حدث ذات مرة في ورزازات

حدث ذات مرة في ورزازات

ريم ياسين 

في ورزازات، مراكش أو الدار البيضاء، يقبض الأشخاص الذين يظهرون في الأفلام نحو إثنين يورو في الساعة فقط والتقنيون لا ينتمون إلى أي نقابة، وتشكل قرى خلابة ديكورا لأفلام بمبالغ زهيدة. الدولة تضمن الأمن والحوافز المادية تكثر. النتيجة أيضا أن السينما المحلية وكأنها تعمل لمصلحة الغرب.  هل تعيش القوة الناعمة المغربية، حتى لو كانت نسبية، أيامها الأخيرة؟

 الحرارة ترتفع في ورزازات، باب الصحراء المغربية.المخرج البريطاني الأمريكي ري دلي سكوت 85 عاما، أعلن عن عودته إلى القرية المحصنة آيت بن حدو التي تقع على بعد 30 كم. من المدينة.  في هذا المكان المسجل على لائحة التراث العالمي للأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، اليونيسكو، قرر مخرج فيلم ألين 1979 وفيلم بلاد رينر 1982 وفيلم تيلما ولويز 1991 وفيلم أمريكان غانغستر 2007، تصوير الجزء الثاني من فيلمه الشهير “غلاديوتير” الذي صور سنة 2000. طبعا من دون الممثل راسل كرو لأن الشخصية التي كان يلعبها لاقت حتفها في الجزء الأول ولكن مع الممثل إيرلندي بول ماسك، النجم الصاعد ومع دانزل واشنطن الشهير. في هذا الديكور حيث القمر نصف بدر وحيث يسود الغبار والحصى الرملية،  يقوم العمال والحفارات ببناء ساحة حيث سيدور القتال الروماني العنيف. يطمح المخرج لبناء نسخة ضخمة عن الكوليزي

في أزقة القصر فوق موقع البناء، يبقى التجار حذرين. بعد بعض الوقت سيقفلون محلاتهم؟ لا أحد يعرف. كم تبلغ التعويضات 500 درهم للبعض أو ألف و1500 للبعض الآخر. يقول عزيز وهو رسام عصامي يأمل بيبيع إحدى لوحاته التي رسمها بالشاي والزعفران وهو خصوصية محلية ب1000 درهم: “في جميع الأحوال، ليس لدي خيار. إذا رفضت إقفال محلي، ستأتي الشرطة وسيصبح لدي مشاكل كثيرة”.

سيوظف آلاف الأشخاص الذين سيظهرون في الفيلم بسعر 300 درهم في اليوم أي ما يعادل 27 يورو للعمل لمدة11 ساعة في اليوم.  للمقارنة، الحد الأدنى في فرنسا لمثل هذا العمل هو 105 يورو لمدة 8 ساعات إضافة إلى المساهمات المالية لأصحاب العمل التي يدفعها المنتج.  يقول حميد آيت تيماغريت، المولود في ورزازات وأحد المسؤولين الأساسيين في توظيف المحليين: “عندما سيعرف الناس هنا أنني المسؤول عن توظيف في فيلم غلادياتور، سيرن هاتفي ليل نهار ولا يوجد مكان للجميع. خاصة أنني مع الوقت، أصبحت امتلك بنك معلومات عن آلاف الأشخاص مع صورة وطول القامة وعنوان وأخلاق، إذا كان الشخص يشرب كحولا ويلتزم بالوقت”.

 هو لا يبدو سعيدا بتصوير إنتاج كبير كهذا  بسبب الحنين الذي يشعر به اتجاه الفترة السابقة: “لو عرفتم ورزازات في تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية الجديدة، فلن تصدقوا ماذا ترون. كان هناك تصوير ثمانية أو تسعة أو حتى عشرة أفلام في نفس الوقت. كانت الفنادق مليئة بالزبائن. اليوم، انظروا حولكم. هي مدينة ميتة. هناك تصوير أو إثنين على الأكثر. بعد وباء الكوفيد 19، أتت حرب أوكرانيا، لم يعد هناك مال. فنادق عديدة أقفلت أبوابها، منها فندق بلير خمسة نجوم الذي شهد وجود  أهم المشاهير في العالم، وفندق  رياض السلام وفندق لا بالميرال هل يمكن لتصوير فيلم “غلادياتور” أن يسمح بانطلاقة جديدة؟ 

المنتج المنفذ أحمد أبو نعوم الملقب بـ “جيمي” والمكلف بتنظيم تصوير الفيلم في المغرب وهو صاحب شركة دون فيلم وأحد كبار المنتجين المنفذين  في المغرب  يقول: “أن إنتاج كبير كهذا سيحجز لمدة عدة أشهر جميع الفنادق وجميع التقنيين والمشاريع الأخرى سيتم تصويرها في أماكن مغايرة”. وهذا يعني في بلدان منافسة.

جميع الأجانب يقولون: في المغرب نحن لا نخاف

هذا ليس أول تصوير في  آيت بن حدو.  كانت هذه القرية القديمة جدا ديكورا لفيلم المخرج ديفيد لين وهو لورانس العربي سنة 1962.  وكذلك لفيلم القتل ليس لعبة، كمخيم للمجاهدين الأفغان وهو فيلم مع الممثل تيموتي دالتون الذي لعب دور جيمس بوند سنة  1987. كما لفيلم إنديانا جونز في الجزء الثالث للمخرج ستيفن سبيلبرغ سنة 1989.  كذلك كانت قرية من الكتاب المقدس في عدد لا يحصى من الإنتاجات الأمريكية والإيطالية. حتى أن المخرج مارتن سكورسيزي جعل منها قرية من التيبت  في فيلمه كن دن سنة 1997 وومن قمم الأطلس العالي المكسوة بالثلج سلسلة جبال هيمالايا.  هذه الحركة الكبيرة دفعت السكان إلى الانتقال إلى الجزء الآخر من القرية تاركين للتصوير وللسواح  الباحثين عن الأصالة منازلهم القديمة التي حافظوا على مظهرها جيدا.

 قرية آيت بن حدو ليست استثنائية.  منذ 40 عاما، تعتبر منطقة ورزازت أرضا لتصوير أفلام من جميع أنحاء العالم. منها آخر تجربة للمسيح لمارتن سكورسيزي سنة 1988، شاي في الصحراء لـــ بيرناردو برتولوتشي سنة 1990، والمومياء لستيفن سومرز سنة 1999، وأستريكس وأوبليكس في مهمة كليوباترا للمخرج الفرنسي آلان شبا سنة  2002، وألكسندر لأوليفر ستون سنة 2004،  ومملكة السماء لي ريدلي سكوت سنة 2005، ومهمة مستحيلة الجزء الخامس لكريستوفر ماركوري سنة 2015..  وأيضا للمسلسلات مثل مكتب الأساطير الذي صور بين 2014 و2019،  ولعبة التيرون بفصوله الثمانية الذي صور بين 2010 و2017،  وهوم لاند بفصوله الثمانية أيضا الذي صور بين 2010 و2019، بالإضافة إلى عدد كبير من الأفلام الوثائقية والخيالية والدعائية.

ما هي أسباب هذا النجاح الكبير؟ يجيب جميع المهنيين الذين التقيناهم “لا يوجد مكان في العالم لديه هذا التنوع من الديكورات الطبيعية. في محيط 100 كم حوالي ورزازات، يوجد قرى قديمة جدا وواحات وجبل وثلج وكثبان رملية وصحراء من الحصى وأنهر وبحر. كل شيء”، يقول أبو نعوم أن كل هذا  ينعم بضوء طبيعي استثنائي  وعلى مسافة ساعتين بالطائرة فقط من لندن أو باريس.

انت بحاجة إلى رياض لتصوير ألف ليلة وليلة؟ ستجده في مراكش التي تبعد 200 كم.  تدور أحداث أحد المشاهد في مدينة أوروبية؟  تستطيع أن تصور في الدار البيضاء، في حي سوق الوسط، بالقرب من المدينة القديمة حيث هناك تنوع كبير في واجهات المباني بشكل فني يعود إلى فترة الاستعمار.  وهناك أيضا الأشخاص الذين يظهرون في الأفلام. يقول أحد مسؤولي استوديوهات أطلس الموجودة على مدخل ورزازات “أن الناس هنا ينتمون إلى قبائل قديمة جدا ولديهم وجوه متنوعة من العرق السامي ويشبهون الذين عاشوا أيام الكتاب المقدس أو حتى أيام الرومان.

 سبب آخر للنجاح هو الأمن، “الحقيقة أن أجمل مناظر الصحراء موجودة في الجزائر وفي ليبيا. لكن هناك ينقصهم الأمن. جميع الأجانب يقولون أنهم لا يخافون في المغرب. وشركات التأمين تتبع ذلك. كيف نخاف إذا كان هناك شرطة مسلحة تقوم بالتدقيق على كل طرقات البلد  ونحن نعرف أنه يوجد في كل مدينة رجال الشرطة باللباس المدني مستعدون للتدخل إذا تعرض أي سائح للإزعاج من مغربي.

 لمواجهة المنافسة الأجنبية، تتدخل الحكومة بشكل واسع لتجعل المغرب وجهة أكثر جذبا. فمن إعفاء من الضريبة على القيمة المضافة والمساهمات الاجتماعية إلى تخفيض أسعار بطاقات السفر من الطيران المغربي إلى تعويض 30% من قيمة المصاريف المحلية وتسهيل المعاملات الإدارية. “بالإضافة إلى ذلك، نحن من البلدان القلائل التي تضع قواتها المسلحة في خدمة التصوير وذلك مقابل مبلغ رمزي. ونحن نسمح حتى بإدخال أسلحة حقيقية”، هذا ما يقوله المدير العام للمركز السينمائي المغربي خالد سعيدي، وهو المركز المكلف بدعم السينما الوطنية وبإدارة تصوير الأفلام الأجنبية. عندما طالب منتج فيلم مهمة مستحيلة في الجزء الخامس بالإقفال الكلي للطريق التي تسمح بالالتفاف على مدينة مراكش وذلك لمدة تسعة أيام، حصل على مطلبه وذلك على حساب السكان المغاربة الذين يسلكون هذه الطريق. وأكثر من ذلك، التقنيون لا ينتمون إلى نقابة، هذا ما يؤكده منشور صادر عن المركز السينمائي المغربي باللغة الإنجليزية وموجه إلى المنتجين الأجانب.

مناظر خلابة ويد عاملة رخيصة

 إرادة الحكومة المغربية لها ترجمتها بالأرقام.  يقول السعيدي بفخر أنه “في سنة 2022،  وصلنا إلى 100,000,000 يورو من المصاريف للتصوير الأجنبي  وهذا أكثر مما وصلنا إليه سنة 2019 الذي كان 80,000,000 يورو. حتى لو كان هذا المبلغ لا يشكل إلا نسبة بسيطة حوالي ال4% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتي تتراوح بين1,400,000,000و3,000,000,000 وونصف، إلا أنه يعتبر شتاء من الدولار أو اليورو يتساقط فوق الأراضي القاحلة للقرى.

ورزازات هي المدينة الرئيسية في منطقة زراعية شديدة الفقر. في الواحات، داخل المنازل يغرق بالفقر. يذهب التلامذة إلى مدارسهم مشيا على الأقدام عدة كيلومترات ويتسولون دراهم قليلة من كل أجنبي يتوقف لإيصالهم. على جانب الطرقات، ترزح النساء من ثقل الخشب الذي يحملونه على ظهورهن لإشعال الكانون لتحضير طعام العشاء.

 يقول مصطفى الراج وهو باحث في علم الزراعة الاجتماعي في الجامعة الوطنية للزراعة أن هذه المنطقة بعيدة جدا عن كل شيء. في فترة الاستعمار، سماها الفرنسيون  المغرب عديم الفائدة.  بعد الاستقلال، جاء الشهير فيليكس مورا إلى هذه المنطقة البائسة بحثا عن رجال أقوياء لتوظيفهم في مناجم في شمالي فرنسا. إنتاج الأفلام الأجنبية يؤمن بعض المبالغ نقدا لسكان ولكنها مداخيل غير منتظمة. هذا لا يكفي للتصدي لمغادرة الشباب بالرغم من ضرورة وجودهم في الواحات. فهم وحدهم من يستطيعون أن يتسلقوا شجر النخيل للتلقيح. تنقص أيضا اليد العاملة التي تلتقط الأوراق اليابسة لأن الحرائق هي الخطر الأساسي الذي يهدد الحياة هنا.

 خلال وجودنا، كان هناك تصوير فيلم  في فينت وهي واحة رائعة تبعد 20 كم عن ورزازات، وهو نسخة جديدة من فيلم مرتب الخوف للمخرج هنري جورج كلوزوت سنة 1953 من إنتاج نتفليكس مع مشهد هجوم على مخيم للجهاديين. منذ تدمير البرجين التوأمين سنة 2001 في نيويورك، الأشخاص المغربيون الذين يظهرون في الأفلام مطلوبون جدا في أدوار الإسلاميين السيئين، أفغان أو باكستانيين أو عراقيين أو سوريين أو غيرهم… يقول محمد عبدي خلال زيارتنا للواحة أن المنتجين يحملون تقديرا كبيرا لهذه الواحة… الأفلام مثل بابل سنة 2006  وملكة الصحراء سنة 2015 والمسيح من الناصرة سنة 1977 كلها صورت هنا. هناك 100 عائلة تسكن في هذه الواحة، فقط خمسة منها لديها سيارة.عدد من المنازل يتساقط شيئا فشيئا، ولكن المنتجين يحبون ذلك لتصوير مشاهد الحرب. منزل السيد عبدي واسع ومجهز بشكل متواضع. العمل قاسي لإصلاح المنازل والاهتمام بأشجار النخيل والمحافظة على نظام الري. “وعندما يكون هناك تصوير، ننظم العمل بالتداول حتى تستطيع كل عائلة أن تعمل قليلا. أو كعمل تمثيلي في ظهور في الفيلم ب300 درهم في اليوم أو كعمل يدوي ب200 درهم”.

هل يستطيعون إعطاء قيمة أكبر جمال المكان الذي يعملون على المحافظة عليه منذ قرون على مدى الأجيال؟: “عندما تظهر واحتنا في خلفية مشهد، يعطون ثلاث 100 درهم للجمعيات النسائية. إذا صوروا في قطعة أرض، من الممكن أن يجني المالك 3000 درهم. في جميع الأحوال، القرويون هنا لا يطلبون كثيرا من المال، ولذلك يعود المنتجون”.

منذ 40 عاما، تنعم ورزازات بكمية من الدولارات تنزل عليها كالشتاء. بالرغم من ذلك، تبقى هذه المنطقة الأفقر بين 12 منطقة يتألف منها المغرب مع ناتج محلي إجمالي بمقدار 18,000 درهم سنويا للشخص الواحد. وهو أعلى قليلا من نصف المعدل الوطني، “الأجانب يقولون أنهم يأتون إلى المغرب بسبب الإضاءة وجمال المشاهد الطبيعية. ولكن هذا موجود في الولايات المتحدة. في الحقيقة، إنهم يأتون لتحسين كلفة الإنتاج خصوصا كلفة اليد العاملة، ممثلون وصانع أزياء ونجارون وعمال وتقنيون. فالصناعة السينمائية هي من بين الصناعات اللاتي تتطلب كثيرا من اليد العاملة مثل صناعات النسيج والتكنولوجيا الحديثة للإعلام. لزيادة الأرباح، يصنعون القمصان في بنغلادش والهواتف الخلوية  في فيتنام والأفلام في المغرب. وإذا كان المرتب الشهري يعادل 3000 درهم شهريا بالشكل الرسمي، هذا يبقى افتراضي لأن 54% يعملون بدون عقود. الراتب الشهري لعامل البناء هو حقيقة يتراوح بين 1500 و2000 درهم، هذا إذا وجد عملا. من هنا نفهم لماذا يتدافع الناس ليجدوا عملا في تصوير الأفلام كما كان أجدادهم يتدافعون ليوظفهم مورا”,هذا ما قاله لنا الخبير الاقتصادي في معهد الزراعة والطب البيطري حسن الثاني في الرباط  نجيب اقصبي وهو اختصاصي في استراتيجيات التقدم في المغرب.

يصلون ويدفعون المال ويطلبون أن تقدم لهم الخدمات

في هذه الأرض التي يستثمرها سكان ورزازات، لا يتصرف الجميع بنفس الطريقة. يقول كريم دباغ، مؤسس شركة كسبة فيلم، واحدة من أهم عشر شركا الإنتاج التنفيذي في المغرب “الأسوأ هم الفرنسيون. بالنسبة للأمريكيين، السينما فهي من الأعمال. فهم يصلون، ويخرجون رزمات من الدولارات ويدفعون ويطلبون أن تقدم لهم الخدمات. أما الفرنسيون، فهم يعتقدون أنهم فنانون كبار ولديهم مشروع على الجميع أن يعمل معهم احتراما للفن. وبما أنه ينقصهم المال دائما، فهم يحاولون التوفير على حساب الناس بطريقة تنم عن احتقار يذكر بالاستعمار.

 من الممكن تصحيح هذه المعاملة الوحشية للسكان باعتماد سياسة تقدم من قبل الحكومة المغربية. ولكن هذا لم يحصل. في المغرب، يتابع الخبير الاقتصادي، نحن أقوياء في البنى التحتية التي تظهر أمام العيان وتهدف إلى جذب المستثمرين الأجانب والسياح. على سبيل المثال، إذا أخذنا طرقاتنا السريعة الجميلة، نرى أنه على شبكة طرقات من 1800 كم، هناك ألف لا ربح فيها. ومن الممكن أن تقود لمدة 1/2 ساعة من دون أن ترى سيارة أخرى. أيضا بالنسبة للقطار السريع بين مدينة طنجة والدار البيضاء. هذا بلا معنى من الناحية الاقتصادية. في نفس الوقت، لا يوجد حتى الآن قطار أو طريق سريع يصل إلى ورزازات. ما زلنا في العقلية الاستعمارية للمغرب عديم النفع. وحتى أسوأ.

يقول أحمد بو عزيز وهو أستاذ متقاعد في معهد الزراعة في الرباط ومن منطقة تافيللت لأنه في إطار مشروع المغرب الأخضر الذي أطلق سنة 2008، دعمت الحكومة تأسيس أراضي مزروعة بالنخيل وممولة من شركات زراعية، من رؤوس أموال أوروبية أحيانا، وهي التقطت كميات كبيرة من المياه الموجودة مخفضة بذلك الكمية الضرورية للواحات التقليدية.

 تصوير الأفلام الأجنبية لم يستطع أن يخرج سكان ورزازات من بؤسهم المستشري. ولكن هل كانت له تأثيرات إيجابية على إنتاج الأفلام المغربية؟

من الناحية الحسابية، لا توجد آلية لإعطاء جزء من ال100,000,000 المستثمر في الأفلام في المغرب لدعم الأفلام المغربية.  ميزانية صندوق المساعدة السينمائي المغربي لا تتخطى  60,000,000 درهم أي ما يعادل 5.4 1,000,000 يورو وتتوزع كل سنة على 15مشروع.  ولكن بدون تصوير الأفلام الأجنبية، لن يكون بالإمكان أن يتواجد هذا العدد الكبير من التقنيين الجيدين في المغرب، وفق ما يقول  السيد هلال الذي عمل كمساعد مهندس صوت في تصوير فيلم استيريكس وأوبليكس، مهمة كليوباترا.

على مدى عدة عقود، تدرب مسؤولون في مجال تصوير الأفلام ومساعدون لهم خلال أعمالهم في مواقع التصوير فأتقنوا كثير من المهن، الكاميرا والإضاءة والصوت والكهرباء والميكانيك والملابس والمكياج… بعد ذلك بكثير، تأسست مدارس للسينما في مراكش والرباط وورزازات وأصبح بإمكان التلاميذ إيجاد التدريب والعمل في الإنتاجات الأجنبية التي من المفروض أن توظف 25% من العاملين لديها من المغربيين إذا كان التصوير يحصل على أرض المغرب، ذلك من غير احتساب الممثلين الذين يظهرون في الأفلام. يؤكد عبد الحي لاراكي، وهو مخرج مغربي مهم، أنجز مؤخرا فيلمه العاشر أن “نتيجة ذلك، أصبح لدينا  تقنيين استثنائيين.  سأعطيكم مثلا على ذلك. فيلمي الأخير يتحدث عن حركة الاستقلال في المغرب. وجدت في وزارة زاد تقنيين قادرين  على خلق جميع المؤثرات الخاصة التي كنت بحاجة إليها، انفجارات وإطلاق نار من مدافع رشاشة وثقوب رصاص،كل ذلك بشكل مباشر على موقع التصوير  على الطريقة القديمة ومن دون اللجوء إلى التقنية الرقمية.”

سكان يهددون بإزعاج التصوير

يعلق حمزة بن موسى، وهو مساعد عمليات متخرج من معهد السينما سنة 2011 على هذه المشهدية الجميلة بالقول: “في الحقيقة، هذه الإنتاجات الأجنبية لا تثق بك، فهي توظفك كتقني من درجة ثانية. لكنك لست هنا للتنفيذ أو للترجمة. حاليا، أنا أفضل العمل في المسلسلات المغربية حيث أنا فعلا مسؤول عمليات. أنا أقبض 1200 يورو في الأسبوع.هذا جيد ولكننا هنا لسنا في فرنسا وليس عندنا نظام  التعويض. إذا لم أعمل، ليس عندي أي مدخول.”

تؤكد صوفيا علوي وهي مخرجة فرنسية مغربية تعيش في الرباط وعمرها 33 عاما وقد فازت بجائزة التحكيم في مهرجان ساندانس عن فيلمها الأول اميليانا على أقوال بن موسى كما يؤكد جميع المخرجين الشباب الذين التقيناهم. “عندما يأتي الأمريكيون ومعهم رزمات الدولارات، يرافقهم فريق عملهم. ثم يضعون في كل مركز تقنيا مغربيا. وهذا الأخير عنده المركز والمرتب ولكن ليس الوظيفة.  النتيجة هي أنه عندما أريد توظيف تقنيين، يكون لديهم متطلبات كثيرة وهم لا يستطيعون التكيف مع ميزانيات صغيرة.” إشكالية أخرى طرحها

بعض المتحاورين معنا، وهم أن التقنيين المغاربة البارعين ليس لديهم الوقت في أجندتهم المشغولة دائما بتصوير الأفلام الأجنبية. بالإضافة إلى ذلك، كلفة إيجار منزل صغير وجميل عالية جدا.”كنت أريد التصوير في رياض في فاس، استعمل سابقا في إنتاج أجنبي، فطلبوا مني خمسة أضعاف المبلغ الذي اقترحته”. هذا ما يقوله عبد الحي لا راقي.   هذا ما يحصل أيضا عند التصوير في المدينة القديمة بعد مرور إنتاج  هوليودي.  فكل شخص في الحي يطلب 100 دولار في اليوم وإلا سيزعج التصوير.  لا يستطيع الإنتاج المغربي دفع مثل هذه المبالغ.

 الرابحون الحقيقيون في هذا النظام هم المنتجون التنفيذيون المغاربة.   هل يساهمون بتطور السينما الوطنية؟  في المبدأ، هم ملزمون بذلك لأن المركز السينمائي المغربي يفرض عليهم إنتاج فيلم طويل مغربي كل أربع سنوات وثلاثة أفلام قصيرة لتجديد بطاقتهم المهنية. ولكن يقول السيد السعيدي انه في الحقيقة نحن نتساهل في ذلك، ولا نريد وضع العصا في العجلات أمام شركات تدر عشرات 1,000,000 اليورو في اقتصاد البلد. أما الذين يلتزمون، فهم يأخذون مساعدات المركز السينمائي الوطني ويفعلون ذلك بدون القيام بأي مخاطرة.  تقول ريم ماجدي، مخرجة شابة عمرها 33 عاما أخرجت ثلاثة أفلام قصيرة”منذ عشر سنوات، توجد سينما جزائرية مهمة جدا وسينما تونسية  في حالة تصاعد.  لماذا لا يستطيع جيلنا الانطلاق؟”

كأن الميزات التي يتحلى بها المغرب والتي جعلت منه أرضا تختارها الإنتاجات السينمائية الأجنبية  تحولت إلى عقبات  تمنع ازدهار الإنتاج الوطني

ترجمة بتصرف عن لوموند ديبلوماتيك

Visited 40 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة