رسائل المناورة العسكرية لحزب الله

رسائل المناورة العسكرية لحزب الله

حسين عطايا

يوم الاحد في الواحد والعشرين من هذا الشهر ايار – ماي ، اقام حزب الله مناورة عسكرية بالذخيرة الحية في معسكرٍ له بجوار بلدة عرمتى ، وهو كان فيما مضى موقعاً لقوات الاحتلال الاسرائيلي ومليشيا لحد العميلة حيثُ كان مقراً للفوج العشرين .

في هذه المناورة حشد حزب الله عددا من عناصره وبعض انواع الاسلحة والعتاد من دراجات نارية واليات دفع رُباعي وراجمات صواريخ وقام عناصره ببعض البهلوانيات واظهرت بعض وسائل الاعلام عن عملية تفجير الجدار الفاصل بين لبنان وفلسطين وعملية إقتحام لمستوطنة صهيونية بالقرب من الحدود ، حضرت المناورة وسائل اعلام وبعض من الحضور من الجمهور المُقرب من حزب الله .

اراد المنظمون من هذه المناورة عرض العضلات والقُدُرات العسكرية التي يمتلكها عناصر ميليشيا حزب الله وبعض التكتيكات العسكرية والتي اصبحت من الماضي ، وأُقيمت هذه المناورة بمناسبة يوم التحرير كما قيل .

بداية لابد من القول بأن حزب الله يعلم جيداً بأنه يمر بمرحلة مصيرية بالغة الخطورة ، وهي الاصعب منذ تأسيسه ، حيث تتآكل شعبيته في بيئته منذ الازمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان ، على الرغم من كل البروباغندا الاعلامية والتي يُتقن فنونها وتُظللُها الاطلالات المتكررة والكثيرة التي يقوم بها امينه العام حسن نصرالله والتي لم تكن فيما مضى لانه كان مرتاحاً وفي شتى الميادين ، وعدداً من قيادته حيث يستغلون كل المناسبات او يخترعون مناسبات للإطلالة والحديث فيها .

كما ان قيادة حزب الله تعلم جيداً وخصوصاً بعد الاتفاق السعودي ــــ الايراني بأن مرحلة جديدة دخلت بها منطقة الشرق الاوسط ، وبأن تسوية كُبرى بدأت تباشيرها في المنطقة وبالتالي لا يستطيعون الوقوف بوجهها ، مما يُحتم عليهم اتباع سياسات تختلف عما مضى وأن يكونوا اكثر حذراً يتصرفون بعقلانية على اساسها ، فحزب الله اراد من هذه المناورة إرسال العديد من الرسائل للداخل وللخارج .

الرسائل الخارجية هي :

الاولى : موجهة الى القمة العربية ردا على الفقرة التي تتحدث عن المليشيات العسكرية في بعض الدول والتي تتعارض مع القوانين والانظمة ، وهو بذلك يستدرج عروض مقابل ذلك الامر ويجاهر ببعض قوته ليحصل على ما يُناسبه من جبنة السلطة اللبنانية والتي ستتكون قريباً .

الثانية: للإسرائيلي وحكومة نتنياهو ليبلغه رسالة اننا لازلنا نمتلك قوتنا ونحن لسنا الجهاد الاسلامي او حماس المحاصرتين بجغرافية البحر والحدود البرية بل ان ساحة حزب الله مفتوحة وبالتالي يستطيع المناورة في هذا الامر مع علم قيادة حزب الله انه مُقيد باتفاقية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية وبالتالي سقف مناورته محودة .

الرسالة الثالثة : موجهة الى الولايات المتحدة الامريكية ليقول بأنه يمتلك القوة والقدرة على تطويع الساحة الداخلية اكثر بكثير من قوى المعارضة والتي لليوم وبعد سبعة اشهر من الفراغ الرئاسي لازالت منقسمة ولم تتفق على مرشح لمواجهة مرشح حزب الله المُعلن سليمان فرنجية ، لذلك كما استطاع تمرير اتفاق ترسيم الحدود هو قادر على ضبط الساحة وبالتالي يستدرج عروض تأتي عليه بمفاوضات لإعطائه دوراً وازناً في السلطة التي ستتكون لاحقاً بعد موافقته على مرشح توافقي وثمناً لتنازله عن مرشحه فرنجية .
اما عن رسائل الداخل فهي:
عملية عرض عضلات بأنه يجب عليهم وبما يمتلك من قوة مفاوضته وحواره للتوصل الى توافق على مرشح يكون قريباً منه وترضى به المعارضات ويأمن جانبه .
كذلك ، بأن سلاحه للخارج وليس للداخل وعلى الدولة اللبنانية ان تستفيد مما يمتلكه من سلاح للدفاع عن حدود لبنان .
لاشك بإن هذه الرسائل ستجد صدى لها لاسيما على الصعيد الخارجي وسيكون لحزب الله موقعاً جيداً وازناً على الاقل في مرحلة انتقالية الى ان تكون التسوية والمتغيرات في المنطقة اظهرت عدم ضرورة امتلاكه للسلاح وبالتالي عودته ليكون حزباً سياسياً كباقي الاحزاب .

ولكن ، لابد من ذكر امورٍ عِدة رافقت هذه المناورة والتي تُختصر في جملة من الملاحظات وهي :

للمرة الاولى يُلقي السيد هاشم صفي الدين كلمةً مكتوبة وبدا لافتاً قراءته لها وهو الذي دوماً يرتجل كلمته ،
هذا يدُل على ان الكلمة المكتوبة بعنايةٍ شديدة ولم تُترك له حرية الكلام ، وهذا امرٌ مستجد والمطلوب منه ان لايحيد عن النص .

ثانياً سبق المناورة إجتماع للمرشد الايراني مع كبار موظفي الخارجية الايرانية، وابلغهم ضرور ان يكونوا مرنين في المفاوضات لتحقيق مصلحة ايران .
هذا الامر يُبرهن عن اتجاه ايراني وعلى ارفع المستويات بأن لابد من تنازُلات ايرانية يجب تقديمها للوصول الى اتفاق نووي جديد ، خصوصاً ان المعلومات تتحدث عن لقاءات سرية تجري في جنيف وان الامر بات قريباً جدا وبأن المفاوضات قطعت شوطاً في هذا الامر ، وهذا ما يُعبر عن ذهنية جديدة في ايران بالتعاطي مع المتغيرات الاتية والتي حتما ستكون إيران منها ومن الفاعلين فيها ولكن بصورة تختلف عما سبق في الماضي.

كل هذه الامور مُجتمعةً تُحتم على حزب الله ان يتحضر للمتغيرات القادمة على المنطقة وعليه ان يستعد لمواجهتها بالحكمة واللين لانه من الصعب جداً  او ممنوع عليه مواجهتها والوقوف بوجهها .

Visited 3 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عطايا

ناشط سياسي لبناني