الأسطورة النابضة لسالفادور أليندي.. خمسون عاما بعد غيابه

الأسطورة النابضة لسالفادور أليندي.. خمسون عاما بعد غيابه

كاركاسون – المعطي قبال

     في الحادي عشر من سبتمبر القادم، تكون قد مرت خمسون عاما على الانقلاب الذي أطاح بالرئيس سالفادور أليندي، وهو الحدث الذي بصم بالسواد القاتم تاريخ الأزمنة الحديثة. وقد رسخ هذا الانقلاب الذي منح خلاله الجيش لنفسه تفويضا مطلقا، رسخ ثقافة القتل العمد، حيث أدى إلى مقتل ما يزيد على 3197 شخصا، وكان من آثاره تقنين مسلسل التصفيات الاعتباطية بهدف التخويف.

   وحسب تقرير ريتيغ لعام 1991 بلغ مجموع القتلى 3197 شخصا، دون الحديث عن انتحار الرئيس أليندي واختطاف العشرات من المعارضين أو المنتقدين لسياسة بينوشيه. وكان لدور الولايات المتحدة الأمريكية ولأجهزة مخابراتها دور رئيسي في تنظيم وتسيير الانقلاب. ذلك أنه ولمدة 1000 يوم، ما بين 1970 و 1973، حاكت وبمباركة من إدارة نيكسون، وكالة المخابرات الأمريكية سيناريوهات للإطاحة بالرئيس أليندي، الذي باشر إطلاق ثورة اجتماعية وسياسية شعبية بمساهمة العمال والفلاحين وبقيادة الاتحاد الشعبي، الائتلاف الذي كان يجمع الاشتراكيين والشيوعيين.

   يتضح إذا من خلال هذه التجربة التي تزاوج فيها الأمل بالخيبة، وأخذ فيها الكابوس مكان الحلم بمجتمع متحرر أفضل، أن المسلسل الثوري عملية معقدة تتداخل فيها عدة اعتبارات وحسابات. ولم يرق لأعداء الاتحاد الشعبي الإجراءات التي أقدم عليها أليندي بتأميمه للشركات الكبرى، وقيامه بثورة زراعية. رأت أمريكا في هذه الخطوات قطيعة مع النموذج الليبرالي والتقرب من كوبا ذات التوجه الشيوعي. غير أن العديد من الشرائح الاجتماعية لم تساير التوجه الثوري الذي اقترحه اليندي الذي بالرغم من دعوته إلى تنظيم استفتاء حول المشروع الاقتصادي لم يخمد غضب المعارضين ولا رغبة الانقلابيين في الاستيلاء على السلطة. هكذا أطيح به يوم إعلانه عن قبول تنظيم الاستفتاء. وبدل مغادرة البلاد وجه آخر خطاب إلى الشيليين من قصر المونيدا الذي تعرض للقصف وبه وضع حدا لحياته. بعدها انهالت كماشة القمع على الشيليين رجالا ونساء ومن دون تمييز بهدف التخويف والترهيب.

   اليوم وعلى ضوء عدة تقارير طالب بها الكونغريس الأمريكي، نعرف الدور الحيوي الذي لعبته وكالة المخابرات الأمريكية في الإطاحة بسلفادور أليندي ودفعه إلى الانتحار دفاعا عن مصالحها الأيديولوجية والاستراتيجية.

منذ 50 عاما تغيرت الأساليب التكنولوجية للوكالة لكن الهدف بقي واحدا: الحيلولة هذه المرة دون إقامة نظام ديمقراطي سواء في إفريقيا، العالم العربي أو أمريكا اللاتينية. لكن إن نجحت الوكالة في الإطاحة بنظام أليندي فإنها لم تقدر على الإطاحة بأسطورته النابضة.

Visited 6 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".