المعارضة البيلاروسية وشرعية لوكاشينكو في الأمم المتحدة

المعارضة البيلاروسية وشرعية لوكاشينكو في الأمم المتحدة

د.خالد العزي

 كان مفاجئا خلال إنعقاد الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك أواخر الشهر الماضي، مشاركة وفدين متنافسين من بيلاروسيا. أحداهما رسميا برئاسة وزير الخارجية سيرغي الينك الذي يمثل مينسك، والآخر بقيادة سفيتلانا تيخانوفسكايا يمثل مجلس الوزراء الانتقالي الموحد للمعارضة، الذي طرح مواقف متعارضة تماما، إذ استخدمت تيخانوفسكايا منصة الأمم المتحدة لاتهام المنظمة بأنها “تقف إلى جانب النظام”.

وأدلت مينسك الرسمية والمعارضة بتصريحات متعارضة في نيويورك في  وتبين ذلك من خلال الخطابات الرسمية التي القيت من على منصة الأمم المتحدة ومن خلال المواقف التي اعلنتها المعارضة خلال اللقاءات الجانبية، فكلا الوفدين يتمتع بمستويات مختلفة من الشرعية بشكل أساسي. فأحداهما يمثل الرئيس الكسندر لوكاشينكو، والثاني يمثل مواقف الشعب البيلاروسي.

مشاركة المعارضة جاءت على هامش الجلسة، وشارك الوفد الرسمي في اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وخلال المناقشات المتعلقة بالنزاع في أوكرانيا، رفض سيرغي الينيك بغضب الاتهامات الموجهة إلى مينسك الرسمية، بعد المعلومات التي قدمتها المعارضة. معتبرا أن الاتهامات الموجهة ضد بيلاروسيا بـ”التواطؤ في العدوان” على أوكرانيا تبدو سخيفة تماما”. وقال انه “في العام الماضي جرت ثلاث جولات من مفاوضات السلام الروسية ــــ الأوكرانية على أراضي بلادنا”.

وأكد أنه “منذ الشهر الثالث من  2022، وجمهورية بيلاروسيا تستقبل  الفارين الأوكرانيين وجميع المواطنين الأجانب الذين يغادرون مناطق التوتر والقتال في أوكرانيا على أراضيها. ولديهم عمليا حقوقا متساوية مع مواطنينا”

والجدير بالملاحظة أن وفداً آخر في الأمم المتحدة كان ساخطاً أيضاً، ولكن للسبب المعاكس تماماً. فقد اكدت سفيتلانا تيخانوفسكايا في كلمتها خلال لقاء جانبي عقد على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة بعنوان “التهديد الذي يواجه استقلال بيلاروسيا والرد الدولي”: “كلما اعترف العالم بالقوى الديمقراطية البيلاروسية ودعمها، زاد الضغط الذي نمارسه على القوى غير الديمقراطية البيلاروسية. فهذا نظام غير شرعي وشرعيتنا هي لكون غالبية البيلاروسيين يدعموننا والديموقراطية سلاح نضالنا السلمي”.

اذن بدت تيخانوفسكايا غير راضية للغاية عن مستوى الدعم المقدم من المنظمات الدولية، والأمم المتحدة، لكونها لم تستخدم اي ضغوط ضد بيلاروسيا. ولا تتحدث المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، واليونسكو، واليونيسيف، ومنظمة الصحة العالمية علناً عن الأزمة في بيلاروسيا. وقالت أن الأمم المتحدة تقف إلى جانب النظام والاعلام الدعائي للنظام يستغل هذا. لقد فشل العالم لفترة طويلة في الاستجابة بشكل مناسب لتصرفات النظام، وظل النظام بلا عقاب. لا يجب أن يكون الأمر هكذا بعد الآن”.

من الواضح أن المعارضة في لقاءاتها على هامش اجتماعاتها مع الدول الغربية أطلقت الدعوات لمحاربة لوكاشينكو بشكل أكثر تأثيرا، وقد تمت مناقشة مشروع جواز سفر بديل جديد للبيلاروسيين الذين يعيشون خارج سلطة النظام ولا يردون العودة الى بيلاروسيا كي لا يقعوا تحت العقوبات بالوقت الذي سحب النظام مفاعيل تجديد الجوازات في الخارج. ويمكن ان  يحل اصدار جوازات المشكلة التي خلقتها مينسك، والتي منعت مكاتبها التمثيلية في الخارج من إصدار وثائق للمواطنين الذين لسبب أو لآخر، لا تريد استقبالهم في وطنهم.

وخلال جلسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف. اتُهمت المعارضة السلطات البيلاروسية بارتكاب أعمال قمع واسعة النطاق. حتى أن نائبة المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ندى الناشف دعت إلى تقديم المسؤولين عن هذه الانتهاكات “للمحاسبة من خلال إجراءات وطنية تستند إلى مبادئ الولاية القضائية العالمية خارج الحدود الإقليمية، بما يتوافق مع القانون الدولي”.

لكن مندوبة بيلاروسيا الدائمة لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، لاريسا بيلسكايا، ردت على كل الاتهامات، قائلة إن التقرير الذي قدمت فيه يستند إلى “مصادر غير موثوقة وتقييمات متحيزة”.

بالرغم من محاولة النظام مخاطبة العالم من خلال المنبر الرسمي بأن  نظامه قانوني وحقوقي، لكن المعارضة استطاعت باجتماعاتها ولقاءاتها  المختلفة من التعبير عن وجهة نظرها وشن هجوم على عدم شرعية النظام وعلى انتهاك القوانين الإنسانية وبالتالي وضعت نفسها في معارضة قانونية وجدية من خلال وجودها كبديل  للنظام الحالي المدعوم من روسيا.

 

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني