حرب السودان مستمرة .. ولا هدنة في العيد
السؤال الآن ــــ وكالات وتقارير
اعترف الجيش السوداني باستيلاء قوات الدعم السريع على مقر قوات الاحتياطي المركزي جنوبي الخرطوم بعد معارك دامت أياما.
وقال في بيان اليوم، إن “الميليشيا المتمردة استولت أمس على أحد مقار الشرطة السودانية، في إشارة إلى مقر الاحتياطي المركزي، بعد مهاجمته طوال 3 أيام متواصلة. وأوضح أن اقتحام قوات الدعم السريع للمقر يعدّ مخالفة للقانون الدولي، مشيرا إلى أن مرافق الشرطة في جميع أنحاء العالم تعتبر مرافق خدمية لا علاقة لها بالعمليات العسكرية.
واعتبر إن “ما جرى من استهداف لمقار الشرطة ليس انتصارا عسكريا لميليشيا لا تتورع عن ارتكاب جميع أنواع الانتهاكات بقدر ما هو هزيمة أخلاقية وتعدٍّ سافر على مؤسسات الدولة المعنية بحماية المدنيين يستوجب الإدانة والاستهجان”.
وكشف مصدر في الجيش السوداني إن القوات التي كانت موجودة في المقر قوات انسحبت منه بشكل مدروس، وأن أكثر من 250 من عناصر الدعم السريع قتلوا في الاشتباكات التي دارت حول المقر.
وكانت قوات الدعم السريع أعلنت مساء أمس سيطرتها على المقر الأمني، ونشرت لقطات لمقاتليها داخل المنشأة وكان بعضهم يخرج صناديق ذخيرة من أحد المستودعات. وقالت هذه القوات التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي) في بيان إنها استولت بعد سيطرتها على رئاسة قوات الاحتياطي المركزي ومعسكر عوض خوجلي على كميات كبيرة من المركبات والأسلحة والذخائر.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ضابط في الجيش السوداني أن المعارك في محيط مقر الاحتياطي المركزي خلّفت 14 قتيلا.
وبعد سيطرة قوات الدعم السريع على المقر التابع للشرطة، قصف الجيش السوداني تجمعات لهذه القوات بالمنطقة.
وتشكل منطقة مقر الاحتياطي المركزي للشرطة أهمية للدعم السريع، لأن المقر يمثل خطا دفاعيا متقدما للجيش باتجاه منطقتي الشجرة والكلاكلة، وأيضا لأنه يشكل خطا دفاعيا للجيش إذ يقع شمال معسكر طيبة الذي كان تابعا للدعم السريع.
هذا وتجددت الاشتباكات صباح اليوم في مناطق مختلفة في العاصمة السودانية. وسمع دوي انفجارات متقطعة دوت جنوب مدينة أم درمان، بالتزامن مع سماع أصوات أسلحة ثقيلة غربي مدينة الخرطوم وتحليق مستمر للطائرات الحربية التابعة لسلاح الجو في الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان.
وفي تطور آخر، قال مصدران مطلعان في حكومة ولاية النيل الأزرق ومكتب نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار لــ “الجزيرة” إن قوات الحركة الشعبية ــــ شمال بقيادة عبد العزيز الحلو هاجمت عددا من مواقع الجيش السوداني في خور البودي وديم منصور جنوب مدينة الكرمك. وأضاف المصدران أن الجيش السوداني تصدى للهجوم، وأشارا إلى استمرار قوات الحركة الشعبية في قصف عدد من المناطق في الولاية.
يذكر أن الجيش السوداني والحركة الشعبية وقعا اتفاقا لوقف إطلاق النار ظل ساريا على نحو منتظم حتى اندلاع الصراع الحالي في منتصف أبريل ــــ نيسان الماضي.
وتعدّ المواجهات في ولاية النيل الأزرق الأولى من نوعها في الولاية منذ بدء الصراع الحالي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وبشأن التداعيات الإنسانية، قال أحمد عثمان نائب المفوض العام للعون الإنساني بالسودان إن قرابة 25 مليون مواطن بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
وفي مؤتمر صحفي عقده بمدينة بورتسودان شرقي السودان، أوضح عثمان أن إجمالي عدد النازحين وصل إلى 8 ملايين بينما بلغ عدد اللاجئين إلى دول الجوار نصف مليون.
ولم يتفق الجيش و”الدعم السريع” على هدنة جديدة تشمل أيام عيد الأضحى، وذلك منذ انتهاء آخر هدنة صباح الأربعاء الماضي. ولم تمنع الهدن المتتالية من خرقها من قبل طرفي الصراع.
وأعلنت قوات الدعم السريع، الاثنين، تأجيل المفاوضات مع وفد الجيش السوداني في جدة إلى ما بعد عيد الأضحى. وقالت قوات الدعم السريع إن “تأجيل المفاوضات جاء بسبب عدم جدية الجيش وعدم التزامه بالهدن السابقة”.
هذا وأكد رئيس وزراء تشاد صالح كبزابو أن أكثر من 400 ألف لاجئ من السودان وصلوا إلى أراضي تشاد المجاورة. ونقلت إذاعة “آر إف آي” عن كبزابو قوله أمس الأحد أن “المناطق الشرقية من تشاد استقبلت أكثر من 400 ألف لاجئ من السودان”.
وأضاف أن ما يقوم به المجتمع الدولي في مواجهة المأساة الإنسانية ومعاناة اللاجئين السودانيين لا يتوافق مع المساعدة التي يقدمها في مناطق أخرى من العالم. وقال كيبزابو إنه بسبب تدفق اللاجئين، تسعى حكومة تشاد إلى الحصول على مساعدة فنية ومالية واسعة النطاق من مختلف البلدان والمنظمات الدولية، وإنه يجب أن تكون هذه المساعدة غذائية وطبية وتعليمية.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن نحو مليوني شخص من بين أولئك الذين شردهم الصراع في السودان نزحوا داخليا، وفر ما يقرب من 600 ألف إلى البلدان المجاورة.
وحذر المتحدث باسم العملية السياسية في السودان، خالد يوسف، اليوم من تحول القتال الدائر في بلاده إلى “حرب عابرة للحدود تعلو فيها الأجندات الخارجية”. وقال يوسف في حسابه على تويتر: “هذه حرب لا منتصر فيها، ومآلاتها واضحة للعيان وهي إمكانية تحولها لحرب ذات طبيعة إثنية وقبلية”.
وأضاف: “القادم أسوأ، وهو نذر تحولها لحرب عابرة للحدود تعلو فيها الأجندات الخارجية ويصبح جميع أهل السودان بلا قدرة على إيقافها، وتصبح السيادة والقرار الوطني أثرا بعد عين”.
وشدد يوسف على أن المخرج الوحيد للأزمة هو التوصل إلى “حل سياسي سلمي شامل”، لكنه أشار إلى أن هذا المخرج “يضيق يوما بعد يوم”.
ودعا إلى “معالجة الأسباب الحقيقية التي أدت لفشل الدولة السودانية بل وقرب انهيارها، وعلى رأسها الوصول لجيش واحد مهني وقومي ينأى عن السياسة وصراعات السلطة ويتفرغ لمهام حماية حدود البلاد وأمنها”.