غياب ميلان كونديرا الكاتب الذي خاف من سرقة روحه

غياب ميلان كونديرا الكاتب الذي خاف من سرقة روحه

السؤال الآن ــــ ريم ياسين

بعد صراع مع المرض، توفي الروائي التشيكي ــ الفرنسي ميلان كونديرا عن 94 عاما. كما أعلنت المتحدثة باسم مكتبة ميلان كونديرا آنا مرازوفا، الواقعة في مدينة برونو، مسقط رأس الكاتب، لوكالة فرانس برس،

وأكّدت دار “غاليمار” للنشر لصحيفة “لوموند” الفرنسية أن الروائي ميلان كونديرا، المولود في الأول من نسيان، 1929، في برونو مورافيا ( التي كانت آنذاك جزءاَ من تشيكوسلوفاكيا) قد توفي في باريس يوم الثلاثاء، 11 تموز عن 94 سنة من العمر.

وكونديرا يصف في مقالته “الوصايا المغدورة” برنامجه في التأمل الشعري في الوجود بأنه “نظرة  وحكمة  وموقف: موقف يستبعد التطابق مع أية سياسة، وأي دين، وأية أيديولوجيا، وأي مذهب أخلاقي، وأية جماعة .”

أتاح له العيش في بيئات مختلفة وانفتاحه على الثقافات المختلفة أن يقدم روىء فريدة ذات قيمة جمالية ومعرفية في الوقت ذاته.

ولم يتوقف كونديرا عن التعبير عن ارتباطه بالتراث العالمي لعالم الأدب، من ثربانتس إلى كارلوس فوينتس، ومن غوته إلى ديدرو، ومن كافكا إلى روبرت موزيل. وقد ناقش في فنه الروائي مناطق التوتر  وزمنيته، والنوع الذي هو تاريخياَ تحت التوتر، يهدده الإرهاق الداخلي أحياناَ والعدوان الخارجي أحياناَ أخرى.

تمت ترجمة أعمال ميلان كونديرا المشهورة عالميًا إلى أكثر من 80 لغة. بعد روايته الأولى “النكتة” عام 1967 ، نشر على وجه الخصوص رواية “غراميات مرحة” في عام 1969. وقد تم تكييف كتابه الأكثر مبيعًا “خفة الكائن التي لا تحتمل” في عام 1984 للسينما في عام 1988 من قبل فيليب كوفمان. كان كونديرا يصور بشكل ساخر الحالة الإنسانية.

وُلد في تشيكيًا، وحُرم من هذه الجنسية قبل أن يستعيدها لاحقًا، لكنه فرنسي منذ عام 1981، وكان من أكثر الروائيين الناطقين بالفرنسية نفوذاً في العالم.

عندما كان لا يزال تشيكيًا، نشر ميلان كونديرا روايتين، “النكتة” (1965، امتدحها بشكل خاص الشاعر الفرنسي أراغون) و”غراميات مرحة” (1968)، نصتا على تقييم مرير للأوهام السياسية للجيل لانقلاب براغ الذي مكّن الشيوعيين في عام 1948 من الوصول إلى السلطة.

أُدرج كونديرا على القائمة السوداء في بلاده بعد ربيع براغ، وذهب إلى المنفى في فرنسا مع زوجته فيرا، مقدمة البرامج النجمية على التلفزيون التشيكي.

بعد أن حصل على الجنسية الفرنسية، إختار الفرنسية كلغة للكتابة، ليعلن انفصاله عن وطنه الأصلي الذي جرده من جنسيته عام 1979، ثم أعادها إليه عام 2019.

في فرنسا، نشر “وداع الفالس”، “كتاب الضحك والنسيان” … في عام 1984، ما يعتبره البعض تحفته، “خفة الكائن التي لا تحتمل”، رواية حب رائعة وقصيدة للحرية، و”الحياة هي في مكان اخر”.

امتنع عن التعبير عن نفسه في وسائل الإعلام، متمنيًا أن يتحدث الناس عن عمله ولا شيء آخر، عاش كونديرا في تكتم وسط باريس مع زوجته فيرا.

لم يظهر كونديرا في الحياة الإعلامية مدة أربعين عامًا. وكان يحمي نفسه من العدسات، ويداه ملتصقتان لإخفاء وجهه حتى رحيل المصورين. وقد وصفته زوجته بأنه “مثل هندي عجوز يخشى أن تُسرق روحه منه”.

اختفاء كونديرا. ربما كان لمحو ماضيه، كما لو كان خائفًا من التفتيش، يحلل أريان شيمن. وبهذا المعنى ، ظل رجل النظام الشيوعي مرتابًا طوال حياته بسبب اضطراره لإخفاء الأسرار.

كان التحكم في صورته وعمله أحد الخيوط الحمراء في حياته. تم إدراجه في القائمة السوداء في بلاده بعد ربيع براغ، ولا يزال جزء كامل من حياته قبل وصوله إلى فرنسا غامضا.

من أقواله: “كيف نعيش في عالم لا نتفق معه؟ كيف نعيش مع الناس عندما لا نجعل من آلامهم وأفراحهم آلاما وأفراحا لنا؟ عندما نعرف أننا لسنا ممن ينتمون إلى عالمهم؟

“أدركنا منذ زمن طويل أنه لم يعد بالإمكان قلب هذا العالم، ولا تغييره إلى الأفضل، ولا إيقاف جريانه البائس إلى الأمام، لم يكن سوى ثمة مقاومة وحيدة ممكنة، ألا نأخذه على محمل الجد”.

Visited 40 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة