حسابات الحقل والبيدر تلجم جموح التفاهم السعودي ـــ الإيراني
حسين عطايا
لم يدُم طويلاً شهر العسل مابين المملكة العربية السعودية وايران ، نتيجة التفاهم الذي تم توقيعه تحت الرعاية الصينية ، لسبب واضح ، هو ان ايران لاتلتزم بالمواثيق والاتفاقيات الدولية ، لا بل اكثر من ذلك ، لا تحترم توقيعها إذا كان لا يُناسب تطلعات ثورتها وتصديرها لازماتها للمحيط، فايران تعودت منذُ نشأتها على إثر ثورة ١٩٧٩ وانتصارها على حكم الشاه محمد رضا بهلوي .
ولهذا ، كانت السعودية حذرة بتعاطيها مع الاتفاق ومنذ اليوم الاول اعلنت على لسان وزير خارجيتها فيصل بن فرحات، مهلة الشهرين لجس النبض في صدق نوايا ايران ، مما دفع السعودية للتأخير في التحضير لفتح سفارتها وقنصليتها في كل من طهران ومشهد ، ولا زالت لليوم لم تأخذ قرارها بفتحهما ، بينما إيران كانت على عجلة من امرها في فتح سفارتها وقنصليتها في كل من الرياض وجدة .
لا شك بأن عدم تطور العلاقات على نحوٍ افضل نتيجة عدم وضوح الرؤية في تطبيق الاتفاق من الجانب الايراني والبطء في تنفيذ بنود الاتفاق ، لاسيما أن بنود الاتفاق في كل من اليمن وسوريا ولبنان لم تجد طريقاً لها على نحو يُريح الاوضاع في تلك البلاد ، لاسيما في اليمن على وجه الخصوص والتي تُشكل خاصرة المملكة والاقرب اليها .
لكل ذلك ، لم تتطور الامور التي كان من الممكن ان تنتج عن التفاهم ، وخصوصاً على مستوى التقارب مع سوريا والذي يتعرض للكثير من العراقيل من قِبل النظام السوري ، والذي يبحث عن تعويمه بالمال قبل ان يبدأ بالتطبيق، اي يُريد قبض ثمن اعمالٍ لم يقم بتنفيذها ، لهذا تفرملت كل التوجهات نحو نظام بشار الاسد والذي بُني بالاساس على مبدأ خطوة مقابل خطوة ، فتقدم العرب باتجاهه بينما هو ، اي النظام لم يقم بأي خطوة عملية تجاه العرب ، لابل اتت زيارة الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي ومن ثم زيارة وزير خارجية النظام السوري الى ايران وتصريحاته لتوتر الاجواء ، التي تحمل بين طياتها الكثير من النقد للعرب وكأنه هو واحة الديمقراطية والحريات والآخرين بلدان دكتاتورية .
كما ان النظام لم يقم بواجباته في منع تهريب الكبتاغون من خلال اراضيه ، خصوصاً ان النظام يعتمد في تعزيز رصيده من النقد الاجنبي واقتصادها على تهريب الكبتاغون، والذي يجري تصنيعه في ورش ومصانع تقع تحت إشراف وتوجيه الفرقة الرابعة الذي يقودها ماهر الاسد شقيق رأس النظام السوري .
كما ان الساحة اللبنانية لم تجد حلولاً ، بل ازدادت صعوبة نتيجة تعنت ذراع ايران في لبنان وعمله في إطالة امد الفراغ الرئاسي وعدم المساهمة في الوصول للتوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية بعد مايزيد عن تسعة لشهر من عمر الفراغ الرئاسي .
هذه الامور مُجتمعةً تقف عثرة في نجاح تطبيق الاتفاق كما تعنت ايران في سياستها الخليجية وممارساتها التي تُعتبر قرصنة في مياه الخليج على السفن التجارية العابرة وناقلات النفط التي تمر في بحر العرب ، مما لازال يُساهم في توتير الاجواء وقد زاد عليها مطالبتها في حقٍ لها في حقل الدرة النفطي والغازي الذي تتقاسمة كل من المملكة والكويت .
انطلاقاً من هنا يتأثر التفاهم بعواملٍ عدة تساهم عم تطبيقه والتوصل الى النتيجة التي كان يتوخاها الجانب السعودي وكذلك الراعي الصيني . باختصار ايران تأخذ ولا يُمكن ان تُعطي .