كيف تخلص زعماء الأنظمة الشمولية من المقربين..”فاغنر” نموذجاً (حلقة ـ 1)

كيف تخلص زعماء الأنظمة الشمولية من المقربين..”فاغنر” نموذجاً (حلقة ـ 1)

حسين قاسم

رغم احتلالها الخبر الاول اعلامياً وسياسياً بالاسابيع الفائتة، فان قضية مقتل يفغيني بريغوجين زعيم مجموعة “فاغنر” الروسية ورفاقه، ستتوالى فصولاً، ليس فقط في القادم من الاشهر، بل ستمتد لسنوات مقبلة، ولا يُستبعد معها ان يذهب خيال المخرجين السينمائيين الى انتاج افلام عن تلك الظاهرة الفريدة، وفرادتها تكمن في تلك الخلطة العجيبة بين عالمي السياسة والمافيا، والميزة التي انفردت بها هي العلنية المُفرطة، بحيث ان دولة كبرى تتبناها تأليفاً وإشرافاً على انشطتها كأحد أذرعها الرسمية.

سبق ان شهد العالم مجموعات وعصابات، لا سيما في فترة الحرب الباردة، لكنها كانت تأخذ اسماء وادوار سرية مستقلة عن مُشغليها، او كانت تعتمد على اختراقات لتشكيلات تفرزها الصراعات السياسية والاوضاع الاجتماعية والاقتصادية في هذا البلد او ذاك، والالوية الحمراء مثال ساطع عل ذلك والتنظيمات الاسلامية الرديكالية بعدها، لكن الابرز كان اختراقات الجيوش النظامية التي أنتجت انقلابات عسكرية في العديد من البلدان وما زالت، هذه المسألة اشتركت بها قوى الشرق والغرب واعتمدتها لاحداث تغييرات سياسية في المجتمعات كبديل عن المساعدة في انتاج قوى شعبية تصل الى السلطة بولوج السُبُل الديمقراطية لاحداث التغيير في المجتمع، انما المفارقة بهذا الامر هي ان الغرب استسهل اعتمادها في المجتمعات الاخرى، بينما اعتمد الوسائل الديموقراطية لتطوير الحياة السياسية في مجتمعاته، اما الدول الشرقية اعتمدت هذه النماذج كوسيلة للتغيير عندها وعند غيرها، فترأست روسيا والصين وايران وما زالت هذا النهج اي النهج الشمولي العسكريتاري كاطار وهيكل جامد للحياة السياسية في تلك الدول وفي مناطق نفوذها.

ففي الصين لا يوجد تعدد أحزاب، بل هناك حكم الحزب الواحد وآلياته في تشكيل الحياة السياسية في المجتمع الصيني، وبالتالي فإنه مجتمع مغلق، لا يعرف الشعب الصيني آليات انتقال السلطة، ولا تعرف الشعوب الأخرى ما هي حقوق الإنسان الصيني وكيف يعيش ويبني حياته السياسية، لكنها تهرف أن هناك جاليات صينية منتشرة وتعد بالآلاف في البلدان المتطورة، تتعرف على تلك القيم الديمقراطية وتبنيها في حياتها، وتعمل على نقلها لبلدها، لكن ليس هناك حقيقة واحدة يتفق عليها الجميع، وهي أن الصين هي دولة الحزب الواحد، وأن القوانين التي يتم تنفيذها هناك هي ما يُمليه الحزب وتنفذه الحكومة وتطبقه الاجهزة.

اما في روسيا، جرى الاحتيال على عمليات التغيير حتى استقرت الحالة على حكم الشخص الواحد الاوحد، يُحيي ويُميت في آن، لا حسيب ولا رقيب، دون مكتب سياسي ولا لجنة مركزية. مما سمح بانتاج ظاهرة ڤاغنير، النموذج الفريد سواء في عالم السياسة او عالم المافيا، ثم كانت النهاية الدراماتيكية، دون تقييم او محاكمات، فان تلك النهاية لن تمر ببساطة كما يعتقد البعض.

ان تنبري مجموعة، كائنة من تكون، تعالعِّث في الكون فساداً وقتلاً ونهباً، لا لشركات او لاشخاص كما يجري بالعادة، انما لشعوب ولدول بأكملها على امتداد الكوكب، لن يمر دون تداعيات ولن تذهب اسراره في تفجير طائرة، فالصندوق الاسود ستتوالى فصوله تباعاً.

الحلقة الثانية نماذج شبيهة من أفعال الانظمة الشمولية

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين قاسم

ناشط وكاتب سياسي لبناني