شهادة حسن السلوك لاتصنع بل تمنح
حسين عابديني
أفادت وكالات الأنباء الحكومية أمس، عن مقتل أحد رجال الشرطة للنظام الإيراني في مدينة إيذج بمحافظة خوزستان جنوب غرب إيران. وبحسب التقارير الواردة، فإن ذلك جاء بعد المراسم التي نظمتها أسرة شهيد الانتفاضة كيان بيرفلك، الذي كان يبلغ من العمر 9 سنوات، والذي قُتل على يد النظام الإيراني في مدينة إيذج جنوب غرب إيران، بعد أن أطلق مسلحون النار على سيارة والده التي كان يركبها.”
وكتبت وكالة أنباء فارس: أفادت الأنباء أن المهاجم أصيب في إطلاق النار على الشرطة، ونقل إلى المستشفى وتوفي هناك. ووفقًا للأخبار المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، استشهد ابن عم والدة كيان بيرفلك في هذا الصراع.
من السهل جدا أن يدعي الانسان مايشاء من الاقوال التي يوحي من خلالها بإسباغ صفات وأمور ومسائل إيجابية على شخصيته، بيد إنه من الصعب جدا أن يجعل الاخرين يصدقونه فيما لو کان مايدعيه لايتفق فعليا وعمليا مع واقع ماهو عليه.
طوال أکثر من 44 عاما المنصرمة، شهد الشعب الايراني وشعوب المنطقة والعالم کله نظاما سياسيا فريدا من نوعه في إيران، نظاما جعل من إيران بمثابة سجن کبير، وجعل بلدان وشعوب المنطقة تواجه أوضاعا وأمورا لم تشهد لها مثيلا قبل تأسيس هذا النظام، فيما إن تصرفاته وأفعاله ونهجه تحديدا، لفت أنظار الرأي العام العالمي إليه بقوة حتى صار مادة رئيسية دسمة لوسائل الاعلام العالمية.
قطعا لايمکن لهذا النظام أبدا أن يغطي على ماضيه أو يتبرأ منه، ولايمکنه أيضا بأن يصبح بين عشية وضحاها أن يجعل الآخرين أن يطمأنوا إليه ويثقوا به، خصوصا وإن الحقيقة الثابتة التي لامجال لإنکارها هي إن هذا النظام مبني على أساس نهج ولاية الفقيه وهو مايحدد للنظام مساره وسلوکه.
ما يحدث في إيران هذه الايام وما يسعى إليه النظام القائم، هو أشبه مايکون بأن يوحي للشعب الايراني وشعوب المنطقة والعالم، بأنه قد إجتاز کل المصاعب والتحديات والاخطار التي حدقت به ولاسيما الانتفاضات الشعبية ضده بسلام ولذلك فإنه قد حاز على شهادة نجاح من کل تلك الاختبارات بما يمکن أن يتم مضاهات شهادته هذه بشهادة حسن السلوك.
ما يلفت النظر کثيرا، هو إنه کما إن سلوك الانسان يرافقه کظله ومن الصعب عليه أن يغير ماقد تطبع عليه طوال أکثر من 44 عاما بطباع جديدة طارئة ومفتعلة لايمکن التعود عليها، فإن من المستحيل على النظام الايراني أن يقنع الشعب الايراني أولا وشعوب المنطقة ثانيا والعالم أجمع ثالثا، بأنه سيصبح کما أراد العالم أن يکون على مر الاعوام ال44 المنصرمة!
من يتابع خطب وتصريحات القادة والمسٶولين الايرانيين خلال الاسابيع القليلة الماضية والتي باتت کلها وفي مسارها العام توحي بوداعة وطيبة النظام وحبه للخير وسعيه المفرط من أجل المحافظة على الامن والاستقرار في المنطقة والعالم، بل إنه يريد من خلال تلك الخطب والتصريحات أن يصور نفسه کحمامة سلام کانت مسلوبة الارادة طوال العقود الاربعة الماضية وهاهو اليوم يفرد بجناحيه ليعم السلام والامن والاستقرار على المنطقة والعالم.
هذا ما يجري حاليا، أو بالاحرى هذا مايريده النظام الايراني أن يجري ويحدث أمام الشعب الايراني والمنطقة والعالم. لکن المشکلة کما قلنا في بداية هذا المقال ليست في الإدعاء وإنما في إثبات مصداقية لذلك الادعاء. وشهادة النجاح لحسم الامور لصالح النظام لن تنتزع من جراء قمع الشعب وإفقاره ولا من خلال إطلاق بضعة صواريخ وتهدئة مفتعلة للنشاطات المشبوهة في المنطقة والعالم، بل إن هکذا شهادة يمنحها الشعب للنظام إذا ماکان راضيا عنه وهو ليس کذلك، ونفس الشئ بالنسبة لشهادة حسن السلوك.