كلمة للسيد هاشم صفي الدين اليوم في مناورة لمليشيا حزب الله تُحاكي تفجير السياج الحدودي وعبور لمهاجمة مستوطنة، قال: ” سنعبر الحدود وهذا السلاح لكل اللبنانيين، وقد تناسى السيد صفي الدين ان للبنان حكومة وادارة رسمية هي التي تقرر كيف تُدافع عن حدودها وبجيشها وقواها الذاتية بعيداً عن وجود ميليشيات خارج حدود السلطات اللبنانية وقراراتها .
وركز صفي الدين على ان حزبه جزء من محور يمتد من غزة الى ايران مرورا بلبنان .هذا الحدث يدل ايضاً وبصريح العبارات بأن الدولة غائبة وفي غير مكانها هي وإداراتها وقواها العسكرية .
هذان الحدثات يُعبران خير تعبير عن تحلل أجهزة الدولة وتغييبها عن مساحات من لبنان نتيجة لاقحام المليشيات الدينية والسياسية بنفسها مكان الدولة واخذ زمام المبادرة لتغييب الدولة ومصادرة قراراتها وسلطاتها ومسولياتها واعتبارها غائبة وغير موجودة، وهذا ما لم يحدث في اي دولة ذات سيادة قوية وقادرة. مما يُعطي اللبنانيين شعورا بأنهم متروكون لمصيرهم في مواجهة ميليشيا المصارف التي نهبت ودائعهم مع ميليشيا دينية تُعيدُ اللبنانيين لعصور غابرة وتسير بلبنان وشعبه بعكس التيار الذي يعم الدول العربية والتي كانت لفترة غير بعيدة محافظة واليوم اصبحت بمكان مختلف كالسعودية والامارات وغيرها من الدول العربية القريبة منها والبعيدة وكأنه مكتوب علينا في لبنان العيش في مجاهل التاريخ الاسود المليء بالتعصب والبغضاء، بالاضافة الى ميليشيا السلاح التي تُرهبُ اللبنانيين وتتخذ منهم رهائن لقضاء سياسات لدول ومحاور خارجية.