نظام مشکوك في أمره وغير جدير بالثقة
حسين عابديني
لو قمنا بمقارنة بين الفترة التي سبقت التوصل للاتفاق النووي في العام 2015، وبين الفترة الحالية التي صارت الکثير من المصادر والاوساط تتحدث عن أن هناك ثمة مسودة للتوصل لاِتفاق وشيك، فإننا نجد أنه في الفترة الأولى کان هناك من يثق لأسباب وظروف ومعطيات مختلفة بنوايا النظام الإيراني، وبأنه سيلتزم ببنود الاتفاق ويتخلى عن إنتاج القنبلة النووية، لکن في الفترة الحالية وخصوصا بعد حمى إنتاج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، لايبدو أن هناك من يمکنه الثقة بنوايا النظام الإيراني من حيث تخليه عن مساعيه السرية المحمومة من أجل إنتاج القنبلة النووية، بل إن الذي يلفت النظر کثيرا والذي يجب أخذه بنظر الاعتبار، هو أن البلدان الکبرى نفسها لم تعد تثق بنوايا النظام ولاتثق بتخليه عن السعي من أجل الحصول على القنبلة النووية.
ماهو السبب أو بالاحرى الأسباب التي تجعل المجتمع الدولي لايثق بنوايا النظام الإيراني، ليس في مجال ملفه النووي فقط بل وفي مختلف المجالات الحساسة الاخرى؟ الحقيقة أن هناك أسبابا مختلفة نذکر البعض منها لتوضيح عدم الثقة العالمية بالنظام الإيراني، ومن هذه الأسباب:
ـ لقد تم إبرام اتفاقين نوويين مع النظام الإيراني، الأول بينه وبين وفد الترويکا الأوروبية في عام 2004، والثاني بينه وبين مجموعة دول 5+1، في عام 2015، وکما أثبتت الأحداث والتطورات فإنه لم يلتزم ببنود هاتين الاتفاقيتين وقام بخرقهما فقط، وإنما قام بتطوير مساعيه السرية باِتجاه انتاج القنبلة النووية.
ـ النظام الإيراني وخلال الفترات التي زعم فيها بأن هناك جناح اعتدالي إصلاحي يريد إجراء تغييرات وإصلاحات جدية في النظام، ولاسيما في مجال حقوق الإنسان والمرأة، والتعايش السلمي مع الآخرين، والالتزام بأمن واِستقرار المنطقة والعالم، لکن الذي جرى هو أنه خلال هذه الفترات تحديدا قد حدثت الکثير من الانتهاکات الفظيعة في مجال حقوق الإنسان، وارتفع عدد الإعدامات، حتى صارت إيران تقترب من أن تصبح الأولى في هذا المجال، کما أنه خلال هذه الفترات قد تم البدء في البرنامج النووي الإيراني والسعي السري من أجل الحصول على القنبلة النووية، إلى جانب أنه خلال هذه الفترات أيضا تم اِمتهان الکرامة الإنسانية للمرأة الإيرانية، عندما صدرت قوانين ضدها تحظر عليها العمل في العديد من المجالات، بالإضافة إلى منعها من تحصيل علومها الدراسية في العديد من المجالات، وکل ذلك لکونها إمرأة. لکن المثير للسخرية والتهکم أن هذا الجناح وبعد انتفاضتي 28 ديسمبر2017، و15 نوفمبر 2019 قام خامنئي بإقصائه وجعل النظام بلون واِتجاه واحد، وهو أمر أثبت کذب وخواء ليس مزاعم الاعتدال والإصلاح، بل وحتى معظم ما يتعارض مع النهج السياسي الفکري العام للنظام.
ـ في الکثير من اللقاءات الإقليمية والدولية، وبشکل خاص خلال هذه المرحلة وبعد انتفاضة 16 سبتمبر 2022، أکد النظام الإيراني على أنه يعمل کل ما من شأنه أن يساهم في اِستتباب السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، وأنه يرفض الدور والنشاطات الأمريکية فيها، لکنه وفي نفس الوقت کان ولايزال صاحب الدور والنشاطات المشبوهة الأکبر في المنطقة والعالم. ولذلك فإنه نظام مشکوك في أمره وغير جدير بالثقة!