التطبيع بين سوريا وتركيا أسير المناكفات .. وروسيا تسعى لاتفاق جديد
د. خالد العزي
تتجدد بين فترة وأخرى، في محافظة إدلب السورية الواقعة تحت المسؤولية التركية الاشتباكات بين الجماعات المتطرفة وجيش الرئيس بشار الأسد. فعلى الرغم من عملية إعادة العلاقات الثنائية التي بدأتها دمشق وأنقرة. تشير وسائل الاعلام إلى أن الفصائل المسلحة التي ترعاها تركيا غاضبة من عدم تلقيها إيضاحات حول خارطة الطريق للتطبيع بين النظامين. وترد القوات المسيطرة على إدلب بابداء استعدادها إقامة حوار مع التشكيلات الكردية مما يزيد من تعقيد الامور مع تركيا.
في 26 حزيران ـــ يونيو الجاري، أبلغت وزارة الدفاع السورية، وفقا لمقالة نشرتها صحيفة “نيزافيسيمايا” غازيتا الروسية، عن سير عمليات التي التي استهدفت محيط إدلب. وقالت الإدارة العسكرية في بيان إن الجيش الحكومي، بالتعاون مع القوات الجوية الروسية، هاجم “مقرات ومستودعات ومواقع إطلاق طائرات مسيرة تابعة لجماعات مسلحة محلية. وعلى الأرجح استدفت مواقع “هيئة تحرير الشام”، التي تسيطر على هذا الجيب المضطرب.
وحسبما أكده مسؤول في دمشق، ان هذه الضربات جاءت رداً على الهجمات الأخيرة التي نفذها مسلحون في ريف محافظتي حماة واللاذقية.
في السابق حاول الروس تجاوز منطقة التصعيد في ادلب وحسم الملف عسكريا بعد الوصول الى محيط جبل الزاوية في بداية عام 2020. للضغط على القوات التركية بغية انسحابها نهائيا الى الحدود الدولية عبر مجزرة نفذها الجيش السوري التي سميت بمجزرة الجنود الأتراك في جبل الزاوية، لكن عدم انصياع القيادة التركية للمخطط الروسي والتصدي للهجوم العنيف عرض العلاقات التركية ـــ الروسية للخطر ليس في سورية فحسب.
توقفت المعارك بعد لقاء جمع الرئيسين رجب الطيب اردوغان وفلاديمير بوتين وتم الاتفاق على فض الاشتباك بين الطرفين، ولم يعلن عنه الكثير، لكن انقرة استغلت التهدئة وحشدت جيش وارسلت معدات تفوق العدد المطلوب، حيث باتت المناكفة بين وزارتي الخارجية والدفاع بين البلدين وكيل الاتهامات المتبادلة بعدم تطبيق الاتفاق.
في الفترة الأخيرة انشغلت روسيا بحربها في أوكرانيا واخترع الروس مسارا جديد لرفضهم أي عملية تركية جديدة في الشمال السوري، يقضي بفتح الحوار المباشر بين النظام السوري والتركي للوصول الى اتفاق لتطبيع العلاقات بين البلدين.
طوال الفترة السابقة، كانت القيادة التركية تحت ضغط الشارع التركي مع مطلب التطبيع مع دمشق وإيجاد تسوية للنزوح السوري، لكن مع انتهاء الانتخابات تحررت القيادة التركية من الضغوط، بعد ان فشلت طريقة المشاورات وعملية التطبيع التي كانت ايران تعرقل نجاحها، وحاولت روسيا دفع الرباعية الى طريق النجاح لكنها فشلت.
وتشير الصحيفة الروسية إلى أن الجماعات المتطرفة المحلية كانت تحاول الضرب من نظام إطلاق صواريخ متعدد شمال شرق قاعدة حميميم الجوية الروسية.
وفي هذا الصدد، قال الأدميرال أوليغ غورينوف، نائب رئيس هيئة حماية المدنيين، إن مرافق البنية التحتية كانت في خطر.
في موازاة ذلك، يولىي الجانب الروسي هذه الأيام اهتمامًا خاصًا بـ “الانتهاكات المنهجية والهادفة والجسيمة لبروتوكولات منع التضارب والمذكرة الثنائية لسلامة الطيران في سوريا”، من قبل طائرات التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة، بينما تزعم مصادر صحيفة “الأخبار” اللبنانية المقربة من إيران أن الجماعات العاملة في المناطق التركية في حالة من عدم اليقين بسبب عدم إخبارهم بما ستكون عليه خارطة الطريق للمصالحة بين أنقرة ودمشق. ومما يثير القلق بشكل خاص المطلب القاطع للحكومة السورية بسحب الكتيبة التركية من الأراضي المحتلة في شمال البلاد.
ويلفت محاورو “الأخبار” الانتباه إلى حقيقة أن الجيش الحكومي عزز في الأسابيع الأخيرة مواقعه على خطوط التماس بحرية. وهذا يثير مخاوف بشأن ما تم الاتفاق عليه بالضبط في اجتماعات “أستانا” خلال المحادثات بين روسيا وتركيا وإيران وسوريا.
لكن المؤشرات بحسب مصادر خاصة، تشير الى ان الموقف التركي ثابت ولن يخضع للابتزاز ولن ينسحب وربما سيكون تعزيز المواقع رد على تصرفات روسيا وتوجيه ضربة الى نظام الاسد، لان روسيا بالرغم من استخدام طائراتها وتوجيه ضربة للفصائل في المنطقة لن تستطيع إملاء شروطها الحالية بسبب وضعها المشلول نتيجة الحرب في أوكرانيا، وهي رسالة تأكيد ان تواجد روسيا في سوريا والتفاهم السابق انتهى ولا بد من السير بالعودة الى الحسم العسكري لتحقيق المكاسب من جديد والعودة الى نقطة الصفر.
لذلك روسيا تريد اعادة العمل على اتفاق جديد وتعزيز قواعد الاشتباك الجديدة بظل التوجهات التركية الخارجية للرئيس اردوغان وفشل مسار التطبيع وخاصة ان روسيا تريد الحصول على مكاسب خارجية بعد أزمتها الداخلية التي تركت بصماتها على جبين النظام نتيجة انقلاب فاغنر.