رياض سلامة والأربعين حرامي
حسين عطايا
قد لا يكون مصادفة ان يأتي رياض سلامة حاكماً للبنك المركزي ، بعد الطائف ، حيثُ تسلمت مافيا الحكم الجديدة مقاليد السلطة ، ليكتمل المشهد السلطوي بسلطةٍ مالية طيعة تُنفذ الاوامر ، بعد ان اذاقهم المر الحاكم السابق الآدمي ادمون نعيم الذي تمرد على منظومة فساد عانت من صلابة مواقفه وتعنُته بالدفاع عن حقوق اللبنانيين .
مع مرحلة السلطة الجديدة والتي كانت موعودة بالسلام الآت بعد حين ، اغدقت بصرف الاموال على المحاسيب والازلام والمحظيين ، واسرفت في المديونية ، فقامت سياستها على اساس الدين الخارجي وكانت مؤتمرات باري ١ وباريس ٢ وغيرها من مؤتمرات اغدقت الاموال على لبنان، وقامت بتنفيذ مشاريع قد تكون ضرورية ومُلحة ، لكن السؤال بقي مطروحا حول الكلفة والسمسرات والصفقات وكيف توزعت ومن استفاد منها .
ومن ثم اكملت مافيا المنظومة اعمالها الى ان جفت ينابيع الدين الخارجي ، مدت يدها على ودائع اللبنانيين فبدأت الدولة وادارتها الفاسدة تستكمل مشروع الصرف من دون حساب ، وتم تغطيتها من الحاكم المُدلل والذي حاز على جوائز عديدة كأفضل حاكم وغيرها ، الى ان بدأت بوادر الازمة تطل برأسها في العام ٢٠١١ ، ولكن بدل ان تتوقف المنظومة عن النهب المُنظم وتُخفف من الهدر وسياسة الاسراف ، استمرت وزاد الجشع اكثر مع دخول اطراف جديدة على السلطة حزب الله والعونيين حيث كانوا يختزنون جشعاً لنهب المال العام وحشد زبانيتهم في مراكز الادارة وجددوا لرياض سلامة من خارج جدول الاعمال ليستكمل سياسة النهب التي يُريدونها ، فكان بهلوانيات الهندسات المالية والتي استفاد منها العهد العوني واتباعه كما باقي عناصر المنظومة من جمعيات وشركات ومؤسسات وافراد وإعلاميين وضباط وقُضاة وخبراء اقتصاديين وغيرهم الكثير من المحظيين الذي كان سلامة يُغدق عليهم الاموال من ودائع اللبنانيين .
وبعد ان بدأت الدعاوى تنهال على سلامة من دول مثل فرنسا والمانيا ولوكسمورغ وغيرها ، استبسلت المنظومة الحاكمة بالدفاع عن مُحاسبها وامين صندوقها وحاولت بشتى الوسائل حمايته ، ويوم دنت فترة انتهاء ولايته في حاكمية مصرف لبنان إحتار بعض افراد المنظومة في كيفية استمرار حمايته والتجديد او التمديد له لكن ، حال دون ذلك عقبات قانونية لايُمكن لبهلوانيات رئيس السلطة التشريعية أن يُغطيها ولا رئيس السلطة التنفيذية ايضاً ، فرضخا للأمر الواقع ، وحاولوا ان يتكتموا على تقرير التحقيق الجنائي في مصرف لبنان من شركة” الفاريز اند مارسال ” ، إلى ان أتت العقوبات الامريكية على رياض سلامة وشقيقه وابنه ومساعدته واخرين وشارك فيها كل من بريطانيا وكندا ، وستكر السُبحة لدولٍ اخرى … حينها فقط وبسرعة البرق وبعد ان تعمدوا طويلاً السعي لاخفاء الحقيقة تم توزيع التقرير الجنائي من قبل وزير المالية الذي كان معارضاً من قبل حتى انه خالف قرار قضائي في تسليم التقرير المذكور ، كما ان رئاسة مجلس الوزراء وبسرعةٍ لافتة حولته الى رئاسة مجلس النواب والذي بدوره احاله الى النواب وانتشر بسرعةٍ فائقة غير معهودة ليس حُباً بأطلاع اللبنانيين عليه عن طيبة خاطر بل خوفاً من السيف المسلط على رقابهم من قبل وزارة الخزانة الامريكية والتي فرضت العقوبات على سلامة وحاشيته .
ومنها ، بدأت تتسرب لوائح المستفيدين من عطايا الحاكم بأمره من جمعياتٍ واعلاميين وخبراء اقتصاد ، كانت وظيفتهم فقط الدفاع عن سياسة سلامة وعدالة تعاميمه وشطارته المنقطعة النظير ، وكانت المفاجأة ان المحظيين من عطايا الحاكم جمعيات مرموقة تدعي العفة وعمل الخير وقضاة من المفترض ان يحكموا بالعدل ، وخبراء اقتصاديين يجب ان يكونوا يمتلكون حس المسؤلية في كشف الحقائق الاقتصادية ليس التعمية والتطييب على الطريقة اللبنانية، بينما إعلاميين كان عملهم فقط لتلميع صورة الحاكم وحسن عمله ونباهة قيادته للمؤسسة المالية في ظل الفراغ الرئاسي والازمات التي تضرب الكيان .
فعلاً الصدمة كبيرة لدرجة ان من كان حريٌ بهم الدفاع عن حقوق اللبنانيين يُصبحوا بمثابة الاربعين حرامي الذين يساعدون رياض سلامة على نهب المال العام واموال اللبنانيين المودوعة من قِبل المصارف في خزائن البنك المركزي .
والسؤال الان :
هل فعلاً من يُطبل ويُزمر من جمعيات تتحدث باسم المودعين ومسؤلين رسميين هم فعلاً يبحثون عن كيفية إعادة ودائع الناس او انهم من آكلة الجُبنة وشُركاء سلامة في القضاء على ودائع اللبنانيين وكلامهم للأستهلاك الاعلامي ليس اكثر .